توقيت القاهرة المحلي 02:09:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عقيدة الأشجار

  مصر اليوم -

عقيدة الأشجار

بقلم - أمينة خيري

سيظل مشهد واجهات العمارات السكنية القديمة رائعة الجمال فى روما، والتى كان يجرى إعادة هيكلتها بالكامل فى منتصف التسعينيات، محفورًا فى ذاكرتى. الواجهة يجرى ترميمها بكل دقة وحرفية وكأنها أثر تاريخى، فى حين تجرى عمليات تعديل الداخل وتغييره تمامًا بمعايير بالغة الحداثة.. وستظل عمليات إغاثة الأشجار وإحاطة البعض منها بدائرة حديدية رفيعة حتى لا يتم تشويه منظرها لدعمها وعلاجها حاضرة فى الذاكرة. هذه «العقيدة» القائمة على التعامل مع الأشجار والمبانى القديمة ذات الطرز المعمارية التى لا يمكن استنساخها بهذه الروعة والجمال قوامها إيمانٌ مطلق بالجمال والأصالة، واعتبار الأشجار أولوية ودليلًا على الرقى والإنسانية وتغليب كفة الطبيعة على حساب الخرسانة.. هى عقيدة لا يتم زرعها فى الكِبر أو فرضها عنوة دون اقتناع..لماذا؟ لأنها عقيدة وليست سياسة أو اقتصادًا. والعقيدة فريضة. وأنا أفترض حسن النية فى اعتبار الأشجار قطعة خشب عليها أوراق خضراء. لماذا؟ لأن أجيالًا تربّت على احترام الخرسانة وتبجيلها، أما الشجرة، فنقتلعها على سبيل الابتهاج بانتهاء الامتحانات، ونحفر عليها اسمى شيماء وعلاء بسكين، ويتعلق بها الصغار على سبيل اللهو «البرىء»، وحين تموت كمدًا نعتبرها قطعة خشب وراحت.
ولا ينكر إلا جاحد أو حاقد الصحوة الكبرى التى تشهدها مصر فى مجال الكبارى والطرق، وهى الصحوة التى نقلتنا من غيبوبة الامتنان المزمن لنفق الأزهر (2001) وكوبرى أكتوبر (1969-1999) إلى اعتياد الاستيقاظ صباحًا على إنجاز جديد مبهر.. لكن أخذ الأشجار والطابع المعمارى فى الحسبان أيضًا أمورٌ بالغة الأهمية.. لماذا؟ لأن الحضارة ليست مجرد خرسانة، إنها خرسانة بروح وقلب وعقيدة وجمال ومعنى وقيمة. والجمع بين حركة البناء والتشييد العظيمة من جهة واللون الأخضر والطابع المعمارى المتميز الفريد الجميل من جهة أخرى ليس حرامًا أو مستحيلًا. وبهذه المناسبة، المقصود من اللون الأخضر هنا ليس الموكيت الأخضر بالغ القبح أو الزرع الذى يتم غرسه دون تخطيط مسبق فيلقى حتفه بعد أيام معدودة، أو زراعة جسم الكوبرى مثلًا، أو غيرها من الأفكار التى تبدو للوهلة الأولى جذابة لكنها غير مستدامة على الإطلاق. ولا يخفى على أحد أن كثيرين يبكون على أطلال الأشجار الكثيرة الكثيفة الغزيرة التاريخية الجميلة، التى تم خلعها فى العديد من المناطق، ما أفقد المناطق طابعها وظلالها وفوائدها البيئية الكثيرة، بالإضافة- بالطبع- إلى ذكريات عشرات السنين التى تم إلقاؤها فى مقلب الزبالة. نتفهم تمامًا الاضطرار إلى تهيئة الطريق لبناء كوبرى أو ما شابه، لكن أولوية دمج الأشجار فى التخطيط ليست واردة من قريب أو بعيد. والمؤكد أن بيننا خبراء فى كيفية البناء بأقل أضرار ممكنة للبيئة ولطبيعة المكان ومعماره.. لكن العقيدة غير موجودة.. ولماذا هى غائبة؟ لأن الثقافة المصرية منذ السبعينيات تم توجيه دفتها إلى أولويات أخرى لا علاقة للجمال أو للطبيعة بها. نأمل الخير فيما هو قادم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقيدة الأشجار عقيدة الأشجار



GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تنفي بشكل قاطع وجود أي تعاون عسكري مع إسرائيل
  مصر اليوم - مصر تنفي بشكل قاطع وجود أي تعاون عسكري مع إسرائيل

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تعود لدراما رمضان 2025 بعد غياب 3 سنوات
  مصر اليوم - هيفاء وهبي تعود لدراما رمضان 2025 بعد غياب 3 سنوات

GMT 02:13 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

دافيد دي خيا يغير موقفه من التوقيع إلى نادي ريال مدريد

GMT 23:13 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

بورصة الكويت تغلق تعاملاتها على ارتفاع

GMT 07:00 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

تعرف على موعد عرض مسلسل 'هوجان' لمحمد إمام

GMT 05:54 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير ساندويتش التركى

GMT 00:13 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

حسام حبيب يعلن تراجع شيرين عن اعتزال السوشيال ميديا

GMT 02:27 2020 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أحمد شوبير يستفز أندية الدوري برسالة مثيرة بسبب الأهلي

GMT 20:15 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مارتن سكورسيزي على أعتاب رقم قياسي بحفل "غولدن غلوب" 2020

GMT 03:36 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

نوسيلة إسماعيل تنفعل على أحمد موسى بسبب واقعة "إطلاق النار"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon