توقيت القاهرة المحلي 16:35:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحاجة لتجديد الفكر والنظام القانونى المصرى

  مصر اليوم -

الحاجة لتجديد الفكر والنظام القانونى المصرى

بقلم - نبيل عبدالفتاح

 الأنظمة القانونية الوضعية الحديثة كانت أحد أبرز مداخل تحديث وبناء الدولة المصرية، وتطوير العلاقات الاجتماعية، والارتقاء بها من نظام المكانة إلى الهياكل القانونية والإدارية . إن استمرارية الدولة المركزية ارتبط تاريخيًا بالقانون الحديث، الذى كان المدخل الأساس فى تطورها الرأسمالى وشارك فى هذه العمليات الاجتماعية المصريون والأجانب والشوام، فى جدل اجتماعى وثقافى تعددي، أسهم فى تكوين الثقافة الحديثة. الأهم أيضًا أن الأنظمة القانونية اللاتينية أسهمت فى تأسيس نظام قضائى حديث ومستقل يعتمد على استعارة التقاليد والأنظمة الإجرائية المستمدة من التقليد التاريخى الإيطالى والفرنسي، وتكوين الجماعات القانونية المصرية من القضاة المصريين الذين أسسوا تقاليد قضائية رفيعة المكانة فى إطار من الاستقلالية والنزاهة وحماية الحريات الأساسية للمواطنين . أدى القانون الحديث والانفتاح على الثقافة القانونية اللاتينية إلى تكوين الجماعة الفقهية فى هذا السياق التاريخي، ودورها الكبير فى تعريب المصطلحات، وشرح النظريات والمفاهيم وتطبيقاتها القضائية فى فرنسا أساسًا، وفى مصر. وفى هذا المجال نشأت جماعة المحامين، التى لعبت دورًا مهمًا فى الدفاع عن مصالح وحقوق المواطنين فى نزاعاتهم القانونية، ناهيك عن دورهم فى بناء الدولة. هذا الميراث التاريخى للقانون والدولة الحديثة والجماعة القانونية تعرض لعديد من المشكلات، على رأسها تضخم النظم القانونية، فى ظل انفجار تشريعي، وبروز بعض التناقضات داخل بعض القوانين، والأخطر تضخم بعض القيود المفروضة على الحريات العامة فى ظل التسلطية السياسية والدينية الداعمة لها، وعدم مواكبة التشريعات للتطورات النظرية والقانونية فى الأنظمة المقارنة . ثمة أيضًا تراجع فى بعض مستويات الصناعة والفن القانوني، وضعف مستويات البلاغة فى كتابة بعض الأحكام إذا ما قورنت بحالة الأدب القانونى والقضائى الرفيع، فى تاريخ القانون والقضاء الحديث. من ناحية أخرى تبدو الفجوات متسعة بين قانون الدولة، وبين الواقع الموضوعى ومشكلاته والأخطر شيوع إدراك لدى النخبة السياسية الحاكمة، وبيروقراطية أجهزة الدولة يتمثل فى أن حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية، يتم من خلال اللجوء إلى سن القوانين، أو من خلال تغليظ العقاب على بعض أشكال الخروج على أحكام القانون، وهو ما ثبت تاريخيًا عدم دقة هذا الفهم والاتجاه الإدراكى السائد، بل أسهمت بعض القوانين فى تزايد أشكال الالتفاف والخروج على القواعد القانونية فى عديد المجالات، لأن حل المشكلات يتم من خلال دراستها علميًا، وإيجاد الحلول التى تعالج أسبابها ومصادرها بأدوات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، أو من خلال تحديث الهياكل البيروقراطية والإدارية، وإعادة تأهيلها وتطويرها، اتساع الفجوات بين قانون الدولة وقانون الواقع، واللجوء إلى قوانين الأعراف والمجالس العرفية، باتت شائعة فى حسم بعض النزاعات بديلاً عن اللجوء إلى أجهزة تطبيق القانون وتنفيذه على نحو أدى إلى التأثير على هيبة قانون الدولة وأجهزة تطبيقه وتنفيذه، فى بعض المشكلات ذات «الوجوه الطائفية». من هنا تبدو الحاجة إلى ضرورة تجديد الفكر القانوني، من خلال تطوير برامج الدراسة بكليات الحقوق، من خلال اللجوء إلى برامج الدراسات القانونية فى أنظمة التعليم المقارنة فى أوروبا والولايات المتحدة وكندا، وأيضًا دراسة البرامج التعليمية فى كليات القانون فى الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة لمعرفة مواطن القوة والتطور فى هذه البلدان، أو الضعف واستصحابها فى إعادة صياغة برامج التعليم القانونى فى بلادنا. ضرورة تطوير برنامج للبعثات للحصول على الدكتوراه، أو ما بعدها لمعرفة الجديد فى المعرفة القانونية والتطبيقات القضائية.

إعداد لجان علمية من أساتذة قانون وقضاة بارزين للنظر فى الأنظمة القانونية الأساسية، ومشاكلها وكيفية علاجها تشريعيًا، فى ضوء الاتفاقيات الدولية المعولمة والتجارب القانونية والقضائية المقارنة، وذلك كى يواكب القانون المصرى أحدث التطورات الكونية فى هذا الإطار.

إعداد برامج لسفر القضاة المصريين فى رحلات علمية لمتابعة التطورات فى الأنظمة القضائية العالمية وتطبيقاتها والمبادئ الجديدة وخبراتها لاسيما فرنسا والولايات المتحدة-، وذلك لمواكبة الجديد النافع الصالح للتمثل والأخذ به ويتماشى مع ظروف واقعنا الموضوعي. من ناحية أخرى تطوير فى معهد الدراسات القضائية المصري، ودعمه بكل أشكال الدعم من قبل الدولة لأهمية الدور الذى يلعب فى التكوين والتدريب فى هذا الصدد، نحتاج لوصل ما انقطع كجزء من متطلبات تجديد الدولة وفكرها وقانونها وأجهزتها كى نجرى لاهثين وراء عالم يتجاوزنا.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاجة لتجديد الفكر والنظام القانونى المصرى الحاجة لتجديد الفكر والنظام القانونى المصرى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:00 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة
  مصر اليوم - الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 07:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار البنزين في محطات الوقود المصرية اليوم 11 نوفمبر

GMT 09:48 2024 السبت ,11 أيار / مايو

أفضل أماكن التسوق في جزيرة "سنتوسا"

GMT 05:29 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

مفاجآت بشأن تجديد عقد بن شرقي مع الزمالك

GMT 05:05 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرفي على طرق للتخلص من الطاقة السلبية في جسمك

GMT 22:35 2021 الأحد ,20 حزيران / يونيو

إيطاليا تسقط ويلز وسويسرا بقائمة الانتظار

GMT 06:55 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تعود لترتفع المعنويات هذا الشهر بعد معاناة صعبة

GMT 16:52 2020 الخميس ,23 إبريل / نيسان

شيما الحاج تدافع عن الطلبة المصرية حنين حسام

GMT 10:21 2020 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

فريد الديب يوجه رسالة نارية لمنتقدي "مبارك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon