توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شخبطة على جدران الذاكرة

  مصر اليوم -

شخبطة على جدران الذاكرة

بقلم - خولة مطر

لا يمكن إلا أن يكون الخبز من حق آخر منتهك حتى تعلو الصرخة فى الشوارع وتنقش العبارات على جدران المدينة المعتقة فى الظلم بأن الخبز حق أيضا.. والخبز هو مجاز وتعبير عن كثير من الحقوق الأخرى فعندما تكون الأرض تنبت زيتونا فالخبز هو الزيتون والبلح والنقط والقمح!

***

يرفع الكثيرون الخبز ويطرقون الطناجر معبرين عن امتعاضهم أو سخطهم لقوانين تأتى لتعالج هدرا وفسادا لم يكونوا هم، أى فقراء هذه الأرض ومتوسطو الدخل أو حتى طبقة التجار والصناعيين، قد سببوا ذاك الهدر أو ساهموا فى فساد تراكم حتى أصبح كالعفن ينهش فى جدران الحياة اليومية لتفاصيل حيوات البشر على هذه البقعة الممتدة جغرافيا وحضاريا وثقافيا المتقلصة بفعل القائمين عليها من شباب الجيل الصاعد جدا المستعجل جدا، أيضا ذاك الذى انتظرناه طويلا عندما حكم الشيوخ حتى هرموا وتساقطت أسنانهم أو أصابهم كثيرا من الخرف.. انتظرنا وانتظرنا وانتظرنا فجاء الشباب حاملى الآيباد المنغمسون فى متابعة التطورات على أجهزتهم الذكية جدا أيضا، فقلنا على الأرض السلام وفتحنا أذرعنا ملوحين أهلا أهلا بالقادمين الجدد، أولئك الذين انتظرناهم طويلا متصورين أنه قد حان زمن البشائر والعقول النيرة والتكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى.

***

جاءوا ناشرين للوعود، التين والعنب والتمر وطول السنين! فتساقطت تلك الوعود على رءوس البشر الفقراء منهم ومتوسطى الدخل أولا.. فلم تكن سوى خطط معلبة لرفع الدعم عن الخبز بأشكاله، عن الوقود وعن السلع الأساسية التى لم يعرف البسطاء من هؤلاء المهمشون أصلا سواها لقمة ليومهم المتعب... ثم أضافوا لكل ذلك حفنة من الضرائب ولسان إعلامهم «التطبيلى» يردد أن على المواطن أن يتحمل مسئولياته تجاه بلده واقتصاده ومستقبل أطفاله، وعلى الجميع أن يشمر عن السواعد فقد دقت ساعة العمل.. شعارات لطالما ضحكوا هم منها وعليها وحملوها مسئولية الإخفاقات التى مرت بها هذه المنطقة واحدة بعد الأخرى منذ عقود.. عادوا هم، الشباب المتعلم فى الغرب المتسلح بالتكنولوجيا ليعيد إنتاج تلك الشعارات البالية ويصبغ عليها بعض العبارات الحداثية والكلمات المقتبسة من لغات هى التى أنتجتها أصلا!

***

فجأة نام العرب فى مدنهم المعتمة من قلة الكهرباء أو سرقتها أو فساد القائمين عليها وقلة الماء والسيول تغرق البيوت وتنهى حياة البشر والحجر! واستيقظوا على حوار جديد لم يعتادوه بل لم يكن مسموحا لهم استخدامه.. فماذا يعنى أن يتحولوا فجأة من رعايا إلى مواطنين بين غمضة عين واستفاقة، وماذا يعنى أن على المواطن مسئوليات كبيرة وأن الدولة تغرق فى إفلاسها إذا لم يقتطع منه هو أو منها هى بعض مما يساهم فى صمود اقتصاد الدولة؟

***

استفاق العربى على ترقية لم يعهدها من قبل وهو تحويله فجأة إلى رتبة مواطن وأسعده ذلك للحظات ثم لم يستطع أن يقاوم أن يضحك حتى القهقهة فالتحول لتلك الرتبة المرتفعة تعنى أيضا أن يمنح الحق فى أن يراقب ويحاسب ويساهم فى رسم سياسات بلده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضا حتى لا ينفرد أحدهم بقرارات هى لا تعبر حقا عن تاريخ ومواقف شعوب هذه المنطقة ومصالحها الحقيقية..

***

استيقظ المواطن المستضعف لتراكم من السنين التى ساهمت فى تهميشه على قرع طبول «شد الحزام» وهو لم يعرف أين تبخرت كل تلك المداخيل المتراكمة فى لهث الأيام الطوال وهو يعرق من أجل خبز يومه وعياله.

***

لذلك لا تستغربوا أن يرفعوا الصوت عاليا ويرددوا لسنا ضعفاء بل أنتم من استضعفتمونا ولا تستطيعوا أن تمنحوا الواجبات فجأة دون حقوق وأن تحملوا المواطن «الغلبان» مسئولية كل ما حصل من هدر لميزانيات كانت توصف بالتخمة.

***

إنه العبث حقيقة فى زمن الشباب القادم الذين انتظرهم الجميع طويلا لإحداث ذاك التغيير المطلوب فى بلاد التين والعنب فكان ما كان وأصبحت الأمور تدار عبر ألعاب النينجا!

نقلا عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شخبطة على جدران الذاكرة شخبطة على جدران الذاكرة



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt