توقيت القاهرة المحلي 08:38:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خارج السور

  مصر اليوم -

خارج السور

بقلم - خولة مطر

هو يعرّف نفسه بأنه خارج السور، وطقس هذا الصيف أكثر صعوبة وتوحشا من أن يحاول أحدنا، أى الأصدقاء الهاربون من حرارة قاتلة لحضن الشجر وبعض الموسيقى وما بينهما، أن يتحمل طاقة السؤال «ماذا تعنى خارج السور؟» أو «أى سور هو؟» يتربع هو القادم من هناك حيث نحن الذين منذ سنين بعيدة اعتدنا على حرارة الصيف القاتلة أو ربما تأقلمنا أو عملنا جهدنا لنتكيف معها ونحسن مساحة حيواتنا المختلفة بمكيفات هواء تحول ذاك الطقس الخارجى إلى شئ من الآدمية.
• • •
لم يساهم هو بتعريف ماذا يعنى بخارج السور.. ولكثرة ما كان الطقس ساخنا كجهنم أو ربما هو أو هى لم تتمسك بالسؤال أو بأى شئ آخر محيط بنا.. فقط كوب من أى سائل مبرد حتى يطفئ لهيب هذا الصيف الجهنمى فى كل العالم.. لم يكن هو سعيدا بحديث الأصدقاء المتذمرين من حرارة الصيف، هو القادم من الخليج كما بعضنا الذى لا بد أن ينظر ببعض الاستغراب منهم جميعا عربا وعجما، بيضا وصفرا وبعض السمر من هذا التذمر.. فقد كان هذا الجهنم نصيب أهل الخليج لسنين طويلة وكأن الآخرين ينشرون صور المرح والفرح فى حضن الموج البارد... فجأة أصبحنا جميعا سواسية فى حضن غيض صيف جهنم!
• • •
عاد هو للحديث عن السور من هم خارجه وآخرون داخله والجميع يعيش السؤال «عن أى سور يتحدث هو؟».. فهناك كثير من الأسوار أو ربما لكل امرئ سوره أو حتى جداره.. بعد بعض الضحك والمزح وكثير من الأسئلة المثلجة بدأ هو فى تفسير كيف أنه خارج السور.. قال إن سنوات مرت وهو عازل نفسه أولا خوفا من الكورونا أو تحت تلك الإجراءات التعسفية التى فرضتها حكومات الكون وبعدها فتح الكون أبوابه تدريجيا ثم على مصراعيها.. حتى الآن لم يفهم كثيرون منا ماذا يريد هذا الفيلسوف الكاتب.. قال إن الأسوار كانت هنا قبل الكورونا حتى لا نحمل الجائحة مصائب فوق ما فعلت بنا من كوارث وأكثرها ألما فقدان من نحب دون أن نملك حتى وداعهم.. رحلوا فى أكياس سوداء فيما أكفاننا بيضاء! قال إن الأسوار كانت هناك معنا وربما بداخلنا حتى كشفتها تلك اللحظة التى قيل لنا فيها إن علينا أن ننعزل عن كل الخارج وأن نبقى داخل السور.. ربما هو سور البيت أو تلك الشقة المتواضعة أو الجحر فى حى الفقراء أو حتى سور النفس الداخلى بنا.. ذاك الذى نحمله أينما رحلنا وارتحلنا.. ذاك الذى لا يراه أحد ولكنه يحمينا أو يعزلنا عن الآخرين وليسوا جميعا أعداء أو مغرضين أو فضوليين بل كثيرا ما يكونون أحبة!
• • •
كيف تخلق سورا بينك وبين من تحب؟ سألوه الحاضرون أو ربما المحاور فى تلك المحاضرة الخاصة جدا.. فكان رده بسيطا كالماء «نحن نخلق الأسوار ونحن نزيلها» وحمل رواياته ولوحا بيده مودعا الحضور وهو فى طريقه نحو باب الخروج عندما استوقفه أحدهم أو ربما إحداهن التى امتلكت الجرأة لتقول له ليس من حقك الرحيل دون أن تعطى تفسيرا أوضح لتعبير أن تكون خارج السور أو حتى أن تكون داخله.
• • •
لم يكترث هو لكل الذين استوقفوه ولكن سؤالها وطريقتها المختلفتين دفعتاه للعودة ليس فى ذلك احترام أو تودد لها إنما لكونها استفزته بجرأة لم يعهدها هو الذى كبر على صور لنساء يحبهن جدا ابتداء من أمه حتى شقيقاته وصديقاته، ولكن فى كل الظروف كنا فى رأيه أكثر ضعفا واستكانة من أن يطرحن الأسئلة الحادة أو أن يواجهن رجلا مثله بكل ما حققه من شهرة.. وقف فجأة وقال ووجه نظراته الثاقبة نحوها هى بل ربما كل جوارحه ـ«أنا خارج سور كل البشر» توقف ربما لأخذ نفس أو انتقاء الكلمات أو ربما حتى لا تفهمه بشكل خاطئ «قبل كورونا كان هناك كثيرون خارج سور مجتمعاتهم الصغيرة أو حتى الواسعة وكان آخرون ينعتونهم بكل الصفات منها انطوائى أو مغرور أو معقد وبعد كورونا أصبح الأمر المعتاد أن نكون جزرا».
• • •
هى المراهقة فى الفكر وليس فى العمر لم يعجبها أو لم تكتفِ بالرد فاستوقفته قبل أن يتسرب من اللحظة التى كانت «ولكن كثيرا من الكتاب والمفكرين هم خارج أطر بيئتهم قبل كورونا وبعدها ومنذ المعلقات».. وأنهت جملتها بنصف ابتسامة خبيثة.. رد هو الابتسامة بمثلها أو ربما بكلها وليس نصفها وأنهى الحوار «أنا خارج السور!».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خارج السور خارج السور



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt