توقيت القاهرة المحلي 01:28:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حمار نافق فى الإبراهيمية!

  مصر اليوم -

حمار نافق فى الإبراهيمية

بقلم : عماد الدين حسين

  فى السادسة إلا الربع من مساء الجمعة الماضية «16 مارس»، كنت أركب القطار رقم 979 المقبل من أسيوط للقاهرة، فى المسافة بين مركزى سمالوط ومطاى بمحافظة المنيا، كان هناك حمار نافق تطفو جثته على مياه ترعة الإبراهيمية، المشهد مؤذٍ ومقرف ومحبط، ويعطى دلالة بأنه لا أحد يتابع أو يراقب أو يحاسب!!.

ولمن لا يعرف من الأجيال الجديدة فإن الإبراهيمة تصنف من أعظم مشروعات الرى، وأنشئت فى عهد الخديوى إسماعيل، وأطلق عليها اسم الإبراهيمية نسبة إلى إبراهيم باشا ابن محمد على الكبير، تأخذ مياهها من النيل عند أسيوط، وتنتهى عند أشمنت قرب الفشن بمحافظة بنى سيف، حيث تتصل ببحر يوسف المتجه إلى الفيوم، ويبلغ طولها 267 كم، وتروى أكثر من 2 مليون فدان بنظام الرى الصيفى فى المحافظات الثلاث.

الفضل فى وضع تصميمها وإنشائها يرجع إلى المهندس المصرى دويدار محمد باشا، الذى كان مفتشا لهندسة الوجه القبلى، وقد بدأ بإنشائها سنة 1867، واشتغل فى حفرها نحو مائة ألف نسمة بطريق السخرة (العونة) وتم افتتاحها عام 1873.

وإذا كانت مياه الشرب فى أنحاء كبيرة من المحافظات الثلاث تعتمد على الإبراهيمية بعد تنقيتها، فقد سألت نفسى إذا كانت المحليات مقصرة، أو مهملة، ألم يلفت نظر سكان المكان، أو غيرتهم، وجود حمار نافق فى مياه هذه الترعة الكبيرة، ألا يدركون خطورة ذلك، على صحتهم وصحة أولادهم؟!.

الإجابة معروفة لى سلفا، فالمشهد المتكرر الذى أشاهده منذ بدأت أسافر بطريقة منتظمة بين القاهرة وأسيوط عام ١٩٨٢ وحتى الآن ثابت لا يتغير.. فلاحات من القرى والمراكز المختلفة من الجيزة وحتى أسيوط يقومن بغسل الملابس والأوانى فى الترعة الإبراهيمية أو كل الترع المتفرعة من النيل، وأحيانا من النيل نفسه!!.

أما المشهد الأسوأ فهو تلال من القمامة والزبالة يتم إلقاؤها فى الترعة، وتختلط بالماء الذى يفترض أننا نشربه جميعا، باعتبار أن سكان القاهرة الكبرى ومحافظات الوجه البحرى سوف يتأثرون بذلك، إذا لم يكونوا هم أيضا يساهمون بجزء معتبر من تلويث هذا النهر العظيم.

هذه المشاهد المتكررة تعنى شيئا واحدا، أننا فقدنا كحكومة ومواطنين حتى حس الخوف على حياتنا، والغريب أن معظمنا يتساءل فى دهشة: لماذا زادت الأمراض المعدية والمتواطنة الناتجة عن التلوث مثل السرطان والفشل الكلوى، والالتهابات الكبدية بأشكالها المختلفة؟!!!، ولماذا نلقى بالزبالة فى النيل، ثم نلوم الحكومة على التلوث؟!!!.

المفروض أننا مقبلون على فترة غاية فى الصعوبة، حينما تبدأ إثيوبيا فى ملء سد النهضة، الأمر الذى سيؤدى آليا إلى نقص فى كمية المياه المتدفقة إلى مصر.

وإلى أن تنتهى فترة الملء التى لا نعرف سنواتها، سنتأثر إلى حد ما، ليس فقط خصما من حصتنا الطبيعية المتمثلة فى الـ٥٥٫٥ مليار متر مكعب، بل فى كميات أخرى كانت تأتينا نتيجة عدم وجود سدود كبرى فى إثيوبيا أو السودان، وبالتالى فالمنطق البسيط، هو أن نحافظ على كل قطرة ماء من مياه النيل، خصوصا أننا سنضطر إلى تحمل فاتورة كبرى لتحلية مياه البحر، ليس فقط لسد النقص المتوقع فى مياه النيل، ولكن لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان المتكاثرين، ولأغراض الزراعة والصناعة.

القصة ليست قصة قوانين، فى أحيان كثيرة، وأخيرا تم الإعلان عن تشديدها، لكن المسألة الجوهرية، هى أن يرتفع وعى الناس أولا ليعرفوا أن الموضوع لم يعد يحتمل التهريج، سواء بغسل الأوانى والملابس فى النهر أو إلقاء الزبالة، ومن المهم أيضا، أن يتوقف الجميع عن الإمساك بخرطوم طويل والرش أمام المنزل والمنازل المجاورة، وكأننا دولة المنبع التى يسقط عليها أكثر من 800 مليار مكعب سنويا!!!.

قضية إشعار المصريين بخطورة أى نقطة من مياه النيل قضية أمن قومى من الطراز الأول، وعلى الجميع أن يؤدى دوره فيها حكومة وشعبا ومجتمعا مدنيا.

نقلاً عن الشروق الفاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حمار نافق فى الإبراهيمية حمار نافق فى الإبراهيمية



GMT 01:21 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

طُوبَى للشهداء..

GMT 01:20 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

فرصة لن تتكرر

GMT 01:14 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

لا حل آخر في الخرطوم

GMT 01:11 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

خطورة ارتفاع الدين العالمي

GMT 01:08 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (١٤)

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:11 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

مدافع الأهلي ياسر إبراهيم يحتفل ببطولاته مع الفريق المصري

GMT 23:17 2020 الإثنين ,07 أيلول / سبتمبر

مؤشرا البحرين العام والإسلامي يقفلان على ارتفاع

GMT 01:16 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

مجد القاسم يطرح أحدث أغنياته الجديدة "أنا نادم" ‏

GMT 06:08 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

شريف إكرامي يرد على مدحت العدل

GMT 01:32 2020 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

فايلر طلب من مسؤلي الأهلي تأجيل قمة الدوري المصري

GMT 00:35 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

شيرين رضا أناقة ما بعد الخمسين بأسلوب بنات العشرين

GMT 20:29 2019 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ننشر الأسعار الجديدة لتذاكر النقل العام

GMT 23:41 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مؤشر سوق مسقط يغلق منخفضًا الثلاثاء

GMT 09:52 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon