توقيت القاهرة المحلي 00:00:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا لا يتعظ العرب من درس تدمير العراق؟

  مصر اليوم -

لماذا لا يتعظ العرب من درس تدمير العراق

بقلم : عماد الدين حسين

 مأساه كاملة ألَّا نتذكر دروس التاريخ، خصوصا إذا كانت قريبة جدا، ومأساة أكبر، إذا نسيت الدول والأمم وليس فقط الأشخاص هذه الدروس!.

أحد الدروس المهمة من الغزو الأمريكى البريطانى الهمجى للعراق فى ١٩ مارس ٢٠٠٣، هو أن بعض الحكومات العربية دعمت هذا الغزو لأسباب متعدده، ظنا أن إسقاط صدام حسين، سيحل كل مشاكلها، خصوصا السطوة التى كان يفرضها صدام على بعض بلدان الخليج، بعد غزوه العبثى والكارثى للكويت فى ٢ أغسطس ١٩٩٠.

المفترض أن الدول العربية التى دعمت احتلال أمريكا للعراق، اكتشفت بوضوح أنها هى الأكثر تضررا من الغزو.

إيران استفادت كثيرا من الغزو، والذى دفع الثمن فعليا بعد الشعب العراقى، هو دول الخليج، وبالتالى فإن السؤال المنطقى هو: ما الذى يدعو هذه البلدان إلى الاعتقاد بأن تشجيع أمريكا وبريطانيا على احتلال وتدمير سوريا وإسقاط الأسد، والسماح باستمرار التنظيمات الارهابية هناك، لن يؤدى إلى نفس النتيجة السابقة؟!

قبل الدخول فى التفاصيل أكرر مرة أخرى رأيى الواضح، وهو أن استبداد صدام حسين سابقا، كان سببا رئيسيا فى وصول الأمور إلى ما وصلت اليه، بل إنه هو السبب الرئيسى الذى ساعد الغرب على تدمير المنطقة لأهداف كثيرة منها إسرائيل، ونفس الأمر ينطبق على بشار الأسد.

لكن هناك فارقا بين مشاكل وأسباب يتسبب فيها ظلم حاكم واستبداد نظامه، وبين تسليم هذا البلد للأعداء كى يعيثوا فيه فسادا!!.

دول عربية فتحت قواعدها وأراضيها وبحارها وأجواءها لتدمير العراق وإسقاط صدام، والنتيجة النهائية أنه تم تسليم العراق على طبق من فضة وذهب مجانا، ليصبح محمية إيرانية تعيث فيها فسادا وسيطرة واحتلالا بكل ما تعنيه الكلمه من معنى.

والنتيجة الثانية هى تصنيع وتخليق داعش وأخواتها لتعربد فى كل المنطقة العربية تطرفا وعنفا وإرهابا وقتلا ووحشية، بل وتمتد جرائمها لبلدان كثيرة فى العالم، بما شوه كثيرا من صورة الدين الإسلامى السمح المعتدل والإنسانى.

بعضنا صدق نظرية الفوضى الخلاقة، وبعضنا صدق أن العراق سيتحول إلى واحة للديموقراطية بعد عدوان «المحافظين الجدد الصهاينة» له، لكن كلنا يعرف ماذا جرى للعراق، ليس أقله التهديد الكردى بالانفصال أو الإحساس من السنة بأنهم مهمشون، بل بانقسامات عميقة داخل الطائفة الشيعية نفسها، واحتجاجات شعبية مستمرة على الفساد والمحسوبية وغياب العدالة.
خرجت أمريكا من العراق، وسلمته لإيران، ولم تستفد من ذلك أيضا إلا إسرائيل، بعد أن ضمنت اختفاء احدى القوى العربية الكبرى التى كانت تسبب لها صداعا مستمرا بحكم حضارتها وثرواتها وجيشها الذى حرصت واشنطن على تفكيكه، الأمر الذى وفر ذخيرة بشرية لداعش وتنظيمات متطرفة كثيرة.

السؤال الذى يفترض أن تسأله البلدان العربية لنفسها، خصوصا الخليج، وهو:
الطبيعى أن العرب عموما ودول الخليج خصوصا خسروا كثيرا باحتلال العراق، ويحاولون جاهدين الآن استعادته من البراثن الإيرانية، والسؤال: لماذا يحاولون تكرار نفس المأساة مع سوريا؟!.

لا أقصد إطلاقا من كل ما سبق، ربط مصير سوريا بحاكمها بشار الأسد، لكن أتحدث عن خطورة الانسياق وراء اللعبة الإسرائيلية، بتدمير كل سوريا على غرار ما حدث فى العراق، وبعدها يتم الاستدارة لتكرار المأساة فى دول أخرى، قد تكون مصر من بينها، بل ولا يمكن استبعاد المخططات الرامية لتفكيك السعودية والجزيرة العربية بأكملها.

يا أيها العرب اختلفوا كما تشاءون مع الأسد، لكن حاولوا أن تساعدوا السوريين على التخلص منه وإحلال حكم توافقى حقيقى يخدم كل السوريين بدلا من أن يتم ذلك على يد أمريكا وإسرائيل.

عليكم أن تتعظوا مما حدث للعراق وليبيا.. وللأسف كل المؤشرات تقول إننا لا نتعلم، حتى من دروس الماضى القريب جدا!!

نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا يتعظ العرب من درس تدمير العراق لماذا لا يتعظ العرب من درس تدمير العراق



GMT 00:00 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ…

GMT 23:58 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

صلاح الدين بين الحقيقة والخيال

GMT 23:57 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

المسكوت عنه؟

GMT 22:38 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

هل سينتهي السرطان؟

GMT 22:35 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

المذبح والمجمع والعيد

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:11 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

مدافع الأهلي ياسر إبراهيم يحتفل ببطولاته مع الفريق المصري

GMT 23:17 2020 الإثنين ,07 أيلول / سبتمبر

مؤشرا البحرين العام والإسلامي يقفلان على ارتفاع

GMT 01:16 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

مجد القاسم يطرح أحدث أغنياته الجديدة "أنا نادم" ‏

GMT 06:08 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

شريف إكرامي يرد على مدحت العدل

GMT 01:32 2020 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

فايلر طلب من مسؤلي الأهلي تأجيل قمة الدوري المصري

GMT 00:35 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

شيرين رضا أناقة ما بعد الخمسين بأسلوب بنات العشرين

GMT 20:29 2019 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ننشر الأسعار الجديدة لتذاكر النقل العام

GMT 23:41 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مؤشر سوق مسقط يغلق منخفضًا الثلاثاء

GMT 09:52 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon