توقيت القاهرة المحلي 13:09:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الذين يلقون بأنفسهم فى التهلكة!

  مصر اليوم -

الذين يلقون بأنفسهم فى التهلكة

بقلم : عماد الدين حسين

فى الثامنة والنصف من مساء يوم الخميس الماضى، كنت أمر فى أحد شوارع وسط البلد، وفوجئت بمجموعة يقترب عددها من أكثر من عشرين شخصا، يصلون صلاة العشاء والتراويح فى أحد الشوارع المتفرعة من هذا الشارع، الذى توجد به عدة وزارات خدمية.
كنت متوضأ وفكرت للحظة أن أنضم إلى صلاة الجماعة، لكن لم أفعل لأن ذلك مخالف للإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، ومخالف للمنطق والعقل بل والدين فى هذه اللحظات.
المساجد تأسست وبنيت للصلاة فى الأوقات العادية، لكن غالبية دول العالم الإسلامى سنة وشيعة، وما بينها، أغلقوا المساجد وأوقفوا الصلوات الجماعية، خوفا من انتشار فيروس كورونا.
رأينا السعودية تغلق الحرم المكى، وسائر المساجد، ورأينا إيران والعراق تغلق غالبية الحسينيات. وفى معظم دول العالم تم إغلاق الكنائس والمعابد. إذن إغلاق دور العبادة ليس هدفه تعطيل العبادات، بل حفظ حياة الناس، تطبيقا لقوله تعالى «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة».
للأسف الشديد هذه القاعدة يخالفها بعض المسلمين والمسيحيين فى مصر، ويصرون على الصلوات الجماعية وكأنهم فى صراع مع الحكومة والمجتمع.
قبل أيام تحدت حشود واسعة من شيعة لاهور وكراتشى بباكستان القوانين واحتفلوا بذكرى استشهاد الامام على ابن أبى طالب. وهو ما يذكرنا مع الفارق بما فعله بعض أهالى الإسكندرية قبل أسابيع حينما تظاهروا ضد كورونا!!
سمعنا وقرأنا عن قيام أجهزة الأمن بإلقاء القبض على بعض من يصرون على مخالفة الإجراءات، ويقيمون الصلاة جماعة فوق السطوح أو داخل الشقق والبيوت، ولم أكن أفهم منطق هؤلاء، حتى قابلت مجموعة أعرف بعضهم، أصروا على إقامة الصلاة جماعة فى مكان عملهم بإحدى الشركات بالجيزة.
منطقهم أنه طالما أن الناس يتزاحمون فى وسائل المواصلات والأسواق، فما المانع أن يتزاحموا فى الصلاة، ويرفعون شعار: «يعنى هى جت على الصلاة عشان تمنعوها؟»!!!.
قلت لهم: البعض مضطر لركوب المواصلات حتى يذهب لعمله، أو يعود لمنزله، والبعض مضطر للذهاب إلى الأسواق سعيا وراء رزقه. لكن الله أعطانا عقلا ورخصة ألا نتزاحم فى المساجد أو أى مكان حفظا لحياتنا، ولن يقل أجر صلاتنا فى بيوتنا عن المساجد طالما نحن مضطرون، وحياة شخص واحد أهم عند الله من الكعبة المشرفة.
من سوء الحظ أن من ناقشتهم لا يدركون ذلك لدرجة أصابتنى باليأس، والمزعج أكثر أن هؤلاء ليسوا مسيسين أو مرتبطين بتنظيمات دينية، لكنهم مسلمون عاديون وبسطاء.
المتشدد والمتطرف أمره معروف، وهو يعارض الحكومة والدولة فى أى شىء لدرجة أننى أعتقد أن الحكومة لو اتخذت قرارا بفتح المساجد غدا، فسوف يعارضوه!!!.
أحد هؤلاء لا يعجبه قرار إحالة ١٢ شخصا إلى محكمة جنح أمن الدولة لإقامتهم صلاة التراويح أعلى سطح أحد المنازل بالقطامية، وفى نهاية كلامه يقول ساخرا: «حبس بسبب صلاة جماعة»!!.
كنت أظن هذا الشخص مستنيرا إلى حد ما، لكن خاب ظنى، واكتشفت أن هواه التنظيمى ومعارضته للحكومة تطغى على أى شىء، ولا تجعله ينظر إلى أن القرار للصالح العام، علما أنه فى حالة ارتفاع أعداد الإصابات، سيهاجم الحكومة أيضا ووقتها لن يسامحها لأنها فتحت المساجد مثلا.
بالمناسبة نفس الموقف الجامد، موجود لدى بعض الإخوة المسيحيين، وسمعت أن بعضهم تحايل بشتى الطرق، لكى يدخل ويزور بعض الكنائس من أجل الصلاة أو من أجل الحصول على «البركة»!!.
لا ألوم من يذهب إلى الأسواق سعيا وراء رزقه إذا كان مضطرا لذلك.
وأعرف النوايا الطيبة للذين يريدون الصلاة فى المساجد والكنائس، هذه الأيام. والمشكلة أنهم لا يدركون أنهم يضرون أنفسهم وغيرهم.
ولكن ألوم البيئة والثقافة المترسخة منذ عقود، التى أنتجت لنا عقليات تنظر إلى الطقس وهو مكان إقامة الصلاة وليس إلى الجوهر وهو الحفاظ على النفس أولا، والعبادة داخل المنزل.
نحن نحتاج أن نبذل جهدا كبيرا من أجل توعية المواطنين جميعا الذين لا يدركون خطورة الفيروس سواء كانوا لا يتباعدون اجتماعيا فى الأسواق أو أماكن العمل أو المواصلات، ومعهم الذين يصرون على الصلاة الجماعية لإقناعهم أنها تضرهم وتضر كل المجتمع.
نحتاج أن نشرح لهم مقاصد الشريعة ومقاصد الأديان عموما، وأنها نزلت من أجل صالح الناس وحفظ حياتهم، مثل هذه العقليات السطحية هى البيئة الخصبة التى يستغلها المتطرفون لاحقا لحشو عقولهم بأى شىء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذين يلقون بأنفسهم فى التهلكة الذين يلقون بأنفسهم فى التهلكة



GMT 09:47 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

مواسمُ الأعياد.. والقلوبُ الحلوة

GMT 09:43 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

بورصة التغيير!

GMT 09:40 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

فنى ثم فنى ثم بيتى!!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

القبطى الوحيد

GMT 09:35 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

صناعة البديل

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:23 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء
  مصر اليوم - طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء

GMT 23:13 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

القمر العملاق يزين سماء مصر في ليلة نصف رمضان

GMT 14:36 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

علي زين رجل مباراة مصر والدنمارك في ربع نهائي بطولة العالم

GMT 22:00 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أسوان يدعم صفوفه بالسيد فريد وعمرو رضا قبل نهاية الميركاتو

GMT 10:08 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

منتخب مصر لليد يكشف تفاصيل إصابة أحمد الأحمر

GMT 07:37 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

أجنّة سمكة قرش منقرضة أكلت أشقائها في الرحم

GMT 04:22 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

موديلات جمبسوت خطوبة للعروس العصرية تعرفي عليها

GMT 06:59 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تتغير الظروف في الشهر الاول عما كانت عليه مؤخراً

GMT 09:34 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يسأل عن 8 ملايين دولار مستحقة لمصر لدى الكاف

GMT 01:44 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

"بسنت" يتصدر مؤشرات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon