توقيت القاهرة المحلي 01:28:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس أدباً

  مصر اليوم -

ليس أدباً

بقلم - سمير عطا الله

ظلّ الراحل جلال أمين طوال عمره في مربع الاعتراض. ليس أبداً من باب: خالف تُعرَف، وإنما لقناعته العلمية بأن الأكثرية ليست بالضرورة على حق في جميع الأحوال، ولأن الانقياد الفكري هو شطط فكري أيضاً. ومما يُذكَرُ له في هذا الباب، عندما حدثت موجة من المديح والإعجاب في مصر والعالم العربي بالقاص المغربي الشهير محمد شكري، وذهب البعض آنذاك إلى مقارنة بين شكري ورائع السودان الطيب صالح، ثار غضب الدكتور أمين على المادحين والممدوح، وكتب (1999) في «وجهات نظر» مستنكراً رواية «الخبز الحافي»، وامتداح رئيس تحرير المجلة سلامة أحمد سلامة لها، ودعوته إلى تدريسها في المنهاج التربوي. وقال إن ترجمة الكتاب إلى عدد من اللغات لا يبرئه من العيب، ولا يحوّل نقائصه الكثيرة إلى مزايا «بل نحن نعرف أن مثل هذه الكتب يمكن أن تباع منها ألوف كثيرة، وأن تترجم إلى لغات كثيرة». ورأى أن السبب في ذلك هو الإباحية الخشنة، وليس المستوى الروائي. واستغرب أن يُصنِّف مفكرون مثل الدكتور سعد الدين إبراهيم «الخبز الحافي» على أنه من الفنون والآداب الليبرالية، فهي ليست سوى عرضٍ حاد لطفولةٍ مليئةٍ بالشظف والعذاب والانفلات الأخلاقي. ويستخدم الدكتور أمين أوصافاً تتجاوز «البشاعة»، ليعبر عن امتعاضه من خلو الرواية من أي شعور بالندم، أو أي تراجعٍ عن حالةٍ مزريةٍ حفلت بالسلوك الوضيع معظم الأحيان.

يفترض أن جلال أمين كان في الغالب مع حرية الرأي والأدب الطليعي والرواية الواقعية، لكنه وجد أن محمد شكري لا ينتمي إلى أي شيء من هذا، وأن أعماله خالية من أي إبداع سوى الرسم الفظ لطفولة مأساوية بين مقابر طنجة وعلى شواطئها.

يشعر الدكتور أمين بصدمةٍ عميقةٍ من البرود الغريب الذي يقابل به محمد شكري البؤس الذي يتحدّث عنه أو يحاول وصفه، ويقول إن وصف البؤس عنده لا يجعل الرواية دفاعاً عن البائسين، بل هو ما إن يتحدثّ عن مشردةٍ (يستخدم تعبيراً آخر) حتى يبدأ في وصف جسدها. ويتحدّث عن ظلم والده وقسوته ومعاملته للعائلة على نحوٍ أشد قساوة من سلوك الأب، فهو لا يترك أمامه مجالاً لأي صفح، ولا يمنح هذا الصفح لأي من أشخاص الكتاب، بمن فيهم هو نفسه.

على أن الخطأ الأكبر بالنسبة إلى هذا الناقد الباحث أبداً عن الإنسان والأخلاقيات هو مقارنة «الخبز الحافي» بـ«موسم الهجرة إلى الشمال»؛ كان يمكن في أسوأ الحالات امتداح أدب محمد شكري من دون الجمع بينه وبين ألمعيات الطيب صالح. رحم الله الدكتور جلال أمين، لم يكن يرى إعوجاجاً إلا وحاول تقويمه.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس أدباً ليس أدباً



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:11 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

مدافع الأهلي ياسر إبراهيم يحتفل ببطولاته مع الفريق المصري

GMT 23:17 2020 الإثنين ,07 أيلول / سبتمبر

مؤشرا البحرين العام والإسلامي يقفلان على ارتفاع

GMT 01:16 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

مجد القاسم يطرح أحدث أغنياته الجديدة "أنا نادم" ‏

GMT 06:08 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

شريف إكرامي يرد على مدحت العدل

GMT 01:32 2020 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

فايلر طلب من مسؤلي الأهلي تأجيل قمة الدوري المصري

GMT 00:35 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

شيرين رضا أناقة ما بعد الخمسين بأسلوب بنات العشرين

GMT 20:29 2019 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ننشر الأسعار الجديدة لتذاكر النقل العام

GMT 23:41 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مؤشر سوق مسقط يغلق منخفضًا الثلاثاء

GMT 09:52 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon