توقيت القاهرة المحلي 16:28:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بريد الليل

  مصر اليوم -

بريد الليل

بقلم: سمير عطا الله

ثارت ضجة كبرى حول جائزة «البوكر» العربية التي أُعطيت هذا العام للروائية هدى بركات. موضوع الضجة والصخب الذي استمرّ لعدّة أسابيع، كان حول تسريب نبأ الفوز قبل إعلانه الرسمي. والجزء الآخر من الضجيج، كان على اعتراض الروائية العراقية إنعام كجه جي على منح الجائزة لمنافستها، لقناعة لديها بأنها الأكثر استحقاقاً.
رحت أنتظر لأيام كثيرة أن أقرأ نقداً حول الرواية الفائزة «بريد الليل» أو عرضاً موجزاً لها. لكن النقاد ظلوا مأخوذين بالجدل حول ما أحيط بالحدث، متجاهلين تماماً موضوعه الأساسي، أي الرواية والروائية وعملها الجديد. وأنا من قرّاء بركات وكجه جي معاً ولست مؤهّلاً لإصدار حكم نقدي مجرّد. كلتاهما تجيئان من تراث فكري مختلف وموقف إنساني واحد. الأولى تغرف من وقائع وآلام المنفى الذي نقل العرب شكواهم إليه. والثانية تنهل من غنائيات العراق وأحزانه ومواويله. الأولى بأسلوب حارق وحزين، والثانية بأسلوب غنائي وحزين أيضاً. وكلتاهما تعيشان في الغربة. أو على وجه الضبط، في غربة واحدة هي باريس. ولست أعرف كيف يمكن للإنسان أن يكون غريباً في مدينة مثل باريس وبلد مثل فرنسا ولغة مثل الفرنسية. ولكن الاستحالة الكبرى في هذه الحياة، أن ينفصل الإنسان عن الصرّة التي يولد فيها ويصرّ على إعطاء صفة الوطن للوطن الأم وحده. وقد عبّر عن ذلك في مطالعات استثنائية، الكاتب أمين معلوف الذي تجمعه بالروائيتين غربة باريس وصراع الهويات.
«بريد الليل» سرد في صيغة رسائل، لا يختلف إطلاقاً عن أعمال هدى بركات السابقة، وقد قلت إن أسلوبها حارق، لأنها تتوقّف كثيراً عند وقائع الحياة وضعف البشر. تتجنّب الإثارات المكرّرة التي نحت إليها بعض الروائيات الحديثات، لكنها تصوغ الرواية دوماً على شكل اعتراف ساخر من الذات ومن الآخرين أيضاً. فأبطالها دائماً خاسرون، ولكن من دون أن يثيروا أي نوع من التعاطف أو الحنان. إنهم متروكون للعَوم في عالم شديد القسوة، متسارع، ومتدافع نحو الهرب المعنوي من حالاته المادية والحسّية.
بعكس هدى بركات، تطلب إنعام كجه جي لأبطالها الترفّق والمحبة. إنهم خاسرون أيضاً لكنهم لا يريدون المواجهة. وبدل العَوم فهم يبحرون في حياتهم، يحملهم تيار مختلط من القسوة والرأفة. وإنني أخلص من هذه المقارنة إلى حالة شخصية كنت فيها قبل توزيع جوائز «البوكر» العربية وهي عدم القدرة على المفاضلة بين بركات وكجه جي. وأعرف أن هذا الموقف سوف يغضب السيدتين دون أن يرضي أياً منهما. لكن لا حلّ آخر أمامي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريد الليل بريد الليل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الأميرة رجوة تتألق بفستان أحمر في أول صورة رسمية لحملها

عمان ـ مصر اليوم

GMT 14:31 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

عبدالعزيز مخيون يكشف عن مكسبه الحقيقي من الفن
  مصر اليوم - عبدالعزيز مخيون يكشف عن مكسبه الحقيقي من الفن

GMT 13:05 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

تحذيرات من ربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع
  مصر اليوم - تحذيرات من ربط الحساب البنكي بتطبيقات الدفع

GMT 00:43 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

انتصار السيسي تطمئن على صحة الفنانة نادية لطفي

GMT 12:37 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

لاباديا يوضح تدريب هيرتا برلين كان تحديا كبيرا

GMT 08:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

وفاة رئيس الاتحاد الأوروبي لألعاب القوى

GMT 21:23 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

طلب غير متوقع من أسرة قتيل فيلا نانسي عجرم

GMT 05:44 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تعود إلى نشاطها الفني بعد مرورها بفترة عصبية

GMT 22:45 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المخرج الأردنى رفقى عساف عن عمر ناهز 41 عاما

GMT 22:22 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رد ناري من خالد الغندور على رئيس الزمالك

GMT 01:55 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مجوهرات ونظارات عصرية على طريقة نجود الشمري

GMT 21:25 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مي كساب تضع مولودها الثالث وتختار له هذا الاسم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon