توقيت القاهرة المحلي 03:00:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثورة والعظم

  مصر اليوم -

الثورة والعظم

بقلم: سمير عطا الله

كُتبت تفاصيل مجزرة 1958 في العراق في شهادات ومرويات كثيرة، خصوصاً قصة هرب رئيس الوزراء نوري السعيد في ثوب امرأة، ثم اكتشاف أمره بسبب حذائه الرجالي. وأجمعت الروايات على أن مهاجميه «قصَّبوه»؛ بدءاً بأعضائه الذكرية، قبل أن يعلقوا جثمانه المفرّغ على عمود كهرباء، انتصاراً للثورة المجيدة وقائدها الزعيم عبد الكريم.
هل كان هذا كل شيء؟ يبدو أن الثورات العربية لا تكتفي بالتقصيب. والقصّاب، كما هو معروف، هو اللحّام. فمن أجل أن تحقق الثورة أهدافها العظيمة، فلا بد من العظم أيضاً. ولذلك، دخلت التاريخ العربي برقية علي صالح السعدي الشهيرة: «اسحقوهم حتى العظم».
هل كان هذا كل شيء؟ عُرف عن الصحافي الفلسطيني الشهير ناصر الدين النشاشيبي صداقته للعائلة المالكة في العراق وتأييده «حلف بغداد»، الذي انقسم العرب حوله انقساماً شديداً. وبعد رحلة عمل في الأردن ولبنان وفلسطين، جاء ناصر إلى مصر وعمل في «الأهرام» و«أخبار اليوم»، ورئيساً لتحرير «الجمهورية»؛ جريدة الثورة.
كان ناصر بارعاً في كل شيء، متفوقاً في صنع العداوات في كل مكان. ووفق مذكراته الجذابة «الحبر أسود... أسود» صحيحها وأعذبها، على قاعدة «أعذب الشعر أكذبه»، فإنه طُرد من جميع الدول العربية، ولم يبقَ له سوى مصر. ثم عاداها وجلس في لندن وجنيف وباريس، يتأوّه على أيامها، ويكتب «مذكراته» عنها، وهي قائمة على قاعدتين: كم كان عبد الناصر يحبه، وكم كان محمد حسنين هيكل يكرهه ويغار منه.
توفي النشاشيبي في مدينته ومفخرته؛ القدس، عن 92 عاماً أمضاها في مصادقة الملوك والزعماء، ومن ثم في مهاجمتهم. لكن أكثر حملاته وأشدها تركزت على الصحافيين. ولم يترك صحيفة، أو صحافة عمل فيها، إلا وسرح في عدائها كما سرح من قبل في مديحها. وعمل في الديوان الأردني والجامعة العربية و«المكتب العربي» الفلسطيني. وحده الأخير نجا من قلم ناصر ولسانه وكرهه لكل من له نجاح وموضع وأسرة. والذين عرفوا مراراته يبررون له، أما الذين عرفوا مواهبه وجذوره وأصوله، فلا يسامحون.
في أي حال، تعرض ناصر خلال عمله في مصر لغيرة البعض وحسدهم، خصوصاً أعداء «حلف بغداد». وروى في «الحبر أسود... أسود»: «لم يمضِ أسبوع واحد على وجودي في القاهرة حتى دخل عليّ أحد محرري (آخر ساعة)... وفي يده مظروف... وكان المحرر المذكور قد عاد قبل ساعات من بغداد. وبحركة دراماتيكية، فتح المظروف بيده وأخرج قطعة من العظام البشرية. وصحت به صارخاً. ما هذا؟ فقال مقهقهاً: إنها قطعة عظم من جثة نوري السعيد».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة والعظم الثورة والعظم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
  مصر اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon