توقيت القاهرة المحلي 08:57:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حالة انطفاء

  مصر اليوم -

حالة انطفاء

بقلم : سمير عطا الله

عرف النصف الأخير من القرن الماضي موجات متنوعة من أفكار، أو عجائب الخروج على التقاليد. منها ظهور البيتلز بشعرهم المرخي على الكتفين وأغانيهم المبسطة وشعارهم التليد: «كل ما تحتاجه هو الحب». ومنهم الهيبيون، وخلاصة فلسفتهم الحشيش وعدم الاستحمام. ومنهم جماعة LSD الأميركية وشعارهم الحياة دوخة في النهار، وثلاث دوخات في الليل. وظهرت ثورة الجنس، وثورة غيفارا، وثورة الفن التشكيلي، والموسيقى البلاطية (من بلاط، أو لحن التبليط)، وازدهرت «الموجة الجديدة» في السينما.
ولم يكف الإنسان الضائع عن «البحث عن نفسه»، غير قانع بما تحقق. وبعد هزيمة النازية والفاشية، قوي حضور الشيوعية. لكنها ما لبثت أن أصبحت تقليدية، وظهرت لها فروع في التطرف: التروتسكية، والتيتوية، والماوية.
وكانت الأخيرة أشهر التقليعات وأوسعها انتشاراً. وصار من الرجعية أن تكون مجرد ماركسي عادي، مسالم وتقليدي. فـ«الموضة» تقضي بأن تدمر كل شيء، وأن تقتل المنحرفين الذين يحبون الموسيقى الكلاسيكية وألحان بيتهوفن وموزارت وقصائد بوشكين. ومن شهاماتها أن تبلغ الثائرة عن زوجها، والثائر عن أخته، والماوي الحقيقي عن أمه وأبيه.
وصارت الماوية نوعاً من المرتبة العلمية. أنت ماوي، يعني أنت مثقف. وكما أطلق الستاليون شواربهم المعكوفة دليل الإعجاب والوفاء، ارتدى الماويون الطقم الماوي الموحد، والشبيه بعمال الفبارك. ويجب الإقرار بأن هذا كان الشيء الوحيد الذي تأثرت به من إبداعات «التشرمان ماو». وتأثر القذافي من تعاليم ماو، بالاحتفاظ بغرفة دائمة من الممرضات. وفاته إنشاء كتيبة من المترجمات، لكنه تفوق على ماو، بكتيبة من الحارسات.
حتى جان بول سارتر، أشهر فيلسوف يساري في فرنسا، اضطر أن يعلن نفسه ماوياً، كي لا يتفرق المثقفون من حوله. وانضم إلى حركة مايو (أيار) الطلابية بصفته تابعاً من أتباع العنف، وليس قائداً فيهم.
عندما غاب التشرمان ماو، كان قد توفي قبل ذلك بعدة سنوات. انطفأت «الثورة الثقافية» في الصين، واعتدلت البلاد، وتضاءل نفوذ ماو وتخيلاته الدموية المضحكة. لا موجات غرائبية هذا القرن. لا هيبيون يدعون إلى عدم الاستحمام. لا أحزاب تنشق على نفسها. لا مثقف تاريخي مثل سارتر ينضوي في فكر كرنفالي مثل ماو.
طبعاً، لا تنقصنا الظواهر. لا اليوم ولا غداً. ولكن ليس بينها من يريد إنقاذ العالم بكتاب أحمر أو أخضر، أو من خلال اللجان الشعبية. التحدي اليوم هو أن يتمكن العالم من العودة إلى السكينة والهناء، والاستقرار والهدوء، ونعمة الصمت بدل الزعيق المريع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة انطفاء حالة انطفاء



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

الإطلالات البراقة اختيارات نانسي عجرم في المناسبات

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:54 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

أنجيلينا جولي رمز للأناقة والجاذبية
  مصر اليوم - أنجيلينا جولي رمز للأناقة والجاذبية

GMT 12:20 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

السعودية تعلق على مقترح بايدن لوقف حرب غزة
  مصر اليوم - السعودية تعلق على مقترح بايدن لوقف حرب غزة

GMT 23:34 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

سعر نفط خام القياس العالمي يرتفع بنسبة 0.7 %

GMT 03:46 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

تقرير يكشف أجمل المناطق السياحية في السعودية

GMT 15:14 2020 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

رجائي عطية ضيف "ابن مصر" على المحور

GMT 00:55 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

طلب بدرية طلبة يلمح لخطوبة منة عرفة وعلي غزلان

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الفنانة ديما الحايك تفتتح العام الجديد بثلاثة أعمال درامية

GMT 02:19 2019 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

جوهرة تحتفل بعيد ميلادها بالرغم من أزمتها الأخيرة

GMT 18:22 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 3 تلاميذ وإصابة 10 آخرين في حادث تصادم في الإسكندرية

GMT 12:31 2019 الجمعة ,05 تموز / يوليو

أفخم 10 منازل متنقلة يملكها المشاهير
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon