توقيت القاهرة المحلي 07:43:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طيار من المنوفية

  مصر اليوم -

طيار من المنوفية

بقلم : سمير عطا الله

عاشت مصر عبر تاريخها فى ظل ملوك كثيرين، كانت آخرهم سلسلة محمد على، التى بنَت الكثير من التاريخ الحديث. وعندما أُعلن إلغاء الملَكية عام 1953، دخلت النظام الجمهورى تدرب نفسها على مفاهيم حكومية غير مألوفة. وسرعان ما أخذ جمال عبدالناصر البلاد فى اتجاهه الثورى، مُقلّمًا من حوله جميع الآثار السابقة. وشيئًا فشيئًا، ألغى كل علاقة بالغرب مندفعًا نحو الشرق السوفيتى. وعندما غاب وخلفه أنور السادات، رفع شعارًا مختصرًا يقول إن 99 فى المائة من أوراق الحل هى فى يد «أمريكا». وأقدم على خطوة لا سابقة لها، فأعلن طرد عشرين ألف خبير سوفيتى، كان وجودهم يعبر عن مدى ارتباط مصر بالمنظومة الروسية. ثم ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، عندما طار إلى القدس وهو يمسح بمنديله العرق المتصبب من جبينه، ويصافح أركان الوجود الإسرائيلى واحدًا واحدًا.

لم يكن متوقَّعًا على الإطلاق أن يخلف أنور السادات رفيقه عبدالناصر. ولا توقّع أحد بالتأكيد أن يُقتل السادات على منصة 6 أكتوبر، ويخلفه نائبه، الفريق طيار حسنى مبارك. لا شك أن أكبر المتفاجئين بذلك الحد من القدَر المصرى كان مبارك، الذى يصفه عمرو موسى بأنه «منوفى بكل معنى الكلمة، ليس من السهل خداعه». ويضيف موسى أن مبارك «كان يتمتع بتوازن مبسّط للأمور: أمن الرئيس وبرستيجه وأمن الدولة داخليًا والتواصل مع الناس، وأن يظهر لهم على سجيّته». لقد قرر المنوفى «الحدق» ألّا يأخذ مصر إلى أى مكان. لا يسارًا ولا يمينًا. وأن يعيد إليها عافيتها بإراحتها من الشد والجذب والصراعات والخروج عبر الحدود. لذلك، يقول موسى: «ترك لمعمر القذافى التنقل على فرسه بين ممالك إفريقيا، ولم يقترب من فناء لبنان، مدركًا مدى حساسية الموضوع بالنسبة لسوريا». شرح «المنوفية» كما يعنيها عمرو موسى: الحذر أو التروِّى، فقد كان الرجل عسكريًا مثل أسلافه، لكنه اختلف بكونه طيارًا، شديد الحسابات، واسع الرؤية، ويحسب حساب الخسائر قبل حساب الربح. وطالما لفتنى فى متابعة الرجل أننى لم أسمعه مرة يخطب إلا من كلام مُعَدّ ومع الحرص البالغ على التحريك، فلا يسىء لفظ كلمة خشية أن يُساء فهمها. وبعدما أبحرت مصر لحقبة طويلة بين أمواج أمريكا وأمواج الشرق، سافر فى أنحاء العالم، محاذيًا للسواحل، متجنِّبًا مفاجآت الأعاصير.

ضَعُف حسنى مبارك أمام إغراءات السلطة. ومع الاستقرار الذى عاشته البلاد فى أيامه، صار مقتنعًا بأنه هو حل الاستمرارية، بل إن من بعده ابنه. وعندما يقع الطيار فى خطأ الحسابات وتغفل عنه كل دقته الماضية، يحدث السقوط. أو سمِّه «التنحِّى» كما أراد. لم يستطع البقاء منوفيًا حتى اللحظة الأخيرة.

نقلًا عن صحيفة «الشرق الأوسط»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طيار من المنوفية طيار من المنوفية



GMT 04:46 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

نيران صديقة فى مهرجان (كان)!!

GMT 04:43 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

بين احتجاجين

GMT 04:37 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

فى رحاب السيدة!

GMT 04:33 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

عبيد باليونيفورم

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 10:34 2021 الأحد ,04 تموز / يوليو

إصابة بيريسيتش نجم منتخب كرواتيا بكورونا

GMT 04:40 2021 الأربعاء ,31 آذار/ مارس

طريقة عمل جلاش ملفوف بالمكسرات

GMT 09:35 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

تصاميم فساتين جريئة من وحي لين أبو شعر

GMT 03:19 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

العلماء يحلون لغزا عمره 100 عام بشأن مرض "السرطان"

GMT 11:05 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يتحدى نابولي على كأس السوبر الإيطالي

GMT 15:58 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

شوبير يكشف سر استبعاد الشناوي من مواجهة الاهلي وبطل النيجر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon