توقيت القاهرة المحلي 20:35:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الملازم والمؤسس

  مصر اليوم -

الملازم والمؤسس

بقلم - سمير عطا الله

أليس مفاجئاً أن يأتيك خبر طيّب من ليبيا هذه الأيام؟ خلاصته أن البرلمان الليبي اقترع على ردّ الاعتبار للملك الراحل إدريس السنوسي الأول، فأعاد إليه الجنسية التي جُرّد منها، وإلى ولي عهده وأحفاده الحقوق المدنية والممتلكات التي فرّغتها منهم ثورة الفاتح من الزمن الجماهيري الشعبي الاشتراكي العظيم.
هذه أول مرة نعرف فيها أن الثورة التي قام بها مجموعة من الضبّاط حاملي رتبة ملازم، أقدمت يومها على تجريد مؤسس ليبيا الحديثة، وصانع وحدتها، من جنسيته. فالانقلاب في حدّ نفسه كان ظاهرة شائعة في العالم العربي آنذاك، ومنه الانقلاب العسكري بصورة خاصة، لأن وسيلته كانت الدبابات، التي لا يستطيع المدنيون اقتناءها في حدائق منازلهم. وكان الانقلاب الماجد منازلهم. وكان الانقلاب الماجد يسمي كل من سبقه عهداً بائداً. وهكذا، سمي أيضاً عهد إدريس السنوسي الذي قاد الحركة إلى الاستقلال والحرية والوحدة، وذلك الاستقرار المديد الذي انتهى بخروج الضباط من ثكناتهم. كان الانقلاب يقضي بحرمان الحاكم من سائر حقوقه، وإرساله إلى الإعدام، أو إلى السجن هو ورجاله وكل من معه، ومصادرة أملاكه وإسقاط اسمه من التاريخ، وإذا ما بقي حياً فإحالته إلى محكمة صورية سمجة عجز فرانز كافكا عن تصويرها.
الذي لم أسمعه من قبل أن موحّد ليبيا المستقلة قد جُرّد من جنسيته. ومن حسن حظه أنه كان عند وقوع الانقلاب يُعالج في تركيا. فلما تأكد له أن البلاد قد آلت إلى جمهورية القذافي، لجأ إلى مصر حيث مُنح حق اللجوء والإقامة المحترمة. ومنها أعاد إلى الدولة الليبية سيارتي مرسيدس كانتا معه، باعتبار أنهما ليستا ملكاً خاصاً له. ذلك هو الرجل الذي أطاحه ملازم، سوف يقال فيما بعد إنه يملك نحو 150 مليار دولار. وفي ذروة التهريج السياسي السوريالي، لم يتردد مرة في إبلاغ الشعب بأن راتبه الشهري هو 500 دولار. ووقف يومها الليبيون الذين هتفوا ذات يوم «لا للاستعمار». «يصرخون لا للاستحمار»، وهذا هو الهتاف الذي تردد في الأيام الأخيرة في شوارع المدن الجزائرية.
لا أدرى ماذا يُصيب العقلاء أيضا في لحظات الامتحان الكبير. لكن ونحن نرقب ونترقّب الأيام الحرجة والمخيفة في الجزائر والسودان، حدث أمران: في الأول كان ردّ الرئيس بوتفليقة على هذا البركان، أنه أصدر أمراً بإقالة مدير حملته الانتخابية. وفي الخرطوم أصغى المشير البشير إلى جموع الناس الذي يتحدّون أحكام الطوارئ، وأبلغهم أنه نقل صلاحياته إلى نائبه. لقد حلّت المسألة إذن في البلدين. في الجزائر كانت المشكلة تقصير مدير الحملة الانتخابية. وفي السودان كانت بكل وضوح، انتقال الصلاحيات من الرئيس إلى نائب الرئيس. واضح أن البشير الذي افتقر مؤخراً إلى الحلول، نَسَخ ما فعله الرئيس مبارك. وكما تأخر مبارك في فهم الحالة المتغيرة، تأخر هو أيضا.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع   

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملازم والمؤسس الملازم والمؤسس



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 12:24 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 08:45 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

برج الجوزاء تبدو ساحرا ومنفتحا

GMT 14:27 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تفسدوا فرحة ”الديربي“

GMT 18:30 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

قمة نارية بين ميلان ضد يوفنتوس في الدوري الإيطالي الأربعاء

GMT 11:36 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بارتوميو يعلن مشاركة برشلونة في بطولة كبيرة قبل استقالته

GMT 23:41 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

تطبيق جديد تستخدمه المرأة الحامل للعثور على مكان في المترو

GMT 03:22 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أسعار البيض في الأسواق المصرية الإثنين

GMT 06:41 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا تنشر صورتها بملابس السيدة العذراء

GMT 21:57 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

رمضان صبحي يفوز بجائزة لاعب الشهر في بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon