توقيت القاهرة المحلي 08:16:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مئويته حياً

  مصر اليوم -

مئويته حياً

بقلم - سمير عطا الله

اليوم يكمل هنري كيسنجر مئويته، وهو حيّ، يحتفل مع المحتفلين، ويحتفلون معه لا في ذكراه، كما هي العادة في المئويات. مائة عام، أو حول، أو قرن كامل بدأه لاجئاً هارباً من ألمانيا النازية، ثم جندياً مقاتلاً في الجيش الأميركي، ثم طالباً بالمنحة في هارفارد، ثم أحد أشهر أساتذتها، ثم مستشاراً للأمن القومي مع ريتشارد نيكسون، ثم وزير خارجيته.

نشر خلال مائة عام المقالات والمحاضرات والكتب. وكان يتقاضى 25 ألف دولار لقاء دعوة إلى الفطور. لا دقيقة من دون ثمن، وتقدّر ثروته بخمسين مليون دولار. سيرة نادرة بقدر ما هي حافلة. شريك في حروب أميركا وحرائقها، وشريك في سلامها.

وكل ذلك في تقارير أسطورية. ولما رأى في عز شهرته أن في إمكانه أن يضيف صورة ساحر النساء، رغم الملامح الناقضة، لم يتردد لحظة في اكترائها، عارفاً أن شيطان المرأة، والسلطة والمال الوافر من الشهرة، أو المتوفر منها.

يحدث دائماً أن نتخذ موقفاً غير موضوعي من سياسي ما، وربما أنني أخطأت في العند، خصوصاً عندما أقرأ كتابات زملاء معرفين مثل ممدوح المهيني، أحد خبراء الرجل ذي المائة، وفي رؤيتي ومتابعتي له، استندت إلى موقف مبدأي لا يتغيّر، هو دور البشر في حياة البشر. وذو المائة تعامل مع السياسة الخارجية مثل كثيرين غيره، وكأن لا بشر فيها، وإنما قنابل نابالم تحرق الأشجار والأطفال بالبساطة نفسها.

هذا لا يعني أن أعداء كيسنجر كانوا ملائكة. ولا ينسينا أن أحدهم كان الكمبودي بول بوت، الذي أراد أن يبيد بلاده لكي يعيد بناءها من جديد، مجتمعاً زراعياً ماركسياً تهفو له القلوب.

كان كيسنجر مؤسسة لا رجلاً. مؤسسة رقمية حديثة يستخدمها رجل من مدارس القرن التاسع عشر. رجل يفقد 13 فرداً من أهله في الهولوكوست، ولا يتردد في أن يوقِّع بنفسه على إبادات آسيا و«حقول القتل» فيها. عاش إلى المائة لا يندم ولا يعتذر. يدوِّن التاريخ كأنه يوميات خاصة. كان أهم ما حققه تلك المصالحة مع صين ماو تسي تونغ في عملية سرية تجاوزت كل «احتياطات» جيمس بوند. ولم يستطع أن يخفي مشاعره عندما توفيت غولدا مئير، فبكاها مثل الأطفال، ناسياً أنه وزير خارجية أميركا، لا إسرائيل. لكن أن «تكون مستشاراً للأمن القومي الأميركي، ووزيراً للخارجية الأميركية، ومفاوضاً لكبار الدبلوماسيين في العالم، وقد بدأت حياتك لاجئاً هارباً من ألمانيا»، فذلك ليس بالأمر اليسير. تلك مئوية حافلة حقاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مئويته حياً مئويته حياً



GMT 07:51 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

«عيد القيامة» و«عيد العمال»... وشهادةُ حقّ

GMT 07:48 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

فقامت الدنيا ولاتزال

GMT 07:45 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

حاملو مفتاح «التريند»

GMT 07:42 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

متى يفيق بايدن؟!

GMT 07:39 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

ممنوعات فكرية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

غادة عبد الرازق تنافس فى رمضان 2025 بمسلسل جديد
  مصر اليوم - غادة عبد الرازق تنافس فى رمضان 2025 بمسلسل جديد

GMT 20:19 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق بطولة المدارس الأولي للكرة النسائية في مصر

GMT 10:43 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

هاشتاغ ستاد القاهرة للرجال فقط يتصدر تويتر

GMT 00:51 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

موسكو تستضيف مهرجان مسرحي للصم بحضور فنانين من 9 دول

GMT 11:08 2019 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الزمالك يهاجم الأهلي بعد التعاقد مع محمود كهربا

GMT 20:37 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مديحة يسري وخلافها مع محمد فوزي بسبب قبلة

GMT 01:25 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بنات أحمد زاهر تثيران الجدل على السوشيال ميديا

GMT 05:56 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ثقافة القاهرة تتناول "موسوعة المشاهير.. الزعيم أحمد عرابي"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon