توقيت القاهرة المحلي 07:06:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات للرئاسة .. بلا سياسة

  مصر اليوم -

انتخابات للرئاسة  بلا سياسة

بقلم - أيمن الصياد

رغم كل عوامل الإثارة «الخبرية» في فيديو «الفيسبوك»، ما بعد منتصف ليلة السبت، لا أحد يعرف، أو بوسعه أن يقطع بما إذا كانت قوائم المرشحين «الرسمية» ستشمل أسماءً أخرى غير اسم الرئيس الذي «زكاه» ٥٣٥ من نواب «الشعب». ولكن كلنا نعرف قطعًا أنها انتخابات بلا سياسة، أو كادت أن تكون كذلك. وأن كل ما عدا ذلك يبقى في باب التفاصيل، أو بالأحرى الإجراءات القانونية «التي لا بد منها».

في التفاصيل أن محمد أنور السادات؛ البرلماني السابق، والسياسي المخضرم والذي كان قد أعلن في هذه الجريدة عن نيته في الترشح أعلن عدوله عن الترشح لأسباب عددها في بيانه. وسواء كنت تتفق مع الرجل أو تختلف معه، فأحسب أن الأسباب التي عددها في بيانه ليست مما يختلف عليه اثنان من المراقبين للموضوع.

ـ فهو تحدث عن حملات إعلامية «استباقية» تستهدف تشويه كل من ينتوي الترشح.

ـ وهو تحدث عن حملات «رسمية / حكومية» لجمع توقيعات لمطالبة «الرئيس» بالترشح.

ـ وهو تحدث عن حملات دعائية لإنجازات السيد الرئيس «قبل الموعد المحدد قانونا لبدء الدعاية الانتخابية»، وهو الموعد الذي تحدد له تاريخ ٢٤ فبراير حسب ما قررته الهيئة الوطنية للانتخابات.

ـ وهو تحدث بعد ذلك عن حقيقة أن الانتخابات تجري في ظل حالة الطوارئ، التي أعلن الرئيس عن مدها عشية الإعلان «رسميا» عن بدء إجراء الانتخابات الرئاسية.

ـ ثم أنه كان قد تحدث قبل ذلك عن كيف حيل بينه وبين التواصل مع نواب الشعب (في مجلسهم) ليعرض عليهم برنامجه الانتخابي «ليتسنى لهم تحديد موقفهم من تزكيته أو عدمها».

وفي التفاصيل أن خالد علي؛ المرشح الذي اكتسب شعبيته من دفاعه عن «مصرية» تيران وصنافير قد (أكرر: قد) يواجه بتفسيرات قانونية (أكرر: «تفسيرات») تحول دون قبول أوراق ترشحه، في حال نجحت حملته في جمع الـ ٢٥ ألف توكيل في الفترة المحددة.

وفي التفاصيل أن الفريق أحمد شفيق، والذي كان قد أعلن «تلفزيونيا» نيته في الترشح، تراجع عن قراره في ظروف؛ ما خفى من تفاصيلها أكثر مما نعرف.

وفي التفاصيل أننا (ليلة فتح باب الترشح وبعد  ساعتين من الإعلان «الحكومي الطابع» عن ترشح «الرئيس») استمعنا للفريق سامي عنان يعلن عن نيته للترشح، بعد «استيفاء» المتطلبات القانونية. ورغم ما بدا للبعض في إعلان «رئيس الأركان الأسبق» من ثقة، ومن مفاجأة في التفاصيل، فإن أحدا لا يمكنه أن يقطع (الآن)، بما إذا كان الأمر سيتنهي (رسميا) إلى أن نجد اسمه فعلا على قوائم الترشح أم لا. فقصة «اللواء» عمر سليمان مع «استيفاء» المتطلبات القانونية مازالت في الذاكرة.

***

والحال هكذا، وأنا أكتب هذا المقال عشية فتح باب الترشح، لا أعرف إن كان هناك من سينجح، (لا في أن يفوز في صناديق الاقتراع)، بل في أن يضع اسمه أصلا على قائمة المرشحين منافسا «للرئيس». ولكننا سمعنا الرجل الذي كان نائبًا لرئيس المجلس العسكري (الذي حكم مصر بعد ثورة يناير) يطالب علنا مؤسسات الدولة «بالحياد .. وعدم التحيز للرئيس» (!) لا شيء إذن تغير. أو لنكون أكثر دقة، يكفي أن تستمع إلى القائد السابق في القوات المسلحة، ثم تنظر حولك لتدرك أن هناك، على الأقل من يتصرف (أو يظن) أن لا شيء تغير: البرلمان (أو بالأحرى نوابه) يزكون «الرئيس». والحكومة التي من المقرر أن تجري الانتخابات، «تصفق للرئيس» حين يعلن ترشحه (!). والإعلام الرسمي (وشبيهه) يحتفي بإعلان «الرئيس»…. وهكذا.

الحكومة (التي ستجري الانتخابات) تصفق للرئيس «المرشح»

بعد سبع سنوات مما جرى في يناير ٢٠١١ من مطالبة بالتغيير، هناك من يريد أن يقول لنا: لا تحاولوا .. لا شيء تغير. كما أن هناك بين الناس للأسف من يظن (أو أدرك) أن لا شيء تغير. يكفي أن تنظر حولك. فلافتات «المؤيدين لكل رئيس» كانت مبكرا تملأ الفضاء. ورغم أن فترة الدعاية القانونية لم تبدأ بعد، فليس هناك من يحاسب على مخالفة. ففي مناخ «لا شيء تغير»، لن يكون هناك من يجرؤ على أن يفكر في محاسبة «الرئيس». أو حتى مؤيدي الرئيس. في مثل هذا مناخ، يظن البعض أن في «التأييد حصانة». أذكر أن أحدهم في الانتخابات الماضية، أقام برجا مخالفا على الطريق الزراعي، ثم وضع عليه بارتفاع المبنى كله صورة للسيد الرئيس. ففي التأييد حصانة، هكذا يظن البعض. أو هكذا تترسخ المفاهيم حين تسود ثقافة السلطة المطلقة، وتَحكُم دولة الرجل الواحد .. لا شيء تغير.

***

بغض النظر عن مفاجأة ترشح عنان، التي لا نعرف إلى أين ستنتهي، فواقع الحال أننا، بمقاييس التحليل السياسي بصدد انتخابات رئاسية، بلا حياة سياسية.

أو بالأحرى، ها نحن بصدد «عملية انتخابية» تغيب عنها حقيقة أن الانتخابات «الحقيقية» ليست مجرد صناديق اقتراع، بل مجال عام مفتوح يسمح ببلورة قوى سياسية «حقيقية»، وبنقاش عام «حر». وأخشى أن أقول إننا بعيدون تماما عن ذلك.

لا توجد حياة سياسية حقيقية.

عندما تعلم أن رموزا سياسية (كان بعضها من دعائم ما جرى في ثلاثين يونيو) يبعدون هواتفهم، أو ينزعون بطارياتها قبل أن «يتجرأوا» في الحديث في الشأن العام، فاعلم أن هذا مناخ لا يسمح بحياة سياسية حقيقية.

وعندما يُعاقبُ نائب لتجرؤه على ممارسة حقه النيابي في السؤال، وتمنع أجهزة أمنية اجتماعا لبرلماني آخر مع مواطني دائرته، فهذا مناخ لا يسمح بحياة سياسية حقيقية.

وعندما تلقي أجهزة الأمن القبض ذات يوم على عدد من شباب أحد الأحزاب الشرعية «والمشهرة قانونا» بتهمة حيازتهم لملصقات حزبية تدعو الناخبين للتصويت في اتجاه معين حين جرى الاستفتاء على الدستور (يناير ٢٠١٤). فهذا مناخ لا يسمح بحياة سياسية حقيقية.

وعندما نضطر إلى التذكير (بلا جدوى) بحقيقة أن الحزب حزب شرعي مشهر رسميا، وليس جماعة سرية مخالفة للقانون. وأن إبداء الرأي في الأمور العامة، ودعوة المواطنين إلى تبني هذا الرأى أو ذاك، ليس فقط من صميم عمل الأحزاب. بل لم تنشأ الأحزاب أصلا إلا لمثل هذا. فهذا مناخ لا يسمح بحياة سياسية حقيقية.

وحين يجري استنساخ السياسة الأمنية القديمة في تقويض التجربة الحزبية، بالاكتفاء بأحزاب كرتونية، وإجهاض التجارب الحزبية الواعدة؛ تفجيرا من الداخل أو تطويقا من الخارج (كما جرى مع أحزاب الدستور، ومصر القوية، و المصري الديموقراطي، والمصريين الأحرار .. وغيرها) فاعلم أن لا أحد في السلطة الحاكمة يريد حياة سياسية.

حين يستمرئ البعض ما يسميه أهل الاختصاص «التعسف في استخدام القانون». تقنينا للظلم. ليصبح القانون في نهاية المطاف هراوة للسلطة، لا أداة للعدل وإنصاف الناس. فهذا مناخ لا يسمح بحياة سياسية حقيقية.

وعندما يجري ما نعرفه جميعا من تأميم (أو تدجين) للإعلام، ليصبح «صوتا واحدا»، فهذا مناخ لا يسمح بحياة سياسية حقيقية.

في زمان غير الزمان، يحلم البعض بإعلام عبدالناصر، دون أن يدرك الحكمة فيما سمعناه من جداتنا أن «كل زمان وله أدان»، ودون أن يقرأ في التاريخ أن إعلام عبدالناصر الذي نعرف لم يمنع هزيمة يونيو (حين توافرت أسبابها). بالضبط كما لم يَحُل إعلام الصحاف، وحديثه اليومي الساخر عن «العلوج» دون سقوط بغداد.

نقلا عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات للرئاسة  بلا سياسة انتخابات للرئاسة  بلا سياسة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon