توقيت القاهرة المحلي 10:36:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حدث إعلاميّ لا سياسيّ

  مصر اليوم -

حدث إعلاميّ لا سياسيّ

بقلم-حازم صاغية

بمبادرة من صحيفة «بوسطن غلوب» قرّر 300 منبر إعلاميّ أميركيّ أن يردّ ردّاً موحّداً ومنسّقاً على دونالد ترامب. لقد هاجم «حرب ترامب القذرة» على الإعلام وتسميته الإعلاميّين «أعداء الشعب». وهو لم يُبد فحسب الخوف على الديموقراطيّة وعلى المادّة الأولى من الدستور التي تضمن حرّيّة الصحافة، بل ذهب أبعد، فعبّر عن الخوف على الحياة الشخصيّة للصحافيّين والعاملين في الإعلام. ذاك أنّ المستعدّين لتحويل الكلام الترامبيّ إلى واقع كثيرون بين المهووسين بترامب. وقد سبق، في هذا المناخ من استضعاف الصحافة، أن أقدم أحدهم على استهداف جريدة «كابيتال غازيت» في أنابوليس بولاية ميريلاند في نهاية حزيران (يونيو) الماضي. الاعتداء ذاك أودى بحياة 5 أشخاص.

جريمة ميريلاند لم يكن سببها «سياسيّاً» على الأرجح، لكنّ جريمة مماثلة، يكون سببها سياسيّاً، قابلة للحدوث في ظلّ الهجاء الترامبيّ المسنود ضمناً بتقليد شعبويّ عريق، يقيم في اليمين كما في اليسار، ويناهض «النخبة» و «صحافة النخبة».

لقد لجأ الرئيس الأميركيّ إلى لغة لينينيّة حين تحدّث عن «أعداء الشعب»، فيما لجأ الإعلاميّون إلى اللغة التي كانت تُستخدم إبّان الحرب الباردة في وصف العمليّات السرّيّة للسي أي آي: «الحرب القذرة».

والأمران معاً يصفان ترامب، ويصفان خصوصاً تلك النزعة الشعبويّة الراسخة التي ترفع المختلف في الرأي، أو في السلوك، إلى عدوّ، كما ترفع تسوية الخلاف معه إلى حرب، هي بالضرورة قذرة.

وهنا بالضبط تكمن أزمة التحرّك الإعلاميّ، والتي سبقتها أزمات عاناها الفنّانون والنساء حين تحرّكوا ضدّ ترامب. ولقد أشار عدد من المعلّقين، بمن فيهم مؤيّدون للتحرّك الأخير، إلى أنّ القاعدة الترامبيّة لن تتأثّر بعمل صادر عن «نخبة» عُهّرت ورُذّلت مراراً وتكرّس تصنيفها كعدوّ. لا بل قد يأتي تحرّكها ليؤكّد لتلك القاعدة الانقسامَ القاطع بين «أعداء الشعب» و «أصدقائه» ممّا يريد سيّد البيت الأبيض تعزيزه.

هنا لا يعود الانقسام دائراً حول المصالح والأفكار، ولا يعود الاعتبار العقلانيّ ذا وزن أو تأثير، وإلاّ لاستحال تماماً الدفاع عن سياسات الرئيس الأميركيّ ومواقفه. ذاك أنّ الانقسام القاطع (ولدينا في العالم العربيّ عديد الأمثلة عليه) يخدّر الوعي كما يفرز المواقف بين خانتي القداسة والدنس. في وضع كهذا تفقد المعلومة والخبر، فضلاً عن التحليل، القدرة التي ينسبها إليها التأويل الديموقراطيّ المألوف.

أغلب الظنّ، والحال هذه، أنّ الكارثة تغدو شرطاً أوحد للتغلّب على الكارثة. والمقصود هنا ضربة اقتصاديّة لا تُحتمل تتأدّى عنها سياسات ترامب، وتترك أثرها الفادح على حياة الجمهور الشعبويّ الذي يواليه. إنّه سيناريو الصدمات الكهربائيّة، أزماتٍ أو حروباً، التي توقظ من يكاد يموت من شدّة الفوات أو من قوّة الخدر.

إنّ ما باشرته «بوسطن غلوب» حدث إعلاميّ كبير. وهو قد يشكّل محطّة متقدّمة في إنعاش الصحافة التي تعطيها محاربة ترامب لها، ومحاربتها له، وساماً أخلاقيّاً رفيعاً، كما تجعلها أكثر راهنيّةً وضرورةً في البيئة المتقدّمة والنقديّة. مع هذا سيكون من الصعب أن يصير الحدث الإعلاميّ، في ظلّ المحنة بترامب، حدثاً سياسيّاً يعيد الديموقراطيّة الأميركيّة إلى صوابها.

نقلا عن الحياه اللندنيه 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدث إعلاميّ لا سياسيّ حدث إعلاميّ لا سياسيّ



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح

GMT 13:23 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"الخطيب" يدعو أعضاء الأهلي لحضور ندوته الرسمية في الجزيرة

GMT 02:07 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الدولار الأحد في السوق السوداء الأحد

GMT 17:42 2014 الجمعة ,15 آب / أغسطس

حدوث هبوط أرضي في حي الكويت في السويس

GMT 14:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب يطلب زيادة تذاكرة في مواجهة غانا

GMT 20:56 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إسبانيا تودع 2017 من دون خسارة وتحلم بنيل كأس العالم

GMT 10:06 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي يدخل السباق الرمضاني بمسلسل كوميدي

GMT 19:16 2015 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على سلحفاة ضخمة نافقة على أحد شواطئ بلطيم

GMT 23:56 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

الأميركية روفينيلي تمتلك أكبر مؤخرة في العالم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon