توقيت القاهرة المحلي 03:55:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصرف الصحي.. تجربة من أسيوط

  مصر اليوم -

الصرف الصحي تجربة من أسيوط

بقلم : زياد بهاء الدين

دعونى أشغلكم بالصرف الصحى لأنه موضوع مهم، وإن كان بطبيعة الحال غير جذاب، لذلك فلا يأخذ حظه الكافى من المتابعة الإعلامية، ولا يكاد يكون له ذكر على صفحات التواصل الاجتماعى.

دون دخول فى التفاصيل، أُذكركم بأن أهل القرية التى ليس فيها صرف صحى يعيشون فى جحيم على الأرض يؤثر على كل مظاهر الحياة والصحة والمياه والزراعة والماشية، كما أنه يكلف المنزل المتواضع عدة «كسحات» شهريًا لتفريغ الخزانات السفلية، لا تقل تكلفة كل واحدة منها عن ثلاثين جنيهًا فى قرى الصعيد، وأتصور أكثر من ذلك فى وجه بحرى.

وخلال العقود الماضية كان هذا الموضوع، ولايزال، يشغل الناس ويمثل لهم حلمًا بعيد المنال، خاصة أن البيانات الرسمية تشير إلى أن أكثر من ثلثى القرى المصرية محروم من هذا الحق الأساسى. وقد أكد السيد رئيس الوزراء ذات الأمر فى بيانه أمام البرلمان مطلع هذا العام بقوله إن 38% فقط من القرى المصرية بها صرف صحى، وإن المستهدف هو الوصول بنسبة التغطية إلى 60% بنهاية عام 2022.

فى قرية «الدوير» الوادعة بجنوب أسيوط، والتى منها عائلة والدى، عاش الأهالى ولا يزالون مع هذا الكابوس/ الحلم عشرات السنين. لماذا عشرات السنين فقط؟ لأن قبل ذلك كان عدد السكان فى الريف وتركزهم واستهلاكهم للمياه متناسبًا مع الاعتماد على الصرف «الطبيعى» فى آبار تحت الأرض ودون عواقب وخيمة. ولكن مع زيادة السكان وتركز الكتل السكانية فى وسط القرى ودخول مياه الشرب التى زاد معها الاستهلاك والصرف، أصبح الوضع مستحيلًا.

حاولنا كثيرًا فى «الدوير» وحاول المحافظون المتتاليون خلال العشرين سنة الماضية تحقيق هذا الحلم. تحدثت فيه مع الدكتور/ رجائى الطحلاوى فى نهاية التسعينيات، ثم مع اللواء/ أحمد همام فى مطلع القرن الحالى، ثم نجح اللواء/ نبيل العزبى بالفعل عام 2009 فى تنفيذ خط الطرد الرئيسى، ولكن لم يسعه الوقت لاستكمال محطة الرفع والخطوط الفرعية، وعاود اللواء/ إبراهيم حماد المحاولة ولكن فى ظروف الثورة فلم يكن التمويل متاحًا، واقتربنا من النجاح مع الدكتور/ ياسر الدسوقى حينما أقر تمويل بناء محطة الرفع، وطلب من الأهالى أن يتعاونوا فى توفير المكان اللازم فى وسط القرية (أقل من ألف متر مربع) ولكن لم ننجح فى الاستجابة لطلبه. أخيرًا علمت أن القرية جرى اعتمادها ضمن مبادرة «حياة كريمة» لكى تتمتع بالصرف بالصحى بمجرد قيام الأهالى بالتبرع بمبلغ خمسمائة ألف جنيه لشراء الأرض المخصصة لمحطة التجميع والرفع. وهذا تطور إيجابى للغاية، وأتمنى أن يتم التنفيذ سريعًا وينتهى هذا الكابوس.

مع ذلك سألنى بعض الأصدقاء حينما أخبرتهم بالموضوع إن كان من الطبيعى أن يقوم الأهالى بالتبرع لتنفيذ مشروع خدمة عامة، بينما المفروض أن يكون ضمن إنفاق الدولة ومما ندفع من أجله الضرائب. والحقيقة أن معهم حقًا فى السؤال والتحفظ، فهذا ليس وضعًا طبيعيًا، بل القانونى والمنطقى أن تنفق الدولة على الخدمات العامة فى كل أرجاء مصر من موازنتها ومواردها السيادية دون تحميل الناس أعباء إضافية. ولكن أقول لأصدقائى إننا أمام حالة خاصة لأنه لا شىء يوازى فى الأهمية دخول خدمة الصرف الصحى، وأدعوهم إلى تقدير حرص الأهالى فى الحصول عليها بعد طول الانتظار وحماسهم الجارف للمشروع واستعدادهم للإسهام ولو بمبالغ متواضعة فى نجاحه. وشخصيًا، أجد روح التعاون السارية فى القرية لإنجاح هذا المشروع مبعثًا للفخر. وأقول أيضًا للحكومة إن الناس لديها الوعى والمسؤولية والاستعداد للتضحية والتبرع حينما يكونون على ثقة بأن ما يجرى تنفيذه يحقق مصلحة حقيقية لهم وليس فيه شبهة فساد أو تلاعب.

والشكر واجب للسيد اللواء/ عصام سعد إبراهيم، محافظ أسيوط، ولكل مَن أسهم فى تحقيق حلم قرية «الدوير»، وتمنياتى لكل قرى مصر بالتمتع بالصرف الصحى فى القريب العاجل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصرف الصحي تجربة من أسيوط الصرف الصحي تجربة من أسيوط



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:09 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب
  مصر اليوم - دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب

GMT 16:33 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 21:30 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

"الهاموش" قصص إسلام عبدالغني عن دار روافد

GMT 12:38 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

8 إنجازات بارزة حققتها السياحة المصرية في 2019

GMT 00:54 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

6 أمراض قد تكون السبب في الشعور بالتعب المستمر

GMT 11:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مبيعات بلايستيشن 5 برو تتخطى التوقعات في اليابان

GMT 02:22 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

نوكيا تطلق رسميا هاتف Nokia G300 بتقنية 5G وأرخص سعر

GMT 11:42 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تراجع في الأسهم الأوروبية اليوم الأربعاء 6 أكتوبر 2021
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt