توقيت القاهرة المحلي 12:18:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نصائح للاستثمار

  مصر اليوم -

نصائح للاستثمار

بقلم : زياد بهاء الدين

لا أظن أن ثمة خلافًا على أن مستقبل البلد الاقتصادى واستقراره الاجتماعى مرهونان بقدرتنا على جذب الاستثمار الخاص فى مجالات إنتاجية ومستدامة ومحققة للتنمية. فلا الدولة قادرة على الاستمرار فى الإنفاق وحدها، ولا المعدلات الراهنة للاستثمار الخاص كافية، ولا المناخ الحالى سوف يحقق الطفرة المطلوبة.

الدولة - على لسان كبار مسؤوليها - تنظر للموضوع بقدر من التعجب: ألم نقم بتشييد بنية تحية من الطرق والكبارى والمحاور تساعد على جذب الاستثمار؟ ألم نصدر فى السنوات الأخيرة قوانين للاستثمار والصناعة تكفى لحل المشاكل القديمة؟ أليس تصنيفنا الائتمانى أفضل مما كان، بل أفضل من الدول المماثلة لنا؟ أين المشكلة إذن؟!.

المشكلة أن ما يشير إليه المسؤولون من تحسن فى البنية التحتية والتصنيف الائتمانى صحيح فى حد ذاته، ولكنه ليس كافيًا ولا حاسمًا فى عالم اليوم، لأن المستثمر لا يشغله إلا أمران: العائد المتوقع ودرجة المخاطرة القائمة. وفى هذا فإن لدىَّ أربع نصائح:

النصيحة الأولى تتعلق بالتشريعات الاقتصادية. ليس لدينا نقص فى هذه التشريعات ولا حاجة للجديد منها. وقد صدرت فى السنوات الأخيرة مجموعة قوانين تستهدف تحسين مناخ الاستثمار وتتماثل مع أفضل التشريعات العالمية. لدينا مع ذلك مشكلة كبيرة ومزمنة منذ سنوات طويلة بسبب الفجوة بين القوانين وتطبيقاتها العملية. ولهذا فالمفيد، بدلًا من النظر فى تشريعات جديدة، هو أن تضع الحكومة طاقتها واهتمامها فى حوار مع القطاع الخاص والمتخصصين لتفعيل قوانين الإفلاس، والتراخيص الصناعية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والاستثمار، وغيرها من القوانين التى صدرت مؤخرا ولم تُحدث فارقا ملموسا.

النصيحة الثانية بشأن الضرائب وتكلفة القيام بالأعمال. واسمحوا لى هنا بوجهة نظر مغايرة عما هو سائد، وهى أن سعر الضريبة فى مصر لا يزال، وحتى بعد الزيادات الأخيرة، غير مرتفع مقارنة بالعالم وبالمطلوب. ضريبة الدخل لا تزال 22.5%، وهى نسبة قليلة، وضريبة المبيعات 14% وهى ليست مرتفعة، والضريبة العقارية أقل من المعدلات المعروفة عالميًا. ولكن يقابل ذلك أن المستثمر يعيش فى عالم متغير وغير محدد المعالم من الرسوم والتكاليف والزيادات والمفاجآت التى تشكل عبئا كبيرا عليه وتحيطه بهالة من الغموض والترقب طاردة للاستثمار.. لذلك فلا بأس أن تزيد الحكومة من الضرائب إذا شاءت، وأن تجتهد فى تحصيلها من المتهربين، ولكن يلزم الحد من التكاليف والرسوم التقديرية أو غير المتوقعة حتى يمكن توفير مساحة من اليقين.

أما النصيحة الثالثة فهى ضرورة تحديد دورة الدولة فى النشاط الاقتصادى. وأكرر ما كتبته من قبل، بأننى لست من دعاة انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادى، بل أرى أنه دور ضرورى، خاصة فى المجالات الاستراتيجية والتنموية، أو التى تحتاج موارد خاصة أو فترة زمنية طويلة لا يقدر القطاع الخاص عليها. ولكن ما نحتاجه هو التحديد والوضوح، بمعنى أن تعلن الدولة مسبقا عن المجالات التى تنوى الاستثمار فيها والمشروعات التى تهمها وعن وسائل شراكتها مع القطاع الخاص، بحيث تكون الحدود واضحة والأدوار معروفة. وهذا يتيح للمستثمرين معرفة أى مجالات يمكن التعاون أو التنافس فيها مع الدولة وأيها متاح لهم دون مزاحمة من الدولة.

وأخيرا، فإن ما سبق يحتاج لكثير من التعاون والتفاهم مع القطاع الخاص، وحوار يستهدف التعرف على مشاكله الفعلية والحلول المقترحة من جانبه وأوجه الشراكة الممكنة. عندنا فى مصر حساسية مفرطة من هذا الموضوع خوفًا من أن يؤدى إلى سيطرة رجال الأعمال على اقتصاد البلد أو استغلال قربهم من الدولة أو تقنين الفساد المستتر. ولكن التعامل مع هذه المخاوف لا يكون بغلق باب الحوار وإنما بالتحقق من أنه حوار مع كل أطراف القطاع الخاص، رجاله ونسائه، الكبار منه والصغار، المصريين والأجانب فى العاصمة وخارجها. لدينا فى مصر عشرات من جمعيات الأعمال المنتشرة فى كل المحافظات، والممثلة لكل الأنشطة، ويمكن الاستفادة منها والبناء على خبراتها، ولدينا اتحادات للصناعة والتجارة، أعضاؤها بالملايين، وكلها قنوات جيدة للحوار الاقتصادى بعيدا عن الصخب الإعلامى والبرلمانى وعن سيطرة أصحاب النفوذ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصائح للاستثمار نصائح للاستثمار



GMT 16:40 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

راحة الإدلاء بالرأي... من دون مشقة التفكير!

GMT 16:39 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

حروب الشرق الأوسط

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

خواطر حول الوطن والإنسان

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

كريم عبدالعزيز ومواصفات السوبرستار

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

وماذا عن عيد الأب؟ «1»

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon