توقيت القاهرة المحلي 13:17:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى

  مصر اليوم -

مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى

بقلم:زياد بهاء الدين

أكدت تصريحات رسمية وإعلامية أخيرة تَقدُّم المفاوضات مع صندوق النقد الدولى، بهدف التوصل إلى اتفاق جديد لمساعدتنا على مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. وقد صرح رئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب بأنه يتوقع نجاح المفاوضات قريبا وحصولنا على قرض يتراوح بين ٥ و٧ مليارات دولار قبل نهاية العام.
مجرد ذِكر اسم الصندوق يثير فزعًا وتوجسًا من «أجندة» سرية تجلب موجة جديدة من ارتفاع الأسعار على نحو ما حدث فى ٢٠١٦.. ولكن من جهة أخرى فإن العديد من الخبراء والمتخصصين يؤكدون أن الاتفاق المرتقب مع الصندوق هو المخرج الوحيد من أزمتنا الراهنة، ودونه فلا أمل.

لهذا اسمحوا لى فى هذا المقال بطرح بعض الأفكار عن علاقتنا بالصندوق ودوره بشكلٍ عام لكى لا تختلط الحقائق بالأساطير، لا مدحًا ولا قدحًا.

أما عن «الأجندة» السرية، فإن تطورًا كبيرًا طرأ على المنظمات المالية الدولية عمومًا - منها صندوق النقد - خلال العقود الماضية، وخاصة فى أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتى وتحول غالبية الكتلة الشرقية إلى الاقتصاد الحر والديمقراطية.

من بعدها، صارت هذه المنظمات أكثر وضوحًا وشفافية فى تعاملاتها مع الدول المقترضة، لهذا فما يتوقعه صندوق النقد الدولى من مصر ليس سرًا، بل أمر معلوم ومنشور فى بياناته الرسمية وعلى صفحته الإلكترونية، وآخرها تقرير مجلس مديريه الصادر الأسبوع الماضى (٢٦ يوليو ٢٠٢٢)، حيث أكد ضرورة قيام مصر بتطبيق «سياسات إصلاحية أكثر عمقًا من أجل تمكين القطاع الخاص من النمو، وتحسين الحوكمة، وتقليص دور الدولة».

وهذه التوجهات العامة لا تزعجنى شخصيًا، لا من جهة تشجيع القطاع الخاص، ولا إضفاء المزيد من الحوكمة والشفافية فى إدارة شؤوننا الاقتصادية، ولا الحد من الدور الذى تقوم به الدولة.. المشكلة مع ذلك ليست فى هذه المبادئ وإنما فى تفاصيلها. وهنا يأتى دور المفاوض المصرى وأهمية ما يتوصل إليه من برامج تنفيذية وشروط للحصول على القرض بما يحافظ على التوازن الصعب بين تصحيح الهيكل المالى للدولة، وحماية الطبقات متوسطة ومحدودة الدخول من الآثار السلبية الناجمة عن هذا التصحيح، وهو توازن بالغ الدقة والصعوبة.

ولكن.. هل كون البرنامج المقترح من الصندوق معروفًا، وفى مجمله إيجابى، يعنى أن تنفيذه سوف يحل كل مشاكلنا ويخرجنا من الأزمة الراهنة؟.. بالتاكيد لا، بل الأمر يتوقف علينا تمامًا.

فـ«صندوق النقد الدولى» يختص فى الأساس - حسب تكوينه ودستوره - بتحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى العالمى، ومساعدة الدول على بناء اقتصادات قوية عن طريق دعم التعاون النقدى بينها، وتنمية التجارة الدولية، وتحقيق استقرار أسواق الصرف العالمية.

ومع أن الصندوق بات فى العقود الأخيرة أكثر انتباها للجوانب الاجتماعية والبيئية، إلا أن تفاعله مع الحكومات يظل من منظور المساندة فى تحقيق الاستقرار النقدى والمالى والاقتصادى بوجه عام ودون الدخول فى تفاصيل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التى تؤثر فعليا على معيشة المواطنين. هذه مسؤولية الحكومة التى عليها إدارة الاقتصاد بكل مكوناته وسياساته وبرامجه.

من جهة أخرى، فإن برنامج الصندوق الرامى لضبط الهيكل المالى للدولة لا يمكن أن يحقق تحسنًا فى حياة الناس إن لم تواكبه سياسات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ولنا فى تجربة عام ٢٠١٦ عِبرة، فقد أبرمت مصر وقتها اتفاقًا مع الصندوق، وقامت بتنفيذ إصلاحات مهمة وصعبة لتحرير سعر الصرف وتطبيق الضريبة المضافة وتخفيض دعم الطاقة، وكانت سياسات فى تقديرى سليمة تماما. ولكن ما حدث أن الحكومة لم تبنِ عليها ولم تستكملها ببرامج تجذب الاستثمار وتشجع القطاع الخاص على الإنتاج كما كان مأمولًا، فكانت النتيجة أن الناس دفعت الثمن مرتين: مرة فى ارتفاع الأسعار الذى جلبته الإصلاحات المالية الضرورية، ومرة ثانية فى عدم زيادة الاستثمار والتشغيل والتصدير الذى كانت فرصته سانحة.

الخلاصة أننا فى الغالب مقبلون على برنامج جديد مع الصندوق، خطوطه العريضة معروفة ولا بأس بها، ولكن تفاصيلها هى الحاكمة. والمهمة الملقاة على عاتق مفاوضينا ثقيلة. والاتفاق لن يكون نهاية المطاف ولا حلًا لأزمتنا، بل الأهم هو ما يأتى بعده من إصلاح حقيقى لمناخ الاستثمار، وتشجيع للصناعة، ودعم للإنتاج المفيد، وتصحيح أولويات الإنفاق العام، والاستمرار فى برامج الحماية الاجتماعية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt