توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ولا يزال ممنون صامداً

  مصر اليوم -

ولا يزال ممنون صامداً

بقلم: دكتور زاهي حواس

نُحت تمثالا الملك أمنحتب الثالث منذ أكثر من 3400 سنة من حجر الكوارتزيت الأحمر، من محاجر الجبل الأحمر بالقرب من القاهرة، ونُقلا إلى «موضعهما» أمام المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث بالقرنة، لمسافة 700 كيلومتر عبر الصحراء وليس النيل، ويصل وزن التمثال الواحد إلى نحو 720 طناً، والارتفاع إلى نحو 18 متراً، ولا يمكن لمركب واحد في هذا العصر تحمّل هذا الوزن الهائل. فالأمر يختلف عن نقل المسلات والأعمدة، التي كانت تُنقل على أكثر من مركب واحد لتحمّل الوزن الهائل.

ويُعرف التمثالان باسم «ممنون»؛ البطل الأسطوري الإغريقي من أصول أفريقية الذي قُتل في معركته مع أخيل؛ أحد أبطال حروب طروادة. بعد موته، ظلت أمه إيوس تبكيه كل صباح وتنوح عليه. وحدث أن أحد تمثالَي أمنحتب الثالث العملاقَين وقع به شرخ، فكان الهواء يمر منه كل صباح فيصدر صوتاً كالنواح! ولهذا السبب عُرف التمثالان بـ«تمثالَي ممنون»، وأصبحا قبلة للسياحة منذ العصور القديمة.

كان على المصري القديم أن ينقل التمثالين كل هذه المسافة مستخدماً تقنية ما زلنا أبعد من إدراك جميع جوانبها، فكل ما نعرفه عن نقل التماثيل الضخمة في عصر الدولة الحديثة جاء من المناظر التي تصور مشاهد من نقل تماثيل عملاقة باستخدام زلاجات ودرافيل خشبية وحبال. وكان يجري التغلب على الاحتكاك بين الدرافيل والزلاجات بسكب الماء، وأحياناً الزيت، أو ربما اللبن.

ويقف تمثالا «ممنون» بوصفهما من أعاجيب العصر القديم، ليس فقط لضخامة التمثالين، وإنما لنجاح المصري القديم في نقل هذا الوزن بكل دقة وبراعة، ووضعهما في مكانهما المحدد بالمعبد من دون حدوث أي أذى لكتلة الحجر. ونعرف أن عملية نحت التمثالين كانت قد جرت في المحجر بالجبل الأحمر، ووُضعت اللمسات النهائية عليهما من ألوان وغيرها بعدما استقرا في مكانهما بالمعبد الجنائزي.

ويصور تمثالا «ممنون» الملك أمنحتب الثالث جالساً على كرسي العرش من دون مسند للظهر، باسطاً يديه على ركبتيه، وعلى جانبي ساقَيه نحتت هيئتان لملكتين، هما: الملكة تي، والملكة موت إم ويا، وعلى جانبي كرسي العرش نقش بديع لتوحيد الأرضين.

المعروف أن المهندس المصري القديم برع في نقل الأحجار الضخمة منذ الدولة القديمة، وذلك لبناء الأهرامات والمقابر وصنع التماثيل، فالهرم الأكبر استُخدمت في بنائه أحجار غرانيتية من محاجر أسوان يصل وزن الحجر الواحد منها إلى أكثر من مائة طن، واستطاع المصري القديم نقلها ببراعة عبر نهر النيل ثم وضعها في أماكنها بالهرم.

وفى عصر الأسرة الخامسة، نحت الملك ساحورع أعمدة غرانيتية من محاجر أسوان على هيئة أشجار نخيل، واستطاع أيضاً نقلها عبر نهر النيل إلى معبده الجنائزي؛ إلى أبو صير. ويصور لنا منظر على الطريق الصاعدة للملك ونيس عملية نقل عمودين من الغرانيت الوردي على ظهر مراكب نيلية.

بلغت عمليات النقل البري والنهري قمة التقدم في عصر الملك «رمسيس الثاني» الذي استطاع نقل تمثال يزن أكثر من مائة طن من محاجر أسوان إلى معبده بالرامسيوم، وهو أضخم تمثال في الحضارة المصرية لا تزال بقاياه موجودة إلى الآن.

أما نقل التماثيل الضخمة عبر الأرض، فكان يتطلب تمهيد الطرق واستخدام أعداد كبيرة من الرجال تصل في بعض الأحيان إلى المئات، كما يشير إلى ذلك منظر مصور من عصر الدولة الوسطى. أما النقل النهري، فكان أولاً يتطلب حفر قناة من النيل إلى أقرب موضع من المحجر، وتجهيز سفن خاصة للشحن والإنزال، وعمل موانئ مؤقتة عند أقرب نقطة لموقع البناء. ونعرف تفاصيل نقل مسلة من عصر «بطلميوس الثاني» مما ذكره المؤرخ بلليني، حيث أشار إلى حفر قناة من نهر النيل إلى موضع المسلة، وتحميلها على مركبين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولا يزال ممنون صامداً ولا يزال ممنون صامداً



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt