توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مخازن حفظ الآثار

  مصر اليوم -

مخازن حفظ الآثار

بقلم : زاهي حواس

سعدت باهتمام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة بناء مخزن متحفى على النظم الحديثة لحفظ الآثار وبالنسبة لى فإن المكان المثالى لبناء هذا المخزن هو العاصمة الإدارية الجديدة، وتحديدًا فى حى الفنون والثقافة.

وفى البداية لا بد أن أشير إلى أن مشكلة الآثار ليست فى بناء المخازن الجديدة؛ ففى عام 2002 عندما توليت مسؤولية أمانة المجلس الأعلى للآثار تم الاتفاق على بناء 50 مخزنا متحفيا على مستوى الجمهورية وكانت هذه المخازن المتحفية هى التى أنقذت الآثار خلال الأحداث المريرة التى مرت على بلدنا فى أعقاب يناير عام 2011. إذًا فالمشكلة الحقيقية ليست فى عدم وجود المخازن، ولا يجب عندما نسمع عن سرقة فى متحف أو مخزن أن يقوم الناس بمهاجمة الأثريين والمرممين دون النظر إلى الأسباب الحقيقية وراء السرقات، فمثلا سرقة الإسورة كما علمنا تمت عن طريق مرممة تعمل بالمتحف المصرى، وهو حادث على ما أتذكر الأول من نوعه ولم يقم مرمم من قبل باختلاس من عهدته الأثرية، ويجب معرفة الأسباب بكل صدق وشفافية وراء هذا الحادث كما يجب مراجعة كل المواقع التى عملت بها هذه المرممة قبل أن يتم نقلها إلى المتحف المصرى قبل شهور من الحادث. ولا توجد فى مصر كما يحب أن يروج البعض مافيا لسرقة الآثار، بل إننى ومن خلال القضايا التى يتم ضبطها أكاد أؤكد أن حوالى 90٪ منها هى قضايا نصب واحتيال بمعنى قيام تاجر آثار بالنصب على المشترى بإيهامه أن ما يقوم بعرضه للبيع والتهريب خارج البلاد هو أثر حقيقى بينما الحقيقة أنه أثر مزيف. وربما لا يعرف البعض أن العالم بالفعل ملىء بالمغفلين الذين دفعوا ثروات هائلة فى شراء آثار مزيفة من مصر وبلدان أخرى. بل قد لا يعرف البعض أن بعض هذه الآثار المزيفة قد عرفت طريقا إلى المتاحف ومنها متاحف كبرى معروفة وتم عرضها بها لسنوات قبل أن يتم كشف زيفها ونقلها من أماكن عرضها، ولا يزال علماء الآثار يشككون فى عشرات القطع المعروضة إلى يومنا هذا بالمتاحف الأجنبية ولا يزال التحقق منها مستمرا!

سأظل أنادى بضرورة فصل السياحة عن الآثار وكما قلت مرارًا وتكرارًا أن السياحة إن تم إساءة إدارتها تصبح عدوًا للآثار. ولذلك يجب إدارة السياحة من خلال منظومة وطنية متكاملة تضم كل قطاعات الدولة لكى تتحول صناعة السياحة فى بلدنا مصدرًا حقيقيًا للدخل القومى وفى ذات الوقت تكون آمنه على الآثار فى بلدنا. وقد ناقشت صديقى الدكتور خالد العنانى عندما تولى مسؤولية وزارة السياحة والآثار وأكدت له أن الدمج بين السياحة والآثار فى وزارة واحدة سوف يسبب العديد من المشكلات؛ لأن الآثار يجب أن تظل فقط مجلسا أعلى يرأسه وزير لا يحمل الحقيبة الوزارية أو أن يكون مجلسًا أعلى للآثار مستقلًا يرأسه أثرى ويتبع مجلس الوزراء. هذا الحديث كنت قد قلته من قبل لرئيس الوزراء عندما تم تكليفى وزيرًا للمرة الثانية وأكدت له أن الآثار يجب أن تستقل بعيدًا عن الحقيبة الوزارية ضمانًا للاستقرار والتركيز على العمل الأثرى.

ليس المطلوب فقط بناء مخزن جديد، بل أن نقوم بالتوعية بضرورة تدريب الأثريين المسؤولين عن المخازن على استعمال التكنولوجيا المتقدمة فى عملية التسجيل والحفظ. لا زلنا للأسف متأخرين جدًا فى نظم قواعد البيانات وإمكانياتها المهولة التى تساعد ليس فقط على تسجيل الأثر بل على السيطرة الكاملة على انتقاله من مكان لآخر ومن هو المسؤول عن النقل، مع توافر بيانات كاملة عن كل قطعة أثرية. ولذلك لا بد من عمل مشروع متكامل تتوافر له الإمكانات المستدامة وعمل دورات تدريبية على مستوى عال لكل الأثريين المسؤولين عن قواعد البيانات، هل يصح أن يعانى الأثريون فى المتحف المصرى من انقطاع النت طوال الوقت وعدم تحديث السيرفرات لحفظ قواعد البيانات. إن المشروع الذى بدأته منذ سنوات فى المتحف المصرى يكاد ينهار طوال السنوات الماضية لعدم الانتباه إلى أهميته حتى هجره أكثر من 80٪ من الشباب الذى تم تدريبه نتيجة ضعف الإمكانات وبذلك فقدنا ليس فقط عقولا شابة ولكن أموالًا أنفقناها فى التدريب والتعليم ولم نستثمرها، فهل تم عقاب المسؤولين عن ذلك؟!

يجب أن يتم تكليف المرممين بكل منطقة بعمل برنامج لترميم القطع الأثرية الموجودة داخل المخزن المتحفى، وأن تكون هناك إدارة واعية للإشراف على هذه المخازن ومتابعة عملية التسجيل والترميم. وتعتبر هذه الإدارة من أهم إدارات المجلس الأعلى للآثار. وأنا لا أكاد أتخيل أن فى سقارة ما يزال العاملون بها يستعملون المقابر كمخازن على الرغم من أننا بنينا بها ثلاثة مخازن متحفيه على مستوى عال، وهناك مخزن رابع يتم بناؤه حاليًا. لذلك لابد أن ينتهى عهد استعمال المقابر كمخازن.

تحية تقدير وتشجيع للدكتور محمد إسماعيل أمين عام المجلس الأعلى للآثار على ما ذكره خلال مداخلته الرائعة التى قام بها مع الإعلامى الشهير عمرو أديب؛ حيث أوضح أن موضوع سرقة اللوحة من المقبرة تم حوالى عام 2018، وأن هناك لجان تحقيق استطاعت إماطة اللثام عما حدث وتفاصيل السرقة وقام الأمين العام بإبلاغ النيابة العامة للتحقيق. وهنا يتضح أهمية أن يكون المسؤول عن الآثار مدركًا للأحداث ويضع أمام الرأى العام الحقيقة بوضوح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخازن حفظ الآثار مخازن حفظ الآثار



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt