توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الضمير الغائب

  مصر اليوم -

الضمير الغائب

بقلم - عمرو الشوبكي

أسوأ ما شهده العالم العربى فى السنوات الأخيرة هو هذه الدرجة من الاستقطاب السياسى والاجتماعى والمذهبى التى قتلت إنسانية الكثيرين، وحولت المشاعر الإنسانية الفطرية إلى سلوك وحشى صادم.

ولعل قضية اختفاء جمال خاشقجى عكست جانبا من تلك الأزمة، فهناك من تكلم عن دور قطر وتركيا أكثر ما تكلم عن الإنسان الغائب، والبعض الآخر كانت قضيته الوحيدة استهداف السعودية وتصفية حساباته السياسية معها، بصرف النظر أيضا عن هذا الإنسان الغائب.

جوهر قضية خاشقجى تتمثل فى اختفاء إنسان لا الاتفاق ولا الخلاف مع آرائه ولا الاتفاق ولا الاختلاف مع السعودية، ولا تأييد تركيا أو قطر أو معارضتهما، إنما التعاطف الإنسانى مع حالته والعمل على معرفة الحقيقة، وهو ما غاب تقريبا أمام الاستقطابات السياسية ومعارك العرب القبلية.

رد فعل كثير من المؤسسات المالية والصحفية ورجال أعمال ومثقفين (غالبيتهم الساحقة خارج العالم العربى) فى التنديد بما جرى لخاشقجى والمطالبة بكشف أسباب اختفائه، بل إن بعضهم اتخذ مواقف مخالفة لحكوماته، والبعض الآخر قبل أن تتضرر مصالحه، لأن فطرته الإنسانية لم يتم تخريبها ولم يتم جرّها إلى خانة الاستقطاب والكراهية والمصالح التى تلغى الضمائر.

حادثة خاشقجى ليست الوحيدة، فهناك حوادث قتل وعنف وإرهاب تشهدها كثيرٌ من دول العالم، وتعامل معها البعض بمنطق انتقائى بسبب تحيزاته السياسية والطائفية أو مصالحة الضيقة، وفى أحيان أخرى بسبب التخلف وقلة الوعى الذى يدفع البعض إلى ترديد كلام قاتل للفطرة الإنسانية السوية.

فهناك من يبرر أعمال الإرهابيين، لأنه يكره النظم القائمة، ويحول خلافه مع النظام الحاكم إلى خلاف مع الوطن، وهناك من ينتظر ليعرف هوية الضحية ليدين ويشجب أو يغمض عينيه ويعمل لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم.

البعض لم يستطع أن يسير بالخط على استقامته ويتعاطف مع كل الضحايا المدنيين مهما كانوا، فتجاهل البعض بتحيّز فجّ جرائم الميليشيات الطائفية الشيعية فى العراق لأن الضحايا سنة، تماما مثلما تجاهل البعض جرائم داعش وباقى التنظيمات التكفيرية لأن الضحايا شيعة، وظهر المبررون للعنف والإرهاب حسب الطلب ولون المجرم والضحية.

التخلف والجهل يجعلاننا نسقط فى نظرية مؤامرة خائبة تبرر فى النهاية جريمة قتل الناس بالكيميائى أو بالبراميل المتفجرة، أو تعتبر إرهاب التنظيمات التكفيرية نضالاً ضد الاستبداد، وتجاهلوا الدماء الذكية التى تسقط ضحية إرهاب هذه التنظيمات.

علينا أن نخرج قضية اختفاء الصحفى السعودى جمال خاشقجى من سياسة المحاور والاستقطاب المهيمنة فى العالم العربى، وألا نسمح للقيود فى بلادنا إلى حد المساس بالفطرة الإنسانية ونتجاهل أن هناك إنسانا اختفى، ومن حق إنسانيتنا أن نتساءل جميعا أين ذهب بعيدا عن صراعات السياسة العربية؟!.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضمير الغائب الضمير الغائب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا

GMT 19:33 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل مغني الراب الأمريكي كينج فون في إطلاق نار بأتلانتا

GMT 23:01 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

شبح إلغاء السوبر الأفريقي يطارد الزمالك والترجي

GMT 13:42 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon