توقيت القاهرة المحلي 03:18:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القمصان الصفراء (2- 2)

  مصر اليوم -

القمصان الصفراء 2 2

بقلم - عمرو الشوبكي

اعتادت فرنسا الاحتجاجات التى تقف وراءها أحزاب وتنظيمات سياسية ونقابات عمالية، إلا احتجاجات أصحاب القمصان الصفراء الذين صالوا وجالوا فى كل المدن والطرق الفرنسية وهم يعلنون رفضهم سياسات الرئيس والبرلمان والأحزاب، بما فيها اليسارية والثورية، واعتبروا أنفسهم صوت الشعب، الذى لا يعبر عنه أحد من الطبقة السياسية.

والسؤال: كيف تتعامل النظم الديمقراطية مع الأصوات الاحتجاجية الرافضة للنظام والمؤسسات؟.. الملمح الأول هو أن النظام والمؤسسات فتحت منذ اللحظة قنوات مع المحتجين من خلال دَور الإعلام، الذى تابع لحظة بلحظة ما يجرى فى مواقع التظاهر، وسمح للمحتجين بأن يعبروا عن آرائهم من خلال الإعلام حتى لو كانوا يرفضون من الأصل وجود هذه المؤسسات ويرونها لا تعبر عنهم، ووضعوا حزب ماكرون الحاكم فى موقع الدفاع.

أما الملمح الثانى فهو قدرة النظام السياسى على دمج قطاع من هؤلاء المحتجين عن طريق الاستجابة لجانب من مطالبهم، التى تتركز فى إلغاء الزيادة فى سعر البنزين (حوالى 14%)، وأيضا التوقف على تحميل من يُعرفون فى فرنسا بذوى الرواتب مزيداً من الضرائب لا يتحملها الأغنياء والشركات الكبرى.

والحقيقة أن التجربة الفرنسية مع الثورات والاحتجاجات قديمة، ولعل ثورة أو احتجاجات الطلاب فى 1968 كانت البداية لتأسيس تيار أوروبى نجح فى دمج القوى الرافضة شرعية النظم القائمة لكى تعمل داخل المؤسسات القائمة، خاصة التيارات اليسارية الثورية التى نجحت المنظومة الديمقراطية فى تحويلها ليسار إصلاحى اشتراكى ديمقراطى.

أما مظاهرات القمصان الصفراء فهى لافتة لأنها فى بلد ديمقراطى لا توجد فيه قيود على عمل الأحزاب والنقابات، ومع ذلك شعر قطاع واسع من المواطنين بأن هذه المؤسسات لا تعبر عنهم فتظاهروا ضدها ورفضوها.

وقد شهد العالم العربى مظاهرات ضد الأحزاب والنخبة والمؤسسات الحاكمة فى العراق، ومصر (فى فترات سباقة) وتونس، مع فارق أساسى هو عدم قدرة (أو عدم رغبة) النظم الحاكمة فى دمج المحتجين فى العملية السياسية والمؤسسية القائمة.

التحدى الذى تواجهه فرنسا مع هذا النمط الجديد تماما من احتجاجات بلا عنوان، بلا قائد، بلا حزب، بلا نقابة (من الشعب مباشرة للسلطة)، هو فى قدرة نظامها السياسى والاقتصادى على استيعاب ولو جانبا من مطالب هؤلاء المحتجين، خاصة فى ظل طريقة استعلائية تعامل بها الرئيس الفرنسى مع الشعب وتجاهل فيها مطالب القيادات المحلية والجمعيات الأهلية، واكتفى بتأييد الأغلبية البرلمانية لسياسات حكومته وقراراته.

احتجاج فرنسا يقول إنه حتى فى النظم الديمقراطية هناك دائما أصوات لا تستطيع المؤسسات القائمة أن تستوعبها، ولابد أن تفتح لها الطريق وتستمع لها، وهذا لن يتم إلا بأن تجدد هذه المؤسسات من نفسها بالاستماع لصوت الشعب.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمصان الصفراء 2 2 القمصان الصفراء 2 2



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 17:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
  مصر اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon