توقيت القاهرة المحلي 12:49:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخيار الأمنى

  مصر اليوم -

الخيار الأمنى

عمرو الشوبكي

علاقة الأمن بالسياسة فى مصر قديمة ومعقدة وليست بنت عصر مبارك ولا عهد مرسى، إنما عرفت حضورا اختلف فى الدرجة والحدة من مرحلة إلى أخرى، فكان هناك «البوليس السياسى» قبل ثورة يوليو وأمن الدولة بعدها، وكان فى الحالة الأولى يتحرك فى مساحة محدودة لمواجهة القوى غير الشرعية أو العنيفة، لأن الشرعى، على مشاكله، ضم أحزاب الوفد ومصر الفتاة والأحرار الدستوريين وأحزاب الأقلية، حتى جماعة الإخوان المسلمين بقيت تحظى بالشرعية لمدة تجاوزت 20 عاما، أما الثانى فكان هو جهاز أمن النظام الجمهورى الذى لعب دورا كبيرا فى مواجهة أى حركة معارضة للنظام على مدار 60 عاما. صحيح أنه فى الستينيات التف أغلب المصريين حول جمال عبدالناصر وشعروا بصدقه ونزاهته، ومع مجىء السادات ظهر تيار واسع من المصريين مؤيد لخياراته السياسية، فاعتبر السلام هو بوابة الخروج من الفقر وبداية عصر الرخاء، وفى كلتا الحالتين كانت مهمة الأمن متعارفا عليها كما كان الحال فى كل النظم غير الديمقراطية، وتقوم على أن النظام القائم مصدر الشرعية الوحيد، وأن مهمته كانت مواجهة التنظيمات «المناوئة» وليس شعبا «مناوئا» كما جرى فى عهدى مبارك ومرسى. والمؤكد أن قدرة أى نظام على اكتساب شرعية سياسية وسط الناس تخفف من الأعباء الملقاة على أجهزة الأمن، وتقلص من استخدام الحلول الأمنية، وحين تغيب أو تتآكل هذه الشرعية تصبح الحلول الأمنية هى الطريق الوحيد لملء الفراغ الذى هجرته السياسة والعمل الأهلى والنقابى، وتصبح مهمته ليس فقط ملاحقة السياسيين المحرضين على العنف أو مواجهة التنظيمات المتطرفة والخارجة على الشرعية، إنما قمع كل شىء وإعادة ترتيب كل شىء أيضا. ولذا بدا الأمر صادما أن يعود الأمن ويلعب بعض الأدوار السياسية القديمة، فليست مهمته مواجهة معارضى السيسى ولا قضيته التحريض الإعلامى على بعض النشطاء والسياسيين، إنما هى مهمة سياسيين أن يدافعوا عن مرشحهم الرئاسى، وأن يواجهوا بالفكر والكلمة خصومهم السياسيين، أما إذا أُحِلَّ الأمن مكان السياسيين كما جرى فى عهد مبارك فإن هذا يعنى أن النظام لم يعد لديه سياسيون يدافعون عنه، إنما انتهازيون ومتملقون لا يستطيعون أن يفوزوا فى أى انتخابات دون تدخل الأمن، ولا يمكنهم أن يواجهوا خصومهم إلا بالتشهير والملاحقات الأمنية. والمؤكد أنه فى كل دول العالم الخيار الأمنى هو أحد الخيارات، وقد يكون الخيار الأساسى فى حالات الإرهاب والعنف، ولكنه لم يكن أبدا الخيار الوحيد، فالأمن المهنى والمحترف مطلوب فى مصر لمواجهة الانفلات الأمنى والبلطجة والخارجين على القانون فى الشوارع والقرى، وأن المطلوب أيضا عدم اعتباره حلا وحيدا، إنما ضرورة اتباع حلول أخرى تضع الحل الأمنى فى مساره الطبيعى، أى فى مواجهة الخارجين على القانون، لا أن يحل مكان الحلول السياسية والاجتماعية والثقافية، التى غابت طوال العهدين السابق والأسبق. إن الفشل فى مواجهة نمط من الاحتجاجات السياسية والاجتماعية بالوسائل السياسية يعنى أننا لم نبدأ بعد مرحلة التحول الديمقراطى، وأننا مازلنا أسرى النظام السابق، رغم تغير الوجوه، وأن المطلوب هو مساعدة الأمن المهنى على العودة إلى كل ربوع مصر، وليس الأمن الذى يواجه سياسيين، ويعكس فشلا كبيرا تصورنا أنه ذهب بعد 25 يناير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيار الأمنى الخيار الأمنى



GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 09:23 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 09:21 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نجح الفنان وفشل الجمهور

GMT 09:18 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 09:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

GMT 09:15 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

سيدفع الثمن الأغنياء والفقراء على حد سواء

GMT 09:14 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«خليها تعفن»!!

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon