توقيت القاهرة المحلي 01:15:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحصين الشعب

  مصر اليوم -

تحصين الشعب

عمرو الشوبكي

كثير من مؤسسات الدولة تبحث عن حصانة دستورية وقانونية، وكثير من المهن لا تتصور أنها قادرة على تأدية عملها دون حصانة ما، ودون البحث عن استثناء هنا أو هناك. الحصانة لأى مؤسسة أو جهة لا يجب أن تكون من أجل التمايز، إنما من أجل تأديتها لوظيفتها على أكمل وجه، فحصانة القضاء يجب أن تكون ضمان استقلاله وتحقيقه للعدالة الناجزة، والحصانة لأفراد القوات المسلحة تكون من أجل الحفاظ عليهم أثناء الحروب ضد أعداء الخارج، وضد الإرهاب فى الداخل، وليس لوضعهم فوق الدولة القائمة. الحصانة صارت أمرا متكررا ومطلبا فئويا بامتياز يعطى بحق وبغير حق، فهى بالتأكيد كلمة موجودة فى كل النظم الديمقراطية وتعطى للقضاة والنواب ولرئيس الجمهورية المنتخب من الشعب، وتعطى للموظف العمومى أثناء تأدية عملة، ولكن فى مصر يتمسك بها البعض ويطالب بها البعض الآخر على سبيل الوجاهة «والبرستيج». والحقيقة أن الاهتمام بمؤسسات الدولة والحرص عليها هو بغرض مساعدتها على تأدية وظيفتها لصالح الناس وليس من أجل التغنى بالحصانة على حساب البشر. البعض يتصور أن كتابة الدستور هى فرصة للحصول على مكاسب فئوية، وهو أمر قد يكون مشروعا فى النضال الحزبى والنقابى، أما فى كتابة الدساتير فالأمر يختلف تماما لأن المدخل هو المبادئ والقيم العامة التى تحفظ حقوق هذه الفئات باعتبارهم مواطنين وأبناء لهذا الشعب وليسوا فئات منفصلة عنه يبحث كل طرف فيها عن حصانة خاصة يتصور أنها ستحميه ولو على حساب الصالح العام. صحيح أن الفئات الأضعف وليست الأقوى هى التى يتم تمييزها فى بعض الدساتير بالنص إما على أنها الأولى بالرعاية من خلال نصوص تدعم حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والدينية، أو عن طريق النص فى الدستور غلى نظام للتمييز الإيجابى لهذه الفئات فى أى انتخابات تجرى. وفى كلا الحالتين الهدف ليس مكاسب فئوية بالمعنى الضيق لهذه الفئات إنما السماح لها بالتمكين لصالح المجتمع، وتوظيف طاقاتها لصالح تقدم الوطن ككل. وفى مصر هناك من يرغب من الفئات المميزة أن يكون أكثر تميزا عن طريق الحصول على مزيد من المميزات، وهناك من يريد أن يعطى لنفسه حصانة خاصة تعزله عن باقى المجتمع، بصرف النظر عما إذا كانت ستفيده فى إنجاز عملة الأصلى أم لا. الشعب المنسى هو الذى يحتاج إلى تحصين، ليس فقط فى الدستور، إنما فى كل مناحى الحياة فهو الذى يدفع كل يوم ثمن انهيار الخدمات وغياب الأمن، وهو الذى يدفع ثمن مظاهرات الإخوان وعنفهم، وهو الذى يتعرض كل يوم لحوادث الطرق وفوضى المرور، وهو أخيرا الذى يعانى من أزمة اقتصادية طاحنة ولا يجد من يحصنه من الأخطار التى يتعرض يوميا فى الشارع وأماكن العمل. حصانة الشعب ليست فقط نصا دستوريا ولا قانونيا إنما هى نقطة انطلاق يجب أن يؤسس عليها بناؤنا السياسى كله، فكثير منهم لا يملكون الصوت العالى ولا ثقافة ابتزاز الآخرين، ومع ذلك يدفعون الثمن كل يوم، دون أن يطالبوا بحصانة من أى نوع. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحصين الشعب تحصين الشعب



GMT 00:46 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الأهم من الوعي بالقضية البناء عليه

GMT 00:44 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

معضلة إسرائيل الوجودية

GMT 20:12 2024 السبت ,04 أيار / مايو

دراسة عن الشرق الأوسط.. كوابح ومحفزات

GMT 20:10 2024 السبت ,04 أيار / مايو

الدكتور موافى حزين!

GMT 20:07 2024 السبت ,04 أيار / مايو

الأول من رمضان

GMT 20:06 2024 السبت ,04 أيار / مايو

مأزق البرهان

GMT 20:04 2024 السبت ,04 أيار / مايو

إشكالية الزمن!

GMT 16:35 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

6 خطوات لتجنب الوقوع في أخطاء فواتير الكهرباء

GMT 10:40 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

كهربا يستعد للمشاركة مع الأهلي في «موقعة الوداد»

GMT 06:41 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

الطب الشرعي يوقع الكشف على ابنة نهى العمروسي

GMT 22:53 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

الصين تسجل 22 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 07:42 2020 الأربعاء ,27 أيار / مايو

10 نجوم بالمجان في دوري أندية أوروبا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon