توقيت القاهرة المحلي 10:02:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الترشح المعضلة

  مصر اليوم -

الترشح المعضلة

عمرو الشوبكي

شعبية السيسى فى الشارع بالتأكيد جارفة، وإيمان مصر العميقة بالجيش وبقادته الحاليين كبير، وعلاقة المؤسسة العسكرية بالحداثة وبناء الدولة المصرية أمر مؤكد، وصورة المخلص والبطل القومى التى قدمها عبدالناصر فى التاريخ المصرى الحديث وارتبطت بالجيش مازالت حاضرة فى نفوس الكثيرين. والمؤكد أن قيام الفريق السيسى بتدخل عسكرى لعزل مرسى، لم تعرف عنه أمريكا شيئا، وحين عرفته لم ترحب به، داعب فى وجدان كثير من المصريين قضية الكبرياء الوطنى، والقدرة على عمل فعل من العيار الثقيل خارج الإملاءات الأمريكية. فرغم اعتماد الجيش بصورة كبيرة على السلاح والمساعدات الأمريكية، ورغم المخاطرة الكبيرة التى اتخذها قائد الجيش بعزل مرسى دعماً لإرادة قطاع واسع من المصريين، والذى استلزم فعلا مبادرة جريئة فعلها بهدوء وحكمه أثارت إعجاب الناس ودعمهم. لقد عاشت مصر تبعية مهينة للقوى الخارجية على مدار 30 عاما من حكم مبارك، كما أن حكم الإخوان المدعوم من أمريكا دفع بقطاع واسع من المصريين إلى البحث عن صورة المتحدى القوى لهذه التبعية الفجة، وجاء قرار الجيش بإنهاء حكم الإخوان ليخاطب هذه الصورة. صحيح أن التبعية الاقتصادية والعسكرية لأمريكا لن تنتهى بأن يكون فى مصر رجال يرتبون لتحرك كبير بهذا الحجم خارج الإشراف الأمريكى، إنما ستنتهى بالعمل الجاد والتنمية الاقتصادية والسياسية. إن انتفاضة الشعب ودعم الجيش كانا مجرد خطوة فى الاتجاه الصحيح، أما رد فعل الناس على تحرك قائد الجيش ودعمهم له فهذا يؤكد أن هذا الشعب فى داخله طاقة كبرى، ولو وجد قيادة تحسن استغلالها فسيخرج أفضل ما فيه. هذه الخلفية أعطت السيسى شعبية هائلة فى الشارع لكنها فى نفس الوقت جعلته مستهدفا بشخصه وبما فعله من قبل قوى داخلية وخارجية كثيرة، فالإخوان على استعداد لهدم مصر فى مقابل عودتهم للسلطة ومنع السيسى من الحكم ولو بشكل ديمقراطى وعبر انتخابات حرة، والولايات المتحدة لن تكون مرتاحة لقبول مرشح رئاسى من خلفية عسكرية أقدم على تغيير الأوضاع فى مصر دون رغبتها. البعض قد يرى أن الرجل هو «قدر مصر» وأنه الأقدر على الساحة لقيادة البلد فى هذا التوقيت، فهو ابن الدولة التى حمى جيشها مصر من الانهيار وحال دون سقوطها فى المصير الأسود لبلدان كثيرة مجاورة، لكنه فى نفس الوقت ابن المؤسسة التى مهمتها الأساسية حماية الحدود والأمن القومى وليس الحكم. إن خبرة السيسى كلها داخل المؤسسة العسكرية، ورغم اتفاق الكثيرين على وطنيته وإخلاصه ورؤيته الاستراتيجية الثاقبة إلا أنه لم يمتلك مثل عبدالناصر ولا السادات أى خبرة سياسية خارج انتمائه الصارم للمؤسسة العسكرية، وليس مثل بلدان أخرى يحكم فيها قادة من خلفية عسكرية مثل إسرائيل بعد أن امتلكوا خبرة سياسية وحزبية مضافة لخبرتهم العسكرية الأولى، فهو ابن المؤسسة العسكرية بامتياز وفقط. من حق كثير من أنصار الرجل أن يقولوا إنه يجب ألا نخضع لابتزاز أحد، وطالما من حق السيسى أن يترشح فليترشح، ولكن يجب أن نعى جميعا أنه سيكون هناك ثمن كبير لترشحه ولفوزه الراجح، وعلى من يؤيده أن يعرف أن هذا الثمن قد يدفعه لعدم الترشح أو إلى اتخاذ القرار الصعب بالترشح. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الترشح المعضلة الترشح المعضلة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 01:26 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon