توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجيش ليس بديلاً للشرطة

  مصر اليوم -

الجيش ليس بديلاً للشرطة

عمرو الشوبكي

حين نفشل فى حل مشكلة الأمن فى مصر يستسهل البعض الحلول البديلة، فالبعض طالب بعد الثورة بحل وزارة الداخلية، لأن هناك قلة فيها مارسوا انحرافات كثيرة واعتبروا اللجان الشعبية التى تشكلت بشكل عفوى لحراسة بعض البيوت والأحياء هى بديل وهمى للداخلية، وبعد الثورة وبعد الأحداث الدامية التى تشهدها بورسعيد وسقوط عشرات الضحايا، معظمهم من الأهالى وبعضهم من رجال الشرطة، طالب البعض بأن يقوم الجيش بالسيطرة الكاملة على المدينة ويقوم بمهام الشرطة وكأننا مثل النعامة ندفن رؤوسنا فى الرمال، ولا نريد أن نواجه جوهر المشكلة بأن هناك خللاً فى أداء العمل الشرطى لأسباب تتعلق أساساً بأداء الرئاسة والحكومة، أدت فى النهاية إلى وجود تلك العلاقة الثأرية بين بعض الصبية وقلة من الشباب والداخلية، وأيضاً تعمق الجروح بين قطاع واسع من أهالى بورسعيد والشرطة. الحل لن يكون بأن تختفى الداخلية وأن يقوم الجيش بمهامها، فيتحول ضباطه من رجال مهمتهم حفظ الأمن القومى والحدود، وفى أوقات الطوارئ حماية المنشآت العامة والخاصة، إلى رجال أمن يقومون بمهام البحث الجنائى والتحريات قبل وبعد الجريمة، ومواجهة البلطجة والخارجين على القانون وشغب الشوارع والملاعب. والحقيقة أن تصور حل المشكلة فى بورسعيد يتمثل فى أن يسيطر الجيش على المدينة وتختفى الشرطة، وتختفى أجهزة البحث الجنائى والأمن وباقى المؤسسات الشرطية، وإيكال مهمة الأمن لضباط القوات المسلحة- كارثة حقيقية، لأنه يختزل مطالب أهالى بورسعيد فى مربع مديرية الأمن والمحافظة فقط، أى أن احتياجات المواطنين العاديين فى الأمن والسكينة، ودور الشرطة فى مواجهة الخارجين على القانون، غير مهم، لأن هناك قلة من المحتجين أمام مديرية الأمن والمحافظة طالبت بانسحاب الشرطة. إن الخضوع لهذا المطلب سيدفع ثمنه المواطن العادى الذى غاب صوته عن الإعلام، نتيجة صراخ حملة المولوتوف وضجيجهم، فكيف يمكن لبلد أن يعيش دون رجل شرطة ويخضع لسطوة البلطجية والمسجلين خطر والخارجين على القانون؟. لم يتحمل أهالى السويس، مثل أى مدينة أخرى، غياب الشرطة لساعات، واستغاثوا بالجيش الذى عاد وعادت معه الشرطة ولو خافتة، فكيف يطالب البعض بالعكس بالنسبة لبورسعيد؟. نعم، الشرطة ضعيفة، ولا تعمل أجهزة البحث الجنائى والأمن العام بالصورة المطلوبة، ونعم أيضاً أيادى الشرطة مرتعشة ومتراخية، ولم تبذل السلطة السياسية أى جهد لإصلاح أحوالها وحل مشاكلها ومواجهة انحرافات البعض فيها. للأسف ينسى البعض وليس عموم الشعب- الذى أخذه البعض رهينة لأجندته السياسية- هؤلاء الذين يُستشهدون كل يوم من ضباط وأمناء وجنود دفاعاً عن أمنى وأمنك، ولا يتحدث عنهم أحد، لأن بعض جمعيات حقوق الإنسان من مصلحتها أن تتحدث فقط عن العشرات الذين يهاجمون المديريات وأقسام الشرطة باعتبارهم أبطالاً وثواراً، فى حين تنسى أو تتناسى شهداء الواجب الحقيقيين من رجال الشرطة الذين يسقطون كل يوم ضحية مطاردة الخارجين على القانون. ستكون كارثة على أهل بورسعيد إذا غابت الشرطة كجهاز أمن عن المدينة، وسيدفع ثمن غيابها المواطنون البسطاء من أمنهم وعرضهم، ولحظهم العاثر أنهم أغلبية صامتة لا يتحدث عنها أحد، لأن بعض أهل السياسة يرغبون فى أن يروا المشهد من خلال مواجهات العنف والخرطوش والرصاص الحى، صحيح أنها تعكس أزمة كبيرة وشرخاً حقيقياً فى شرعية النظام، ولكن حلها ليس فى انسحاب الشرطة ومجىء الجيش، فهى توريط للجيش فى مهام ليست مهامه الأصلية، وأيضاً تجاهل احتياجات ملايين المواطنين فى وجود شرطة مهنية محايدة، للأسف لم يسعَ أحد لبنائها، لا الرئيس ولا الحكومة. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش ليس بديلاً للشرطة الجيش ليس بديلاً للشرطة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 01:26 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon