توقيت القاهرة المحلي 05:46:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تداعيات كورونا

  مصر اليوم -

تداعيات كورونا

بقلم : عمرو الشوبكي

عالم ما بعد كورونا لن يكون هو نفسه ما قبلها، صحيح أن الصورة لم تضح بعد لأن المعركة ضد الفيروس لم تنته، إلا أنها بقدر ما أطلقت طاقة تضامن إنسانى فى العالم كله، فإنها فى نفس الوقت طرحت تساؤلات قد تعيد صياغة كثير من جوانب النظام العالمى، وباتت كثير من الدول تطرح أسئلة كبرى تتعلق بمستقبل تكتل سياسى، مثل الاتحاد الأوروبى بعد أن أعطت كل دول الاتحاد الأولوية لخياراتها الوطنية ومكافحة الفيروس على المستوى الداخلى، بحيث بدت مساعدات دول الاتحاد، وخاصة ألمانيا وفرنسا، لبلد مثل إيطاليا محدودة مقارنة بحجم التوقعات.

صحيح أن فرنسا وإسبانيا تناضلان فى مواجهة الفيروس القاتل ولديها نقص فى الفرق والعتاد الطبى، إلا أن ذلك طرح سؤالًا عن جدوى وجود كيان بيروقراطى ضخم اسمه المفوضية الأوروبية طالما عجز عن أن يواجه بشكل شبه مركزى هذا الوباء.

فاللافت أن مؤسسات الاتحاد الأوروبى المختلفة تدخلت فى السنوات العشرين الأخيرة فى ميزانيات كل دولة ووضعت معايير صارمة فى قضايا تفصيلية، مثل الصيد البحرى والزراعة ونظام موحد للبيئة، ونسب محددة للعجز الاقتصادى، وفرضت على اليونان برنامج تقشف كأنها هى التى تحكمها، وحين جاء وباء بحجم كورونا اختفى كيان الاتحاد الأوروبى تقريبا عن الفعل الموحد، و«جريت» كل دولة تحل مشاكلها بمفردها.

يقينًا صيغة الاتحاد الأوروبى باتت تعانى من أزمة هيكلية، فهى لم تنجز تكتلًا سياسيًا كما تقول، إلا على مستوى الشكل، ببناء مؤسسات بيروقراطية بطيئة الحركة، ولم تكتف كما جرى فى الماضى بأنها مجرد مجموعة أوروبية اقتصادية تتبادل المصالح والمنافع التجارية.

تداعيات كورونا أيضًا ستصيب التوجه «النيوليبرالى»، الذى صعد فى العالم منذ عهد رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر (حكمت من 1979 إلى 1990)، وأهمل قطاع الصحة لصالح دعم اقتصاد السوق والتبادلات التجارية الحرة، واكتشف أن أى أزمة صحية كبرى ستؤثر بشكل هائل على الاقتصاد. وأن دور الدولة عائد فى بعض المجالات (الصحة والتعليم والمواصلات) كما ستعمّق دول كثيرة من قدرتها على تحويل جانب من صناعاتها العسكرية إلى صناعات مدنية مثلما يجرى الآن، أو كما تحدث رئيس أركان الجيش الإسبانى عن الأدوية التى تصنع بدلًا من الذخائر فى مصانعه الحربية. يقينًا الصين سيصعد دورها فى العالم دون أن يعنى ذلك أنها ستقوده، ولن تروّج لنظامها الشيوعى مثلما جرى فى ستينيات القرن الماضى فى عهد زعيمها ماوتسى تونج، فهى تعرف أنها ستخسر حتمًا هذه المعركة، إنما ستروّج لنفسها باعتبارها نظامًا كفؤًا يتبنى الأساليب العلمية وقادرًا على الإنجاز حين سيطر على فيروس كورونا فى فترة وجيزة.

سيشهد العالم تحولات كبرى وستتجاوز حدودها قطاع الصحة لتصل إلى السياسة والاقتصاد والنظام العالمى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تداعيات كورونا تداعيات كورونا



GMT 13:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 12:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon