توقيت القاهرة المحلي 16:11:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قصة «ستاربكس»

  مصر اليوم -

قصة «ستاربكس»

بقلم - عمرو الشوبكي

تم توقيف رجلين أمريكيين من أصول أفريقية داخل المقهى الأمريكى الشهير «ستاربكس»، عقب إبلاغ إدارة المقهى الشرطة لأنهما جلسا بسلام دون أن يطلبا شيئاً، فاشتبهت الإدارة فيهما بسبب لون بشرتهما وليس بسبب أى جرم أو خطأ ارتكباه.

يقيناً لم يتعرض الرجلان لشتائم عنصرية ولم يُهِنْهما أحد من العاملين فى المحل، إنما تصرفوا على ضوء ما فى عقلهم الباطن من أن هذين الشخصين بما أنهما من أصول أفريقية ولم يطلبا أى «مشاريب»، فمن الوارد أن يكونا مجرمين أو يخططان لعمل إجرامى، وأنهما لو كانا رجلين أبيضين وفعلا نفس التصرف لاكتفوا بتنبيههما بضرورة طلب مشروب ولَما أبلغوا الشرطة.

ولأن الشرطة لها تاريخ حافل فى التمييز العنصرى، فقد ألقت القبض على الرجلين، واصطحبتهما إلى قسم الشرطة، حيث أُخلى سبيلهما فى وقت لاحق.

ورغم أن أمريكا شهدت حوادث تمييز عنصرى على يد رجال الشرطة وصلت إلى قتل وتعذيب بشر بسبب لون بشرتهم، فإن هذه الحادثة اعتُبرت تمييزاً عنصرياً بسبب قرار إبلاغ الشرطة، حتى لو لم تؤدِّ إلى اعتداء على الرجلين الأسودين.

واللافت فى هذه الواقعة هو رد فعل إدارة المقهى، والذى مثّل رسالة للعالم فى الشرق والغرب، فسواء كنتَ من رواد هذا المقهى أم لا، مقاطعاً للمنتجات الأمريكية أو مستهلكاً لها، فإن ما فعلته إدارة «ستاربكس» مثّل رسالة للجميع، فلم تكتفِ بتقديم اعتذار لروادها، وهو أمر عادى فى المؤسسات العالمية الكبرى، إنما قررت إغلاق 8 آلاف فرع داخل أمريكا، ليوم كامل، والقيام بعمل دورة لموظفيها، البالغ عددهم حوالى 180 ألف موظف، على مدار اليوم، فى كيفية محاربة العنصرية، وعدم تنميط الناس بسبب أصولهم العرقية ولونهم ودينهم.

لم تقم إدارة «ستاربكس» بدعوة مواطن أمريكى أسود وآخر أبيض لكى يقبلا بعضهما فى أفرع المقهى، ويؤكدا تلاحم «عنصرى الأمة»، ويغنيا أغانى وطنية عن قوة أمريكا وجيشها ووحدة شعبها، إنما اعترفت بأن هناك مشكلة أياً كان حجمها، وأعادت تأهيل العاملين لمواجهتها دون خداع للنفس بإخفاء الواقع بشعارات رنانة.

تقوم المؤسسات الحديثة والنظم المتقدمة على فكرة رئيسية تنطلق من مسألة إعادة التأهيل، وتعتبر أنه لا توجد مجتمعات غير قابلة للتعلم والتطور، وترفض النظرة الساكنة التى تحكم على مجتمعات بعينها بالجهل والتخلف لأسباب جينية أو تجريم أفراد على أساس عرقى أو دينى.

فكرة إعادة التأهيل والتعلم ومراجعة الأخطاء أساس النظم المتقدمة، فلا يوجد شعب يعيش واقعاً متخلفاً لأسباب عرقية أو تاريخية، إنما نتيجة واقع سياسى واجتماعى، وإن نجاح أى مؤسسة اقتصادياً أو سياسياً يأتى من اعترافها بالأخطاء والانطلاق من أن مَن يعملون بها ليسوا ملائكة أو شياطين، إنما هم بشر يصيبون ويخطئون، وأنه لو وُجد بينهم عنصرى يكره السود أو المسلمين أو المسيحيين فهو مضطر لاحترامهم، لأن قواعد العمل الصارمة فى مؤسسته تفرض عليه التعامل بمهنية واحترام.

رسالة «ستاربكس» هى رسالة مؤسسة تتعلم من الأخطاء، وتعتبر التأهيل والمهنية وتصحيح الأخطاء هو طريق النجاح والتقدم.


نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة «ستاربكس» قصة «ستاربكس»



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon