توقيت القاهرة المحلي 02:30:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قصة «ستاربكس»

  مصر اليوم -

قصة «ستاربكس»

بقلم - عمرو الشوبكي

تم توقيف رجلين أمريكيين من أصول أفريقية داخل المقهى الأمريكى الشهير «ستاربكس»، عقب إبلاغ إدارة المقهى الشرطة لأنهما جلسا بسلام دون أن يطلبا شيئاً، فاشتبهت الإدارة فيهما بسبب لون بشرتهما وليس بسبب أى جرم أو خطأ ارتكباه.

يقيناً لم يتعرض الرجلان لشتائم عنصرية ولم يُهِنْهما أحد من العاملين فى المحل، إنما تصرفوا على ضوء ما فى عقلهم الباطن من أن هذين الشخصين بما أنهما من أصول أفريقية ولم يطلبا أى «مشاريب»، فمن الوارد أن يكونا مجرمين أو يخططان لعمل إجرامى، وأنهما لو كانا رجلين أبيضين وفعلا نفس التصرف لاكتفوا بتنبيههما بضرورة طلب مشروب ولَما أبلغوا الشرطة.

ولأن الشرطة لها تاريخ حافل فى التمييز العنصرى، فقد ألقت القبض على الرجلين، واصطحبتهما إلى قسم الشرطة، حيث أُخلى سبيلهما فى وقت لاحق.

ورغم أن أمريكا شهدت حوادث تمييز عنصرى على يد رجال الشرطة وصلت إلى قتل وتعذيب بشر بسبب لون بشرتهم، فإن هذه الحادثة اعتُبرت تمييزاً عنصرياً بسبب قرار إبلاغ الشرطة، حتى لو لم تؤدِّ إلى اعتداء على الرجلين الأسودين.

واللافت فى هذه الواقعة هو رد فعل إدارة المقهى، والذى مثّل رسالة للعالم فى الشرق والغرب، فسواء كنتَ من رواد هذا المقهى أم لا، مقاطعاً للمنتجات الأمريكية أو مستهلكاً لها، فإن ما فعلته إدارة «ستاربكس» مثّل رسالة للجميع، فلم تكتفِ بتقديم اعتذار لروادها، وهو أمر عادى فى المؤسسات العالمية الكبرى، إنما قررت إغلاق 8 آلاف فرع داخل أمريكا، ليوم كامل، والقيام بعمل دورة لموظفيها، البالغ عددهم حوالى 180 ألف موظف، على مدار اليوم، فى كيفية محاربة العنصرية، وعدم تنميط الناس بسبب أصولهم العرقية ولونهم ودينهم.

لم تقم إدارة «ستاربكس» بدعوة مواطن أمريكى أسود وآخر أبيض لكى يقبلا بعضهما فى أفرع المقهى، ويؤكدا تلاحم «عنصرى الأمة»، ويغنيا أغانى وطنية عن قوة أمريكا وجيشها ووحدة شعبها، إنما اعترفت بأن هناك مشكلة أياً كان حجمها، وأعادت تأهيل العاملين لمواجهتها دون خداع للنفس بإخفاء الواقع بشعارات رنانة.

تقوم المؤسسات الحديثة والنظم المتقدمة على فكرة رئيسية تنطلق من مسألة إعادة التأهيل، وتعتبر أنه لا توجد مجتمعات غير قابلة للتعلم والتطور، وترفض النظرة الساكنة التى تحكم على مجتمعات بعينها بالجهل والتخلف لأسباب جينية أو تجريم أفراد على أساس عرقى أو دينى.

فكرة إعادة التأهيل والتعلم ومراجعة الأخطاء أساس النظم المتقدمة، فلا يوجد شعب يعيش واقعاً متخلفاً لأسباب عرقية أو تاريخية، إنما نتيجة واقع سياسى واجتماعى، وإن نجاح أى مؤسسة اقتصادياً أو سياسياً يأتى من اعترافها بالأخطاء والانطلاق من أن مَن يعملون بها ليسوا ملائكة أو شياطين، إنما هم بشر يصيبون ويخطئون، وأنه لو وُجد بينهم عنصرى يكره السود أو المسلمين أو المسيحيين فهو مضطر لاحترامهم، لأن قواعد العمل الصارمة فى مؤسسته تفرض عليه التعامل بمهنية واحترام.

رسالة «ستاربكس» هى رسالة مؤسسة تتعلم من الأخطاء، وتعتبر التأهيل والمهنية وتصحيح الأخطاء هو طريق النجاح والتقدم.


نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة «ستاربكس» قصة «ستاربكس»



GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 01:49 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

غزة بين انتصارين ممنوعين

GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon