بقلم:عمرو الشوبكي
هل باتت ورقة ضغط الرأى العام العالمى هى الورقة الوحيدة أو شبه الوحيدة أو الأساسية على إسرائيل، بعد تفكك القدرات العسكرية لحركات المقاومة المسلحة، وغياب تواصلها مع العالم، وعدم قدرة العرب على اتخاذ مواقف سياسية أكثر قوة وخشونة تجاه دولة الاحتلال تساعد على ردعها؟ صحيح أن هناك تحركات عربية، منها دور الوساطة المصرى القطرى من أجل الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، والذى اغتالته إسرائيل بمحاولة اغتيال وفد التفاوض فى الدوحة. وصحيح أيضًا أن الخطوة السعودية الفرنسية من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتى تبعها اعتراف دول كبرى مثل بريطانيا ومعهم ١٠ دول أخرى من الاتحاد الأوروبى، بجانب كل من كندا وأستراليا، شكلت أيضًا ضغطًا على الحكومة الإسرائيلية المتطرفة.
ورغم أهمية هذه التحركات، إلا أن ضغوط الرأى العام العالمى باتت الورقة الأساسية فى الضغط على إسرائيل، فقد تصاعدت الاحتجاجات فى إسبانيا وإيطاليا ومعظم الدول الأوروبية، كما شهدت بلدان أمريكا الجنوبية احتجاجات غير مسبوقة داعمة لفلسطين، وشهد بلد عربى وحيد هو المغرب احتجاجات شعبية فى معظم مدنه فاقت حتى نظيرتها فى دول أوروبية. وصارت هذه الضغوط تمثل الورقة المتاحة للضغط على الحكومات التى بدورها تحركت من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويفترض أن تزيد من ضغطها على إسرائيل لوقف الحرب.
ستتوقف حرب غزة، آجلًا أم عاجلًا، بفعل ضغوط الرأى العام العالمى والمجتمع الدولى، ولن ينجح نتنياهو فى تحقيق كامل أهدافه بتهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته، حتى لو فكك تنظيم حماس واختفى سلاحها، واستبعدت من إدارة القطاع، إلا أنها ستبقى كأفراد متفرقين قادرين على القيام بحرب عصابات ضد قوات الاحتلال طالما أصرت على البقاء.
لقد أفرزت هذه الحرب تحركات شعبية غير مسبوقة فى مختلف دول العالم دفعت حكومات كثير من الدول إلى الضغط على إسرائيل لوقف الحرب والاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولعل مشهد الجمعية العامة للأمم المتحدة دليل على هذا التحول بين الدول الكبرى فى اتجاه دعم فلسطين ما عدا أمريكا.
أوراق الضغط الشعبية والدولية تمثل عكس جرائم نتنياهو، ومنها جانب من الرأى العام الإسرائيلى الذى يطالب بعقد صفقة لتحرير الرهائن، بجانب قسم هائل من الرأى العام العالمى يضغط على حكوماته لاتخاذ مواقف أكثر تشددًا من دولة الاحتلال، حتى أصبح تقريبًا العالم كله فى كفة وواشنطن وتل أبيب فى كفة أخرى.
تصاعد الاحتجاجات فى المدن الأوروبية، وحصد الأفلام الداعمة للشعب الفلسطينى الجوائز مثلما حدث مع فيلم «هند رجب» فى مهرجان فينيسيا، ومنع الرياضيين الإسرائيليين من المشاركة فى كثير من المسابقات الرياضية مثلما حدث فى إسبانيا، وأخيرًا دعوة كثير من دول العالم لمقاطعة إسرائيل اقتصاديًا وسياسيًا واعتبارها دولة منبوذة، كل ذلك تم بفضل ورقة الضغوط الشعبية المتصاعدة.