توقيت القاهرة المحلي 08:23:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جريمة الدوران الحر

  مصر اليوم -

جريمة الدوران الحر

بقلم : عمرو الشوبكي

مدهشة تلك الفلسفة الكارثية التي حكمت نظامنا المرورى منذ نهايات عهد الرئيس مبارك، وتعمقت في السنوات الأخيرة وعُرفت باسم الدوران الحر.لقد ظلت مصر طوال تاريخها الحديث تعرف شوارع طبيعية بها أرصفة وإشارات مرور وميادين مثل باقى خلق الله، صحيح أنها لم تكن نظيفة تماما مثل البلاد المتقدمة، وصحيح أيضا أن إشارات المرور لم يحترمها كثير من الناس، ولكن في النهاية كانت هناك قاعدة تحكم حركة البشر والسيارات، حتى اخترعت الحكومة المصرية نظامًا مروريًّا غير موجود في أي مكان في العالم، وانتشر كالسرطان في شوارعنا ومياديننا ويسمى «الدوران الحر»، ويقوم على إلغاء التقاطعات والميادين، ونقل دوران السيارات كيلومترات للإمام (بدلا من استخدام إشارة المرور)، حتى يسعدك الحظ لتجد دورانا يرجعك كيلومترات أخرى حتى تصل لمقصدك.

وانتقل هذا النظام من الطرق السريعة إلى معظم الميادين والشوارع، حتى استوطن مؤخرًا في مصر الجديدة، ونسى القائمون عليه أو تناسوا أن في البلد مشاة يستحقون إشارات مرور ومكانًا آمنًا للعبور، فلم تهتم الدولة إلا بتأمين الطرف الأقوى في المعادلة، أي صاحب السيارة، كما أنه رحّل مشكلة الزحام ولم يحلها، ونقلها من الميادين إلى نقطة أبعد قليلًا تتكدس عندها السيارات قبل أن تدور نصف دورة وتعاود السير.

إن حق المشاة في مكان عبور آمن يعنى حق المواطن وقيمته، وهو الذي يجب أن تنطلق منه أي مشاريع للتطوير المرورى.

إن جريمة الدوران الحر التي فجرت غضب مواطنين كُثر في حى مصر الجديدة بعد التشويه الذي أصابه، وبعد أن تفتق ذهن المسؤولين عن فكرة وهمية هي التعامل مع السيولة المرورية في حى سكنى وكأنه طريق سريع (Highway) وهى في حد ذاتها جريمة جنائية، وأن يكون ردهم أن على السكان تدبر حالهم بعمل كبارى للمشاة من أموال رجال الأعمال، وهو أمر يعكس نمطًا مشوهًا من التفكير، وحالة جهل بأبسط قواعد التطوير العمرانى الذي يجب أن ينطلق من أولويات السكان، لا أن يفرض عليهم ليس فقط نمط تطوير لا يرغبون فيه، إنما أيضا يعرّض حياتهم للخطر اليومى، ويقول لهم تصرفوا أنتم!! (توفى 10 أشخاص نتيجة حوادث سيارات منذ بدء العمل في كبارى مصر الجديدة).

إن منطق الدوران الحر هو منطق الموظف الخائب الذي يُرحّل المشكلات للموظف التالى ولا يرغب في مواجهتها، فمواجهة مشكلات المرور ستكون بإشارة مرور وبأماكن آمنة لعبور المشاة، ولو قرر أحد المسؤولين ألا يكتفى برؤية مصر الجديدة وزار جامعة القاهرة سيكتشف حجم الكارثة التي تسبب فيها نظام الدوران الحر، سواء في زيادة الاختناق المرورى، أو إهانة الطلاب وشباب الأساتذة الذين لا يملكون سيارات بطريقة عبور عشوائية للشارع، رغم أن عددهم عشرات الآلاف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جريمة الدوران الحر جريمة الدوران الحر



GMT 13:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 12:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon