توقيت القاهرة المحلي 18:58:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشيطان المصرى غير كل الشياطين

  مصر اليوم -

الشيطان المصرى غير كل الشياطين

معتز بالله عبدالفتاح

من هو أكثر شخص «تكرهه» من الشخصيات العامة؟ اكتب اسمه فى ورقة. تعرف تتكلم عن أفضل ثلاث صفات فيه؟ أغلب الظن لو أنك نتاج البيئة المصرية التقليدية والتعليم المصرى «العبقرى» فلن تستطيع أن تذكر صفة واحدة إيجابية فى شخص تكرهه. والعكس غير صحيح بالضرورة. لاحظ الشاعر العظيم محمد إقبال أن القرآن الكريم قال فى نبينا محمد، عليه الصلاة والسلام، الكثير من المدح الذى يليق بنبى عظيم، ولكنه فى نفس الوقت عاتبه فى بعض المواقف، والأهم أن الله سبحانه حرص على أن تظل آيات اللوم والعتاب مكتوبة ومرصودة فى القرآن الكريم. قال تعالى فى آية: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وجاء فى آية أخرى ليقول: ﴿وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾. هذا نبى لا كذب، ولكنه بشر لا ريب: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ﴾. وحين يتحرك البشر بعيداً ولو قليلاً عن الوحى يأتى الوحى ليصححه. ولكن لماذا لم يعاتب الله سبحانه وتعالى نبيه سراً بحيث لا نعرف عن هذا العتاب الربانى الحكيم لنبيه العظيم؟ هناك تفسيران أحدهما أنقله عن محمد إقبال والآخر أقدمه كتفسير إضافى؛ أما تفسير محمد إقبال الذى يعود فيه إلى علماء وفقهاء سابقين فهو أن القرآن الكريم أراد أن يقدم بشكل عملى وفى الكتاب المعجز، القرآن نفسه، دليل «بشرية» النبى لأن هناك نزعة عند بعض السابقين أن يخلطوا بين «قداسة المرسِل» (بكسر السين) و«قداسة المرسَل» (بفتح السين) فينسبون إلى الرسول قدسية لم تكن موجودة فى أصل الرسالة. ولكن حين يكون هناك دليل لغوى ملموس وواضح على بشرية الرسول تنتفى عنه القدسية ويظل النبى بشراً. وأضيف فهماً آخر، وهو أن الله سبحانه يريد أن يعلمنا شيئاً من العدل (وربما كذلك العقلانية) فى الحكم على الأشياء والأشخاص وأن يكون تفكيرنا أكثر تعقيداً من تفكير الأطفال؛ فنرى بعض عناصر القوة فى الحجة الضعيفة، ونرى بعض عناصر الضعف فى الحجة القوية. ونعرف كيف نستفيد من الناس، على عيوبهم، فى ما قد يكونون الأقدر فيه. وألا نبالغ فى مواقفنا من الناس. ولهذا فهم من يضعون مقررات المنطق والتفكير النقدى فى الخارج هذه القضية، فيجعلون جزءاً من تدريبات الطلاب أن يكتب الصفات الإيجابية فى بعض من يحبون، والصفات الإيجابية فى بعض من يكرهون. ألم يقل الحق سبحانه: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا﴾. بل ينتقدون أنفسهم كذلك، طلابى الأمريكان كانوا مطالبين أحياناً بأن يقيموا «الولايات المتحدة الأمريكية» وما لها وما عليها. كان عليهم أن يوازنوا بينها كأرض الأحلام والفرص ومهد الديمقراطية وغيرها من صفات نبيلة، ولكن عليهم كذلك أن يذكروا ويتذكروا أنها الأرض التى تمت فيها إبادة حوالى 25 مليوناً من السكان الأصليين الذين حلوا محلهم، وأن أجدادهم استعبدوا أكثر من 14 مليون أفريقى، مات منهم مئات الآلاف سواء فى البحر أو بسبب الأمراض، وعاشوا مئات السنين بلا حقوق. كما أن حروب أمريكا لضم ولايات الجنوب أدت إلى موت أكثر من مليون لاتينى من ساكنى المكسيك وأنها دخلت فى حروب ترتب عليها قتل ملايين الناس فى هيروشيما وناجازاكى وفى فيتنام وأنها ما تورعت عن قتل الآلاف فى تينيدادا ونيكارغوا وكوبا، فضلاً عن وضعها القوة فوق الحق فى العديد من مناطق العالم. هناك مجانين فى أمريكا لا يرون بلدهم إلا معقلا للقديسين والحكماء ولا يعترفون بأخطائهم أو أخطائها، صحيح، ولكن هم ليسوا كل المشهد السياسى والإعلامى والثقافى والتعليمى، هم فقط جزء منه. طيب وماذا عنا فى مصر؟ حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوك يتمنى لك الغلط.. واربط الطور مطرح ما يحب صاحبه.. ومطرح ما ترسى دق لها. "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيطان المصرى غير كل الشياطين الشيطان المصرى غير كل الشياطين



GMT 03:16 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مفجرة ثورة الطلبة

GMT 03:15 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مجدى يعقوب.. الإنسان أولًا

GMT 03:12 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (10)

GMT 03:08 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 02:59 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

إياك والـ«شير»!

GMT 02:55 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

لعبة أميركية مفضلة

الفساتين الطويلة اختيار مي عمر منذ بداية فصل الربيع وصولًا إلى الصيف

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:56 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار النفط تنخفض 1% مع استئناف شركات أمريكية الإنتاج

GMT 04:27 2019 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

سمية الخشاب بلوك مميز في أحدث جلسة تصوير

GMT 03:35 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

كايلي جريئة خلال الاحتفال برأس السنة

GMT 08:30 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

"أودي" تطلق سيارة "Q8" بقدراتها الجديدة

GMT 18:39 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

عرضًا من اليابان بإقامة لقاءً وديًا مع منتخب مصر

GMT 07:14 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

عدادات كهرباء ذكية في مصر تُشحن بالهاتف المحمول

GMT 06:40 2020 الإثنين ,03 آب / أغسطس

الأرصاد تفجر مفاجأة عن طقس رابع أيام العيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon