توقيت القاهرة المحلي 16:45:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كفاية خدمة فى «مصر»

  مصر اليوم -

كفاية خدمة فى «مصر»

مصر اليوم

حصل لنا تسييس مبالغ فيه فترتب عليه احتباس نفسى أضاع منا، مؤقتاً، الحد الأدنى من الإنسانية المبتغاة. يا شعب: السياسة فى خدمة الإنسان، والإنسان ليس فى خدمة السياسة. بلد بهذا الحجم وفيه هذا العدد من الأسماء المحترمة فى مجالها من مفكرين وفلاسفة وأدباء وفنانين غير قادرين على أن يضعوا الأمور فى نصابها الصحيح! الشباب معذور. كثيرون يريدون «خدمة مصر» وقادتهم الظروف للظن بأن خدمة مصر تعنى تسييس حياتهم وحياة الآخرين. أحياناً يلتقى الإنسان بشباب واعد ومحترم وجاد ويجد لديه من الحماس ما يجعله راغباً فى أن يغير الكون بما أعطاه الله من طاقة داخله. وهذا هو المعتاد عند هذه الشريحة العمرية، وهذا هو المعتاد فى أعقاب ثورة عظيمة كانت قائمة على افتراض أن مصر كانت مصر بسبب «مبارك». ولكن مع ذلك تجد روح الإحباط موجودة عندهم، اعتقاداً منهم أننا نضيع الوقت والجهد فى ما لا يفيد، وهنا بدأوا يكتشفون أن «مبارك» كان «مبارك» بسبب مصر. وحين حاول «مرسى» أن يلعب نفس الدور تحول إلى «ديكتاتور منتخب ديمقراطياً» كما جاء فى هذا المكان مع تحذير شديد له بأنه بهذا يعتمد على الشرعية الانتخابية وهى أضعف الشرعيات فى أيام الثورات. ولكن تظل المشكلة قائمة، فمبارك، ومن بعده مرسى، كان كل منهما الفرعون البارز على قمة مؤسسات الدولة، ولكن كل واحد فينا داخله فرعون صغير يظهر حين تتاح له الفرصة، كما قال الزكى النجيب محمود، رحمة الله عليه. وكل واحد سيتاح له حكم مصر لا بد أن يتخلص أولاً من هذا الفرعون رباعى الأبعاد. إنه الفرعون الذى يظن أنه الحق والخير والجمال والوطنية، وأن المخالفين له هم الباطل والشر والقبح والخيانة (أسطورة التمركز حول الذات)، وألا يقع أسيراً للتبسيط المخل للمشاهد المركبة التى نعيشها فيبحث عن كلمة واحدة تلخص له الكون حتى لو كانت خطأ ولا يدخل فى التشخيص المركب حتى لو كان صواباً (أسطورة الاختزال)، وألا يتحول كل اختلاف فى وجهات النظر إلى حالة من الكراهية والغل والعداء، وألا يتحول أى اتفاق فى وجهات النظر إلى حالة من التقديس والعشق والتأييد الأبدى (أسطورة الفُجر فى الاختلاف). لو كان لى من طلب من القارئ الكريم، فهو أن نقول ما يلى ثلاث مرات: أنا لا أحب فلاناً أو أكرهه، أنا أتفق معه أو أختلف معه. والفرعونية السياسية ترتبط بظاهرة المناضل الباحث عن قضية، أى الشخص الذى قرر أن يكون بطلاً قومياً ونفسه يكون جيفارا ويبحث عن الاستعمار الذى يريد تحرير البلاد منه؛ فبدلاً من أن يبدع فى مجال عمله فى الطب أو الهندسة أو المحاماة أو الأدب، فقد وجد أن الأفضل أن يحمّس الناس من أجل إلقاء الطوب والمولوتوف ويحرق مؤسسات الدولة ويدخل نفسه وغيره فى مغامرات يترتب عليها تعريض حياته، التى لا يعرف هو كم هى غالية على الوطن بأكمله، وحياة آخرين من أجل الانتصار فى معركة وهمية. كفانا نضالاً من أجل أشخاص أو أفكار ليست واقعية: علينا أن نفكر بمنطق النضال للتخلص من الانقسام إلى تخلص من الجهل والفقر والمرض التى هى من أسباب الاستبداد. أنا فى الحقيقة من مدرسة ألا نخدم «مصر» وإنما أن نخدم ما يقع فى إطار تأثيرنا من «مصر». مصر بالنسبة لأغلبنا لا تزيد على مائة متر مربع تقع فى محيط السكن الذى نعيش فيه أو محل عملنا أو المسجد أو الكنيسة التى نصلى فيها. كيف يكون أمام المسجد أو الكنيسة هذا الكم من القمامة والناس يدخلون ويخرجون وكأن القمامة لا تتناقض مع صحيح العبادة. توقَّف عن التفكير فى خدمة مصر لليلة واحدة، وقرِّر وحدك أو مع أحد أصدقائك أن تنظف أمام بيتك أو أمام المسجد أو الكنيسة. فكِّر فى مكان عملك أن تعين ملهوفاً ذا حاجة وتكون هذه هى خدمتك لمصر. لا تضيع وقتك كثيراً فى تدمير الآخرين، اسعَ لبناء نفسك وبلدك، واجعل خدمتك لها بعيداً عن سب وقذف الآخرين، لأن هذا لن يخدم البلد فى شىء. ذهب مبارك وذهب مرسى، وستبقى مصر. اخدمها بدءاً بخدمة أول محتاج تقابله.  نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كفاية خدمة فى «مصر» كفاية خدمة فى «مصر»



GMT 09:58 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

فينعِق!

GMT 09:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

اصطدمت بجبل

GMT 09:49 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (١١)

GMT 09:47 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

قرار المحكمة

GMT 09:46 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

تحدى القراءة العربى

GMT 09:45 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

«بيان تكوين» أفْلَحَ إنْ صَدَقَ!!

GMT 09:43 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

دكتوراه فى القطن!

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 18:33 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة سهلة لريال مدريد وصعبة لبرشلونة في كأس الملك

GMT 12:49 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تصرف غريب من خبيرة مكياج أفزع عريس في ليلة زفافه

GMT 05:22 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

موضة "الشفاة البراقة" الأحدث في ربيع وصيف 2018
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon