توقيت القاهرة المحلي 12:12:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بدائل «الإخوان» وبدائل مصر

  مصر اليوم -

بدائل «الإخوان» وبدائل مصر

معتز بالله عبد الفتاح

بعضنا يزعم أنه يتظاهر من أجل الشرعية وليس من أجل «مرسى» أو من أجل «الجماعة»، وهذا كلام سأجتهد فى تصديقه، لكن هل لو كان الرئيس الذى خرج عليه الناس فى «30 يونيو» هو الفريق أحمد شفيق، هل كنت ستتظاهر وتعتصم من أجله أيضا؟ أشك كثيرا. إذن هو تظاهر من أجل الشرعية التى اكتسبها الدكتور مرسى بالانتخابات وفقدها بغفلته وسوء تقديره وعدم استماعه لناصحيه من غير جماعته. وفى كل الأحوال، التظاهر حق مشروع طالما كان سلميا. هذه ملاحظة أولى. الملاحظة الثانية ترتبط بحقيقة أن تجربة التحول الديمقراطى فى مصر أصيبت بانتكاسة بسبب تعنت الرئيس وجماعته وما ترتب عليه من تدخل الجيش للحجْر السياسى عليه. وستكون تجربة العامين ونصف العام السابقة حجة يستخدمها من لا يرون فى المشاركة الرسمية عبر الصندوق فائدة؛ فقد تم إهدار إرادتهم الشعبية خمس مرات فى استفتاءين دستوريين و3 انتخابات تشريعية ورئاسية كما أوضحت فى مقالى من يومين بعنوان «ديمقراطية صندوقراطية أم شارعقراطية؟». وهذا منطقى فى بيئة سياسية الكل يتبارى فيها فى الأخطاء. فى مقال متواضع لى فى 21 يونيو 2013 بعنوان «الرئيس مرسى يتآكل» جاء فى ختامه: «المجتمع دائرة كبيرة، داخلها الدولة، والدولة الآن أضعف كثيرا من المجتمع، وداخل الدولة هناك السلطة، والسلطة الآن أضعف كثيرا من الدولة. وداخل السلطة هناك القيادة، والقيادة الآن أضعف من السلطة، وفى قلب القيادة توجد الرئاسة، والرئاسة لم تنجح فى أن تملأ مقعد القيادة ولم تستعن بمن يساعدها على ذلك. والرئيس لا يرى كل ذلك». ولهذا كانت المقولة التى ذكرتها فى مارس 2013: «هناك من بين الثائرين والمعارضين من يريد إسقاط الرئيس مرسى، وهو يساعدهم». هل من جديد؟ إنه يستمر فى مساعدتهم؛ لذا أطلب من الدكتور مرسى جاداً أن يستجيب لطلبى الذى ذكرته فى مقال سابق لى: «رشّح نفسك فى انتخابات مجلس النواب». النائب البرلمانى المعقول ليس بالضرورة رئيسا ناجحا. هذا لمصر، وليس لـ«مرسى». انتهى الاقتباس الذى كان موضع نقاش لى مع عدد من الشباب وبعضهم من شباب الإخوان الذين اجتمعوا بى فى الأيام الماضية. حاولت أن أوضح لهم أن فريق صنع القرار السياسى فى أى دولة أشبه بفريق كرة قدم فى مباراة صعبة: خط الهجوم هو البراجماتية وربما أحيانا الميكيافيلية (أى: اتخاذ قرارات لا سند لها إلا تقدير المصلحة العامة أو الخاصة لمن هو فى السلطة)، لكن خط الوسط هو الإطار الأخلاقى فى المجتمع، وخط الدفاع هو الدستور والقانون. ويفترض فى من يحكم أن ينسج خطته على أساس الاستفادة من خطوطه الثلاثة؛ فلا يمكن أن يكون براجماتيا/ ميكيافيليا فقط طول الوقت. أى فريق سياسى سياسى يقرر أن يلعب بخط الهجوم البراجماتى الميكيافيلى فقط دونما سند من الإطار الأخلاقى للمجتمع والدستور والقانون قد يحقق بعض الأهداف، لكنه يقينا سيخرج مهزوما؛ لأن الطرف الآخر سيعامله بنفس الميكيافيلية وسيستغل المساحة التى تركها الفاعل السياسى الأصلى من الأخلاق والقانون ضده، وهو ما كان. وقد حاول الدكتور مرسى أن يعمل هذا النسيج الثلاثى فى بداية عهده، لكنه بمرور الوقت فقد بوصلته. البراجماتية (وأحيانا الميكيافيلية) استخدمها الدكتور مرسى مثلا حين برر قرض صندوق النقد الدولى الذى كان يعارضه وحزبه وجماعته قبل عدة شهور؛ لأنه قرض ربوى بأنه لا يوجد ربا وإنما هى مصاريف إدارية. وقد تصرف فى معظم قراراته من الإعلان الدستورى وحتى خطبة «أنا الشرعية والشرعية أنا» بالكثير من البراجماتية والميكيافيلية على نحو أفقده خطى الوسط والدفاع. هو رجل يأتى على خلفية أنه رئيس «إسلامى» والمتوقع منه أن يلتزم الإسلام فى حكمه أو أن يوضح ما الفارق الحقيقى بين أن يحكم المصريين رئيس من خلفية «إسلامية» وأن يحكمهم رئيس لا يدعى لنفسه هذه الخلفية مثل «مبارك» السابق عليه. الرئيس الإسلامى وعد كثيرا وأخلف كثيرا، بل إن الإعلام لعب دورا مهما فى كشف أنه ومن ينتسبون إلى جماعته كانوا يحكون روايات «غير محبوكة» فى تفاصيلها بما يحمل شبهة الكذب وعند آخرين هى كذب صريح. بل إن البعض رأى أنه خرج عن الإطار الأخلاقى الذى ربط نفسه به باعتباره «إسلاميا» حين استحل بعض المنتمين له الخوض فى أعراض بعض الناس والإيذاء البدنى لمخالفيهم السياسيين. وفقد الرجل سيطرته على الإطار الأخلاقى بوضوح حين ترصد بعض أنصاره بشيخ الأزهر وكالوا له الانتقادات بما جعل كثيرين من المصريين يرون أن هذا الهجوم له أغراض سياسية بحتة وأن الأزهر أصبح فى مرمى الأخونة. ولم يلتزم الفريق الحاكم بالإطار الدستورى والقانونى بدءا من عدم الوفاء بالوعد الرئاسى بأن يخضع مشروع الدستور قبل العرض على الاستفتاء لتوافق وطنى، ثم عدم احترام المؤسسات القائمة على هذا الإطار الدستورى والقانونى من حصار وتعنت وإيحاءات وإهانات بدت وكأن الهدف منها هدم هذه المؤسسات لإعادة بنائها على قواعد تسمح بالسيطرة على هذه المؤسسات. وهنا وقع الدكتور مرسى وأنصاره فى خطأ شائع فى مصر حتى عند المعارضين، هو أن المصريين يثقون فى السياسيين. لو صدقت ملاحظتى فالمصريون لو كان لهم أن يختاروا بين مؤسسات الدولة بفسادها أو السياسيين المتنازعين بانتهازيتهم لاختاروا مؤسسات الدولة. وهو ما حدث فى الاستفتاء على الدستورين: الناس وجدت أن مؤسسات الدولة مثل القضاء والجيش والشرطة والأزهر تسير فى خط «نعم» فقالوا فى أغلبيتهم «نعم» ولو جاء فى الدستور الجديد ما لا ترضى عنه مؤسسات الدولة، فأشك أن يلقى موافقة أغلب الناس. ومن هنا بدأ الرئيس وفريق عمله وكأنهم يظنون أن الشارع معهم وبالتالى لا حاجة للإطارين الأخلاقى أو الدستورى. ومن هنا فقد تعاطف الكثيرون فى الشارع وفقد دعم مؤسسات الدولة له. إذن ما العمل؟ حتى الآن خسائر الإخوان هى خسائر سياسية فى منصب رئيس الجمهورية ومجلس الشورى مع تراجع واضح فى تأييدهم بين من كانوا يحسنون الظن فيهم، سواء عن جهل بهم أو تعاطف معهم. استمرار الاعتصامات وغلق الطرق وتبنى خطاب تصعيد يربط بين ما يحدث من إرهاب فى سيناء والجماعة سيعنى أن الجماعة ستخسر كذلك اقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا بأن ينظر الناس للكثير من أعضائها، وهو أمر بدت ملامحه الآن، على أنهم «ضد مصر» وأنهم «خونة وعملاء وإرهابيون»، ثم قد تمتد الخسائر إلى ما هو قانونى ودستورى بأن يتم حظر الحزب والجماعة وهو ما يريده أعداؤهم بهم. وبما أن الجماعة أثبتت مهارة استثنائية فى الوقوع فى كل الفخاخ التى نصبت لهم، فأعتقد أنهم سيخسرون كل شىء تباعا؛ لذا أدعوهم مخلصا، مع ظنى أنهم لن يسمعوا كلامى، إلى أن يفكروا فى العودة للعمل الدعوى والبعد عن الصراع الحزبى إن كانوا فعلا «إسلاميين ومصريين»؛ ففى هذا خدمة كبيرة للإسلام ولمصر. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بدائل «الإخوان» وبدائل مصر بدائل «الإخوان» وبدائل مصر



GMT 06:37 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

يعقوب يكتب مذكراته

GMT 06:34 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

اعترافات ومراجعات (53).. مذكرات مجدي يعقوب

GMT 06:31 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

الهدنة المؤقتة

GMT 06:29 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

عصام الشماع موهبة قهرها الزمن!!

GMT 06:26 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

ماذا يقرأ المتظاهرون؟!

GMT 06:23 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حياة غالية وأخرى فالصو

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

البلدية جاية

GMT 02:24 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:21 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يشكل لجنة ثلاثية لمتابعة شؤون اللاعبين

GMT 11:47 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنانة سهر الصايغ

GMT 20:10 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات جمهورية للرئيس السيسي

GMT 22:11 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

طارق يحيى يؤكد أن مرتضى منصور شخصية طبية وودودة

GMT 11:20 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

بيومي فؤاد يصور فيلمه الجديد "بكرة" في الزمالك

GMT 15:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

"أبل" تدرس نقل أعمالها في الصين إلى دول آسيوية

GMT 10:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أسعار العملات العربية اليوم الأربعاء 19-6-2019

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تسريحات شعر من وحي نادين نجيم في "خمسة ونصف"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon