توقيت القاهرة المحلي 22:04:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثعبان الإخوان

  مصر اليوم -

ثعبان الإخوان

معتز بالله عبد الفتاح
فى واحدة من محاوراتى مع باحث خليجى نافذ عن الأحوال فى مصر، أكد على أمرين: الأول أن هناك اهتماماً خليجياً شديداً بما يحدث فى مصر انقسم إزاءه الكثيرون بين «إخوانى» و«معادٍ للإخوان» مثلما كانوا ينقسمون بين «أهلاوى» و«زملكاوى» مع احتمالية تبادل المواقع. ثانياً، أن الخوف من «ثعبان الإخوان» شديد للغاية، والتعبير له، على استقرار دول الخليج، حيث كان النموذج الذى يطرحه مبارك غير مغر بالاحتذاء: فقر وقمع لأغلب المواطنين، لكن لو نجحت الثورة المصرية ونجح حكم الإخوان، فسيكون نموذجاً يراود البعض تكراره فى مجتمعات الخليج. وعليه، فإن إخفاقات الإخوان والكثير من السلبيات التى تمر بها الثورة المصرية، فضلاً عن نظيراتها فى سوريا وليبيا وتونس، جعلت الكثيرين ممن لديهم تحفظات على النظم الحاكمة فى الخليج، لا يفكرون فى امتداد الربيع إلى حدودهم. وبسؤاله عن «ثعبان الإخوان» كان الكلام عن أن هناك من ينظر إلى الإخوان على أنهم «الثعبان الصغير» بحكم حداثة وصولهم إلى السلطة، ولكنهم حين يكبرون ويسيطرون ويتمكنون ستمتد أبصارهم خارج مصر حيث المحيط العربى الأوسع والذى يكاد يوجد لهم فى كل دولة عربية منه فرع، ودول الخليج ليست استثناء. أتذكر من سنوات حين كان الحديث عن التكامل الاقتصادى العربى مطروحاً، كان المصطلح المستخدم هو «الفيل المصرى» وكان السؤال من الذى يحب أن ينام بجوار الفيل. مصر بعدد سكانها وبثقلها التاريخى ستكون «عبئاً» على أى دولة تتكامل معها، والكلام ينصرف إلى التكامل الحقيقى، وليس فقط توقيع اتفاقات لا تساوى الحبر الذى كُتبت به، من وجهة نظر هؤلاء. إذن، من وجهة نظر الخائفين من الثورة المصرية وما أفضت إليه من وصول الإخوان إلى السلطة، الآن مصر أصبحت «فيلاً» يحكمه «ثعبان»، وإن أرادت أن تنهض فعليها أن تعتمد على نفسها تماماً. هذه الطريقة فى التفكير شائعة للغاية، ولا يبدو أن شيئاً يمكن أن تفعله النخبة الإخوانية كى يغير هذا التوجه لعدة أسباب: أولاً، كل الامتدادات والفروع الإخوانية فى كل الدول العربية التى تسمح بقيام أحزاب سياسية، قامت بالفعل بتشكيل أحزاب سياسية تسعى للوصول إلى السلطة تحت مظلة الإخوان المسلمين، وهو ما نراه فى دول الشمال الأفريقى والأردن واليمن. ثانياً، هناك أزمة مصداقية فى علاقة الإخوان بخصومهم السياسيين حتى داخل مصر قبل خارجها، بما يعنى أن أى التزامات يعلنها رئيس الجمهورية الحالى عن عدم تدخل مصر فى شئون هذه الدول ستقابله النخب الحاكمة فى دول الخليج مثلاً بنفس النهج الذى تتعامل به المعارضة المصرية مع الرئيس مرسى. ثالثاً، فائض الأموال العربية، والتى تُقدر بحوالى ثلاثمائة مليار دولار، تجد لها مكاناً مستقراً ومربحاً لها خارج المنطقة العربية، وكى تعود فلا بد من إجراءات اقتصادية وتشريعية كثيرة فى مصر كى تصبح مصر مستقراً لها. المستثمر الأجنبى أو العربى لا يدخل السوق المصرية إلا إذا كان له شركاء مصريون. والشركاء المصريون أنفسهم يجتهدون فى الخروج من السوق المصرية بسبب الملاحقات التى تنالهم قضائياً والتشهير بهم إعلامياً. رابعاً، حين تهتم الدول والشركات ذات الفوائض الاقتصادية بالاستثمار فى دولة ما، فلا بد لهذه الدولة أن تحقق شروطاً معينة سياسياً واقتصادياً وتشريعياً وشعبياً. وهذا غير متحقق فى مصر الآن. ولن يتحقق إلا باستدعاء خبراء حقيقيين فى الملفات الكبرى، ومصارحة حقيقية مع الشعب أولاً ثم مع العالم، وتجنب الوعود التى لا يلتزم بها مطلقوها، وهذا أخطر ما يحدث من مؤسسة الرئاسة الآن. خامساً، جماعة الإخوان المسلمين لا بد أن تقنن أوضاعها وأن تصبح «جمعية مصرية» خالصة ليس لها أى نشاط خارج حدودها، وتخضع تماماً للقانون المصرى بما فى ذلك الكشف عن مصادر تمويلها وعدد أعضائها وألا تلعب أدواراً سياسية إلا من خلال حزبها. وحتى وإن ظلت أفكار مؤسس الجماعة ملهمة لآخرين فى أماكن أخرى، لكن مصر ليست، ولن تكون، نقطة انطلاق لتهديد أحد من الجيران. بغير ذلك، سيكون الوصف الذى قاله الباحث الخليجى صحيحاً، وستكون نتيجته وبالاً على مصر والإخوان. هذه تذكرة، عساها تنفع، وإن كنت أشك فى ذلك. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثعبان الإخوان ثعبان الإخوان



GMT 10:07 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

فشلنا في امتحان الجاهزية والاستعداد

GMT 10:05 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السَّنة الفارطة... الإعصار دونالد

GMT 10:04 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

عن اقتصاد السّوق واقتصاديات السُّوء

GMT 10:02 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

القدية غربَ الرياض تُلقي التَّحية الأولى

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

هل ثمّة حياة بعد الدولة الأمّة ذات الحكم المركزي؟

GMT 09:59 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

السلطة والطرب... فيلم «الست»

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

عامٌ «ترمبي» يرحل وآخرُ يُقبل

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

غداً عامٌ جديد

GMT 08:11 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026
  مصر اليوم - رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026

GMT 17:18 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يوضح موقفه من المناورات الصينية حول تايوان
  مصر اليوم - ترامب يوضح موقفه من المناورات الصينية حول تايوان

GMT 08:26 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026
  مصر اليوم - نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026

GMT 09:48 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 09:52 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الدلو الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 04:54 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

وصفات طبيعية لحماية بشرتك من الجفاف

GMT 08:44 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 07:58 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

البشير يهدي جزيرة سواكن لأردوغان لخدمة أغراض عسكرية

GMT 07:18 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يوقع قانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt