توقيت القاهرة المحلي 20:37:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القرضاوى 1954 - 2014

  مصر اليوم -

القرضاوى 1954  2014

معتز بالله عبد الفتاح

منشور على موقع الدكتور يوسف القرضاوى هذا الجزء من مذكراته. من الذكريات المؤلمة التى لا أنساها: أن الإخوان كانت لهم نشرة سرية تصدر فى هذا الوقت تحت عنوان «الإخوان فى المعركة» تهاجم ثورة 1952 ورجالها بعنف، وتتضمن المنشورات الثورية التى تصدر عن قيادة الإخوان مثل منشور عنوانه: «هذه الاتفاقية لن تمر» (يعنى: الاتفاقية التى عُقدت مع الإنجليز) وآخر بعنوان: «خمسة وعشرون مليوناً يباعون فى سوق الرقيق». وكان ينسب إلى الأستاذ سيد قطب أنه محرر هذه المنشورات الثورية بقلمه. وقد أذاعت هذه النشرة نبأً قالت فيه: إن القرضاوى والعسال قد مرقا من الدعوة، وانضما إلى ركب الخونة، وعلى الإخوان أن يحذروا منهما! وقد استجاب الإخوان لذلك، حتى قابلنى بعض الإخوة الذين كانوا يُعتبرون من تلاميذى، فأعرضوا عنى، ونأوا بجانبهم: وبعضهم قال لى: لم يعد بيننا وبينك رباط. وهذا أمر شائع فى الإخوان، أذكر أنه حين صدر أمر بفصل الشيخ الغزالى والأستاذ صالح عشماوى، والدكتور محمد سليمان، والأستاذ أحمد عبدالعزيز جلال، وكنا فى معتقل العامرية، وكنت أتحدث مع أحد وعاظ الإخوان المعروفين، وجاء ذكر الأخ الشيخ الغزالى، فقال: الغزالى لم يعد أخاً لنا، لا هو ولا إخوانه المفصولون من الجماعة. قلت: لم يعد أخاً لنا فى الجماعة، ولكنه بقى أخاً لنا فى الإسلام. قال: إن عمله فصل ما بيننا وبينه. قلت: هل يهدم تاريخ الشخص وجهاده كله بزلة واحدة يزلها؟ إن الله سبحانه لو عامل الناس بهذه الطريقة لدخلوا جميعاً جهنم. إن الرسول الكريم علمنا أن الإنسان تشفع له سوابقه، وتغتفر له بعض سيئات حاضره من أجل مآثر ماضية. وقد قال لعمر فى شأن حاطب بن أبى بلتعة، وقد ارتكب ما يشبه الخيانة للرسول وجيشه: «ما يدريك يا عمر، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فإنى قد غفرت لكم». من أجل جهاده فى بدر غفر له ما اقترفه فى فتح مكة!وهذا ما يُعاب على الإخوان: أنهم إذا أحبوا شخصاً رفعوه إلى السماء السابعة، وإذا كرهوه هبطوا به إلى الأرض السفلى. والمفروض فى الإنسان المؤمن، لا سيما الداعية، الوسطية والاعتدال فى الحكم على الناس، فى الرضا والغضب، والمحبة والعداوة، فإذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق، وإذا رضى لم يدخله رضاه فى الباطل، وإذا أحب لم يحابِ من يحب بالكذب، وإذا عادى لم تبعده عداوته عن الصدق، كما قال تعالى: «وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ» (الأنعام)، «كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» (النساء)، «وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ» (المائدة). وقد كان من دعاء النبى، صلى الله عليه وسلم: «وأسألك كلمة الحق فى الغضب والرضا». على أن الكراهية هنا لا ينبغى أن يكون لها مورد، فإن اختلاف الناس فى السياسات والمواقف، كاختلافهم فى الأحكام والفقه، والواجب هنا: أن تختلف الآراء ولا تختلف القلوب، وأن يعذر الإخوة بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه. والمختلفون هنا يقال فيهم: مصيب ومخطئ، لا مؤمن ومنافق، أو صالح وفاسق، إذا حسنت النيات، وصفت القلوب، وهذا ما يظن بأهل الدعوة إلى الإسلام، وإن اختلف بعضهم مع بعض. فالمصيب منهم مأجور، والمخطئ معذور. بل المصيب مأجور أجرين، والمخطئ مأجور أجراً واحداً، إذا كان خطؤه ناشئاً عن اجتهاد. وفى القرآن الكريم: «عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (الممتحنة): وهذه وردت فى شأن المشركين المعادين، فما بالك بالمسلمين الموالين؟! انتهى كلام الشيخ، وأطلب منه أن يفعل كل ما فى جهده حتى لا تتحول مصر إلى سوريا أخرى. أرجوه أن يفكر فى الأمر من هذه الزاوية. وأرجو أن نطبق فقه الأولويات والموازنات وأزعم أن أولى الأولويات هى أن نحقن الدماء. وكل من له كلمة أو رأى أو قرار عليه أن يُعمله لحقن دماء المصريين، ولننقذ أنفسنا من أنفسنا. وعسى الله أن يجعل بيننا مودة. والله قدير، والله غفور رحيم. الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرضاوى 1954  2014 القرضاوى 1954  2014



GMT 20:16 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

مسلسل «المفتي»

GMT 20:15 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

العقاد والمسيح والحب

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

هل يعتقل نيتانياهو..؟

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

محاكمة ترامب!

GMT 19:44 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

هل خسرت إسرائيل الحرب؟

GMT 19:43 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

جناية التطرف على صورة الإسلام المعاصر

GMT 19:40 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

الفخرانى .. وتدريس الفنون كمادة إجبارية

GMT 19:39 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

ريال مدريد سلاح التلميذ

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

غادة عبد الرازق تنافس فى رمضان 2025 بمسلسل جديد
  مصر اليوم - غادة عبد الرازق تنافس فى رمضان 2025 بمسلسل جديد

GMT 12:03 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:35 2021 الأربعاء ,28 تموز / يوليو

محمد جمعة ينشر البوستر الرسمي لمسلسل "الحرامي 2"

GMT 02:11 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

مجدي عبد الغني يؤكد على عدم إلغاء " الدوري"

GMT 20:28 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن حوار بين سكيلوتو وتيفيز بنهائي "ليبرتادوريس"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon