توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأردن يثبت أن القرار "1325" مهمة ليست مستحيلة!

  مصر اليوم -

الأردن يثبت أن القرار 1325 مهمة ليست مستحيلة

بقلم : سمر محارب

بعد مضي أكثر من 15 عاما على إقرار مجلس الأمن للقرار "1325"، دأبت العديد من المنظمات في العالم العربي على محاولة تفعيل هذا القرار وتطبيقه، نظرًا لإدراكهم أهميته في ضمان دور فاعل ومساهمة حقيقية للمرأة في العالم العربي لمنع نشوب الصراعات وحلها.

وتتمثل هذه المساهمة في انخراط المرأة في جهود بناء السلام، والمشاركة بالاستجابة الإنسانية، وتعزيز مشاركتها في برامج الحماية عند الأزمات ومشاريع إعادة الإعمار بعد الدمار، وغيرها من المهام التي يتوجب مشاركة المرأة فيها كونها تمثل مع الأطفال النسبة الأكبر من الضحايا المدنيين في الحروب والأزمات.

وبناءً عليه، كان من المطلوب وضع خطط عمل وطنية لمعرفة كيفية تطبيق القرار، وتشجيع الحكومات للتعاون في سبيل تصميم هذه الخطط ،حيث سجّل العراق وفلسطين تجارب ناجحة كأول دولتين عربيتين تطلق خطط عمل وطنية تعنى بتنفيذ القرار، وذلك من خلال جهود مكثّفة للمجتمع المدني ودعم من الجهات الرسمية.

وقد انضم الأردن اليوم لهذه النجاحات بإقرار خطته الوطنية ليصبح الدولة الثالثة عربيًا التي تفعّل القرار على المستوى الوطني،  وذلك عبر جهود مكثفة لتحالف وطني شُكّل برئاسة اللجنة الوطنية لشؤون المرأة وشمل القطاعات الحكومية والأمنية المختلفة ومجموعة من منظمات المجتمع المدني المختصة بهذا الشأن.

وقد أثبتت هذه التجربة مقدار الفعالية التي يملكها المجتمع المدني، ومقدرته الواضحة على رصد التقدم المحرز في جدول أعمال القرار1325، وإدراك هذا الدور من قبل الحكومات والمنظمات الدولية رغم ضعف خبرات المنظمات في هذه المجالات الحساسة، والناتج عن عدم إشراكها بالسابق بالتخطيط والتنفيذ للاستجابات الإنسانية والأزمات الأمنية والسياسية، ودعمها بالتمويل اللازم حتى تستطيع تولي هذه الأجندة الصعبة، وتعزيز إمكاناتها للمساهمة في تنفيذ القرار عند الحاجة.

وفي الوقت الذي أنجز فيه الكثير فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم 1325 على مدى السنوات الماضية دوليًا ومحليًا، تُوّجت بإقرار الخطة الوطنية للأردن، إلا أن التحديات في سبيل تطبيقه وتنفيذ هذه الخطة الصعبة لا زالت موجودة.
وتتمثل أولى هذه التحديات الحاسمة ، في ترجمة القرار إلى مختلف اللغات العالمية وخصوصًا العربية، حيث أن اللغة والمصطلحات المستخدمة في قرارات الأمم المتحدة تميل إلى أن تكون فضفاضة وتقنية للغاية، وتحتاج إلى تفكيك محتواها بما يلاءم كل حالة على حدة حسب السياقات الاجتماعية - السياسية الوطنية الحالية. وتكييفها مع مختلف أنواع الأزمات التي قد يواجهها البلد، حيث أن الاستجابة لأزمات الحروب والصراع تختلف عن الاستجابة لأزمة اللاجئين أو الكوارث الطبيعية. كما أن استخدامات اللغة تختلف من وقت لآخر، كالسؤال الذي يثور دائمًا حول معنى الأمن والحماية والسلم وماذا نقصد به تبعًا للظروف الآنية في كل دولة.

ويكمن التحدي الآخر في تحقيق واستمرار التنسيق الفاعل بين الجهات العاملة على تنفيذ القرار، سواء الحكومية أو منظمات المجتمع المدني التي لا تزال تواجه تحديًا نسبيًا في التنسيق بينها على مستوى  الأجندات والأولويات، خاصة في ظل عدم  تحقق أهداف الحماية الرئيسية في أوقات السلم والاستقرار؛ كالحد من حالات العنف الجنسي والزواج المبكر والقسري والتعذيب بالمعتقلات والسجون والاتجار بالبشر والدعارة والاستغلال الجنسي والتي تتفشى بمجرد نشوب أي نزاع وتتأثر بها الدول والمناطق المجاورة له.
ولا تزال الجهود مجتزأة بسبب الافتقار إلى التمويل الوطني والدولي المخصص لدعم تنفيذ القرار، وديمومة التنسيق والدعم المادي المطلوب في وقت السلم والحرب باعتبارها التزامات طويلة الأمد، يصحب ذلك فهم غير واضح لماهية الركائز الرئيسية لقرار مجلس الأمن 1325 وتطبيقه -أي الوقاية والحماية والمشاركة - في السياق الوطني وكيفية  حدوث ذلك على أرض الواقع.

ويزداد الوضع تعقيدًا من حيث أولوية التطبيق في دولة مثل الأردن، لا تعاني بشكل مباشر من أي نزاع مسلح بحد ذاته، إلا أنها تتأثر بشدة بالحروب التي تحدث في البلدان المجاورة، وهنا تكمن المعضلة في فهم الكيفية التي يتم فيها تطبيق قرار يختص بالنزاع وبناء السلام، ومقاربة المفهومين للسياق الوطني ووضع أجندة عمل تحدد المسؤوليات وتوزع الأدوار و تعالج كافة هذه المسائل. وهذا ما حققته الخطة الوطنية والتي رسمت الإطار العام لتنفيذ القرار وتم إقرارها من قبل رئاسة الوزراء، كتأكيد لالتزامهم ببنود هذه الخطة وتنفيذ هذه الأجندة الهامة.

وعلى هذا النحو، فإنه لا بد أن تأخذ حماية النساء والفتيات في أوقات السلم والنزاع في مجتمعاتنا المتأثرة بالأزمة بشكل مباشر، أو المستضيفة لتبعات الأزمات بالدول الأخرى على حد سواء، أهمية رئيسية كخطوة أولى نحو تمكين النساء للمشاركة في منع المزيد من النزاعات داخل مجتمعاتهن المحلية.

وبما أن وضع حقوق المرأة يفقد الأولوية في المنطقة العربية في أوقات النزاع وحالات الطوارئ، ليس من السهل تمكين المرأة ودعمها للعب دور أكثر من مجرد الحماية كما هو مطلوب في القرار1325وخاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها عند محاولتها ممارسة حقوقها والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة.

و الدليل على ذلك أننا ما زلنا في مرحلة ضمان الآليات التشريعية اللازمة لتوفير الحماية القانونية الفعّالة للمرأة ابتداءً من الوقاية مثل تيسير إصدار الوثائق اللازمة كبطاقات الهوية وشهادات الميلاد والزواج أو أذونات التنقل والإقامة بالنسبة للاجئات، وصولًا إلى الخطوات الحاسمة لتمكين المرأة بشكل عام من الوصول التام والآمن إلى الخدمات الأساسية الأخرى، مثل المأوى والغذاء والخدمات الصحية والتعليم، والدعم الاقتصادي والقانوني لحمايتها من الاعتداء ومعاقبة المعتدين بالعقوبات الرادعة ، ومن ثم القدرة على تمكين النساء والفتيات من ممارسة حقوقهم المدنية والاجتماعية والسياسة والمشاركة في صنع القرار ومنع الصراعات وإحلال السلام  في مجتمعاتهن المحلية.

وحتى يتمكن الأردن والدول العربية كافة من المضي قدمًا، فلا بد من دعوة جميع الجهات الفاعلة في الحكومات الوطنية، والأمم المتحدة إلى حشد الإرادة السياسية لتوفير الحلول السياسة والسلمية للأزمة في منطقة الشرق الأوسط كأولوية أولى، وتوفير المساعدات الاقتصادية والإنسانية إلى المناطق المتضررة. ومن ثم ضمان إجراءات شاملة لوضع للمرأة تعمل على فتح قنوات مشاركة سياسية ذات مغزى. ومطالبة المجتمع المدني الوطني والدولي ببذل جهود لتعزيز التضامن بين مختلف المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية والتعلم من تجارب الدول الأخرى في كيفية تطبيق هذه الخطط، وأيضًا التأكيد على أهمية شمول المواطنين وغير المواطنين في برامج الحماية وإقامة صلات قوية فيما بينهم وبين الجهاز الأمني وتعزيز الثقة بسيادة القانون.

 ومن الضروري أيضًا مراجعة الأجندات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشكل شمولي مع خطة العمل الوطنية للقرار 1325 للوصول إلى نظم حماية آمنة وفعالة و مستدامة تحد من العنف المجتمعي والصراعات الدولية. ومن ثم توثيق الدروس المستفادة والخبرات التي اكتسبتها المنظمات الدولية في مجال التصدي للأزمات، والبناء عليها لتعزيز قدرات المنظمات الوطنية والأجهزة الحكومية والرسمية لإنشاء نظم إنذار مبكرة قادرة على الاستجابة للحالات الإنسانية الطارئة في أي وقت والتأكد من امتلاكها الخبرات والمعارف والمهارات التي تمكنها على الاستجابة الإنسانية والانخراط بأعمال الإغاثة وفق المعايير الدولية والاحتياجات الوطنية.

وأخيرا، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 ليست قضية قائمة بذاتها في السياق الأوسع لحقوق المرأة العربية. حيث تسير جنبًا إلى جنب مع العمل المتواصل للحد من العنف الجنسي والتميز القائم على أساس الجنس، فضلا على أهمية تعزيز مشاركة المرأة الفاعلة في الحياة العامة وعمليات صنع القرار السياسي. وفي حين أن الشراكة مع المنظمات الدولية المعنية بحقوق المرأة فيما يخص بأجندة القرار 1325 أمرًا لا بد منه، إلا أنه يجب التأكيد على أهمية تجذير الإيمان بملكية القضية بين الجهات الفاعلة الوطنية والمحلية وشعورهم بالمسؤولية اتجاه هذه الجهود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن يثبت أن القرار 1325 مهمة ليست مستحيلة الأردن يثبت أن القرار 1325 مهمة ليست مستحيلة



GMT 03:41 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

في غزة وباليرمو.. صمود لفلسطين وليبيا ونجاح لمصر

GMT 16:55 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

"عقار جودة" وتسريب الأراضي الفلسطينية إلى المستوطنين

GMT 19:08 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

هل الجنسية المصرية حقا للبيع؟

GMT 13:19 2018 الخميس ,31 أيار / مايو

محافظ المنيا...سيارتك تعود للخلف

GMT 21:31 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

كيف تغيرت خريطة الرموز على يد "الملك صلاح"

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon