رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي

أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قرارًا بوقف إصدار تراخيص جديدة لـ"التوك توك"، مؤكدًا أن قراره هدفه الحد مما اعتبره "الظواهر السلبية" التي أدت لشيوع عدم الإنضباط في المجتمع، ليحقق "مصر اليوم" في تداعيات القرار على ملايين المواطنين، من سائقين ومستفيدين من وسيلة المواصلات الشعبية.

وبيّنت الإحصائيات الأخيرة الصادرة رسميًا عن وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، أن هناك أكثر من 11 مليون فرد يعيشون من العمل على نحو مليوني توك توك، لأسر السائقين والعاملين عليه، وهى نسبة ضخمة تتجاوز 11 في المئة من عدد سكان البلاد الحاليين، التي يصل عدد المقيمين فيها إلى نحو 95 مليون مواطن.

وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة بنها والخبير الاقتصادي أحمد العيسوي لـ"مصر اليوم" أن مصر بها مالايقل عن 3 مليون "توكتوك"، وقرار الحكومة الأخير ضمن نطاق خطة لحصر أنشطة الاقتصاد غير الرسمي، الذي لايقل عن 40% من الناتج المحلي الإجمالي ولا تتمكن الدولة من التعامل معه أو الاستفادة منه.

وأضاف العيسوي " أن "التوكتوك" ضرب المجتمع في العمق، أثر بشكل مباشر على ركود ونقص العمالة في مجالات البناء والتصنيع وغيرها، كل صاحب حرفة ترك مجاله ولجأ إليه "، مطالبًا بالبدء الفوري في ترخيص "التوكتوك" في المحافظات تحديدًا، وأن ينشط رجال المرور من أجل الكشف الدوري عن السائقين وضبط المخالفين.

وقال أستاذ علم الاجتماع البيئي في جامعة عين شمس حاتم عبدالمنعم، أن تلك الوسيلة أصبحت أمرًا واقعًا في حياة المصريين، ويرتقي إلى حد "الضرورة المعيشية"، بعدما انتشر في مصر على مرأى من الجميع منذ تسعينات القرن الماضي، وأن المستفيدين منه بالملايين سواء، عاملين عليه أو مواطنين يجدوا صعوبة في النقل داخل الشوارع والمناطق الضيقة.

وتابع عبدالمنعم " التوكتوك لا يقل عن كونه ظاهرة حاليًا، إذا جرى بشكل منهجي تقنينها وإخضاعها للنظم والقوانين فستتحول معظم سلبياته إلى مزايا، يجب مراعاة الجانب الأمني والحضاري للبلاد في التعامل معه أيضًا، فالبعد الأمني يجب تشديد الإجراءات على سائقيه، والحضاري ألا يتم السماح بسيره في الميادين الرئيسية، ولكن في النهاية عدم انتزاعه أو استئصاله مره واحدة منعا لتعطل حياة الملايين.

ووفقًا للمركز المصري للدراسات الاقتصادية فإن القرار لن يحد من الظواهر السلبية للتوك توك لأنه حتى يومنا هذا لم يتم ترخيص تلك المركبات إلا بأعداد محدودة جدًا، وبالتالي فإن عدم الترخيص لن يحل المشكلة، وهو ما يدعو في الوقت ذاته إلى أهمية فهم الأسباب وراء عدم الترخيص بالرغم من وجود قانون مرور ينص على ضرورة ترخيصه.

ويضيف المركز " أما عن خطورة استسهال الشباب للعمل على الـ"التوك توك" وانصرافهم عن فرص العمل الجادة، فهو مرتبط بوضع الاقتصاد ككل ومنظومة الحوافز، ولذا يجب البحث عن سبب المشكلة الأساسية وإحجام الشباب عن فرص العمل الجادة، كما يكمُن في تدني المرتبات وبُعد أماكن العمل، ويمكن حلها بطرق أخرى وأحد الحلول هو مبادرة مثل مشروع "وظيفتك جنب بيتك" في القليوبية الذي اعتمد على إقامة مصانع لتوفير فرص العمل لأبناء المحافظة.

والتقى "مصر اليوم" عدد من المواطنين، حيث قالت ناجدة إبراهيم  ربة أسرة، أن التوكتوك باتت وسيلة عملية في الشارع المصري، وأحد أسرع الوسائل التي تنقذنا في الحالات الطارئة كالذهاب سريعًا بمريض الي مستشفي أو بطفل إلي طبيب أو طالب إلي امتحان، ويعد حل ناجح في كثير من حالات البطالة، يستخدمه الشباب في الأحياء والشوارع بدلًا من الجلوس بلا عمل.

وأضافت " بالطبع له سلبيات، سائقيه يبالغون في الحصول على الأجره، تتعدد من وراءه المشاجرات في كثير من الأحيان، كما أنه بات يستخدم في بعض الأحيان في حوادث السرقات والسطو على المارة ، وبالتالي لايجب في النهاية أن نقضي عليه، يجب تقنيينه وتشديد إجراءات ترخيصه، مساعدة وحماية للناس وللشباب ".

وقال أحمد حسنين – محامي " إن قرارات الحكومة في كثير من الأحيان لاتكون مدروسة، وفي الحالة التي نتحدث بشأنها تكون متأخرة وبالتالي لاتوفي الغرض منها، فكيف يمكن اقتلاع التوكتوك بهذا الشكل وانتزاعه من حياة الناس " .

وقال أشرف حلمي، سواق توكتوك، في منطقة المنشية في شبرا الخيمة، إن التوكتوك هو الوسيلة الوحيدة التي يكسب من خلالها قوت يومه، وإنه يعمل أكثر من 12 ساعة يوميًا عليه، موكدًا على أنه يمارس هذه المهنة أكثر من سبع سنوات وأنه عاني كثيرًا بسبب صعوبة الحصول علي ترخيص وأن المرور كثيرًا ما سحبه منه، وأنه يحاول جاهدًا أن يحصل علي ترخيص للتوكتوك لكي يشعر بالراحة , لأنه يعيش في حالة قلق دائمة وخوف من فقدان مصدر رزقه الوحيد.