توقيت القاهرة المحلي 16:11:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على الرغم من تواتر المسلسلات الدرامية في رمضان

تزايد موجة من إعلانات توعوية الموجهة لفئة الشباب في مصر

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - تزايد موجة من إعلانات توعوية الموجهة لفئة الشباب في مصر

إعلانات التوعية حول الفساد تشغل شباب مصر
القاهرة ـ مصر اليوم

دبّ حديث حماسي بين جموع الجالسين والجالسات، في مقهى توسع وتمدد حتى احتل ثلاثة أرباع عرض الشارع، بعد ما سيطر على الرصيف عشرات النرجيلات، مئات الأكواب من الشاي والنسكافيه والقرفة والشوكولا، وأطباق من الفول والفلافل تملأ ثم تلتهم ويعاد ملؤها وهكذا حتى آذان الفجر، شاشة عملاقة معلقة على الجدار التخمة الدرامية لا تجذب اهتمام الجمهور الشاب، والطريف أن ما يحصل في البيوت من تقليد رمضاني عتيق إذ يعلو صوت التلفاز، مع انتهاء كل فاصل إعلاني وبداية المشهد الدرامي، يبدو عكسه على شاشة المقهى.

والمطلب الجماعي للحضور من مسؤول المقهى هو خفض الصوت مع بداية عرض المسلسل، ورفعه مع بداية الفواصل الإعلانية، وإعلانات هذا العام تستوقف الشباب، فبين تكنيك جديد تتبعه شركات الاتصال وتكتيك حديث تلجأ إليه مكاتب العقارات، تدور أحاديث الحاضرين، لا سيما من دارسي فنون الإعلان، وبين فنانين شباب أقبلوا على الظهور في إعلانات عن مواقد وغسالات ومبردات، وآخرين من الكهول ارتضوا المنافسة في إعلان عن زيت أو سكر أو سمن، تدور أحاديث مؤيدة لهؤلاء ومنتقدة لأولئك. لكن لا صوت يعلو على صوت التحليل والنقد والبحث في أغوار المقصود كلما هل إعلان توعوي يحمل رسائل مبطنة ويعكس أفكاراً مفصلة.

القول الفصل في إعلانات هيئة الرقابة الإدارية يعلنه أحد الحاضرين من الشباب بصوت جهوري، "العيب فيهم ويحاولون إلصاقه بنا. من الذي علمنا الرشوة والنوم على المكاتب وتحويل المدرسة ناديا لا ضابط له أو رابط؟ أليسوا هم؟ واليوم يحاولون دفعنا نحن إلى النظر في المرآة، يبدو أن مراياهم مكسورة".

ولأن الغالبية المطلقة من القابعين والقابعات في المقهى الرمضاني تقل أعمارهم عن الـ35، حيث المرايا لم تنكسر بعد، فقد تعالت عبارات التأييد وتصاعدت جمل التعضيد، ولولا خوف من أن يعتقد الضباط القابعون، على الجانب الآخر من المقهى بغرض التأمين أن المكان تحول خلية سرية أو أن الزمان سيعود بعقارب الساعة إلى عام 2011، لتحولت العبارات إلى هتافات واتخذت الجمل شكل المطالبات، لكن المطالبات تحولت صوب الشاب الفصيح مطالبة إياه بالسكوت للتركيز، على محتوى أحدث إعلانات الهيئة المطالبة الجميع بالنظر في المرآة.

المرآة الأحدث في سلسلة إعلانات التوعية الاجتماعية، هي مرآة الموظف الشاب الذي يجامل زميلته "مدام عفاف"، ويوقّع اسمها نيابة عنها في دفتر الحضور والانصراف في المصلحة الحكومية، ثم يتوجه إلى مكتبه حيث يعرقل العمل رافضاً إتمام معامالات المواطنين لأن الختم مع مدام عفاف ومدام عفاف لم تأت اليوم إلى المكتب/ لكن بظهور أول ورقة بنكنوت فئة مئة جنيه، يتم فتح الجارور، والترحيب بالمواطن، وإنهاء معاملته في أقل من دقيقة. ويهم الموظف الشاب بالانصراف مبكراً معللاً ذلك بأن ساعات العمل "على قد فلوسهم"، وبمقدار إعجاب الحضور الشاب بفكرة الإعلان، وهو الإعجاب الذي بدا واضحاً في عجائب وطرائف حكاها الجمع الغفير عن مواقف مشابهة تعرض لها كل منهم، في أثناء محاولات فاشلة لإنهاء معاملات حكومية من دون رشوة أو وساطة.

لكن يعود الجمع الغفير ذاته ليلمح ساخراً إلى أنهم ولدوا في كنف رشى الموظفين، وأن تراث الرشوة من الموروثات التي ورثوها عن الآباء والأجداد ولم يبتدعوها،مستخلصين ضرورة دعوة "بابا" و "جدو" للنظر في المرآة بديلاً منهم، وعن التعليم الذي تخرج الجمع الشبابي منه أو أوشك أو ما زال يجتر من تحلله دار الإعلان التالي وقوامه معلم شاب في مدرسة إعدادية يصل إلى المدرسة صباحاً ليلقي التحية على الناظر الذي يتناول سندوتش فول في مكتبه، ثم يتوجه إلى الفصل حيث الطلاب يقفون على الطاولات ويضربون بعضهم بعضا ويصيحون بينما يستسلم المعلم لنوم عميق ولا يستيقظ إلا بحلول موعد انتهاء اليوم المدرسي، مؤذناً ببدء يوم الدروس الخصوصية. وفي بيت أحد الطلاب يتجمع الصغار حول المعلم المتخم بالمشروبات والمأكولات وقبل انتهاء موعد الدرس، وفق الـ "ستوب ووتش" يدعو الأولاد إلى التركيز لأنه سيتلو عليهم السؤال الذي سيرد في الامتحان. وهنا ينظر يميناً ليجد المرآة مطالبة إياه بالنظر إلى نفسه فيها. ومرة أخرى يتجدد صخب الحضور الشبابي وكل منهم يتذكر مستر فلان أو الأستاذ علان الذي لم يشرح يوماً درساً في الفصل ووهب حياته للدروس الخصوصية أو كان يهددهم بالسقوط إن لم يذعن بابا ويطلب درساً خصوصياً للإبن.

ومن مرآة إلى أخرى تتوالى الفواصل الإعلانية التي تؤجج المشاعر الشبابية. فمن بقال التموين الشاب الذي يسرق سكر التموين المدعم ليبيعه لصاحب السوبر ماركت، إلى الموظف الشاب المرتشي، والمعلم الشاب المتراخي، والممرضة الشابة المهملة، وجميعها نماذج تحيط بالمصريين في حياتهم اليومية، «لكنها نماذج ورثناها ولم نخترها وكان الأجدر بأصحاب الإعلانات أن يوجهوها لمن تخصصوا في السرقة والرشوة وجعلوها قانوناً نسير عليه رغماً عنا»، وفق ما قالت إحدى الشابات المتخرجات حديثاً والتي كانت تحكي لصديقاتها خبراتها الشخصية مع ممرضات المستشفى حيث كان يرقد والدها وكيف أنهن لم يكنّ يتحركن خطوة إلا بعد دفع "المعلوم".

ومعلوم أن الفساد الذي تذيل الإعلانات التوعوية حوله برقم ساخن للاتصال والإبلاغ عنه، ينغص حياة الشباب في شكل خاص. فبدءاً بالتعليم، مروراً بالتموين والصحة وانتهاء بالسلع الغذائية تدور مشكلات الشباب اليومية وهي المشكلات المستمرة والتي توقفت لبضعة أشهر عقب انقضاء أيام ثورة يناير الـ18، لكن سرعان ما عادت أدراجها كما كانت وربما أكثر، لكن الحضور الشبابي الطاغي عاد واعترف بأن الأخبار التي تباغت المصريين يومياً عن إلقاء القبض على رئيس حي أو نائبه أو مسؤول كبير بتهمة تقاضي رشوة خطوة على طريق الإصلاح. ويعودون إلى مسألة السن، فتجمع الآراء مجدداً على أن أولئك المسؤولين ليسوا شباباً، وأن الفساد سمة الكبار سناً.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تزايد موجة من إعلانات توعوية الموجهة لفئة الشباب في مصر تزايد موجة من إعلانات توعوية الموجهة لفئة الشباب في مصر



GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon