"ماي" تُحذِّر من تهديد حجم وطبيعة "أفعال روسيا" للنظام الدولي

كشف تحقيقٌ لصحيفة "الغارديان" البريطانية، عن الاستشهاد ونقل كلام أفراد "جيش المُتصيد الإلكتروني" الروسي، أكثر من 80 مرة عبر وسائل الإعلام البريطانية قبل أن يكشف موقع "تويتر" عن هويتهم ويحظرهم، إذ كانت بعض منشورات الحسابات جزءً لا يتجزأ من المقالات لتقديم التقارير المحلية على ما يبدو والصور من مواقع الكوارث ومشاهد الجريمة في جميع أنحاء العالم.

وفي الواقع، زعم موقع " تويتر" أنَّ جميع الحسابات كانت تعمل من مكاتب وكالة أبحاث الإنترنت في سان بطرسبرغ، ويُزعم أنَّه مقر جيش المُتصيد الإلكتروني الروسي، وتمكَّنت حساباتٍ أخرى من الانخراط في طريقة لتغطية أقل عدائية؛ إذ يٌقتبس عنها في دوائر ومجموعات النِكات والمزاح في "تويتر" في مواضيع مثل "خمس كلمات تُدمر العلاقة الجنسية" أو "اجعلني أكرهك في عبارة واحدة".

ولا يزال يُقتبس عن بعض الحسابات فيما يبدو، كتعبيرٍ عن ردود فعل القاعدة الشعبية فيما يتعلق بوقائع إخبارية مثل وفاة فيديل كاسترو أو الحظر الأميركي على المسافرين من ست دول مسلمة، وسيثير التحقيق مخاوف بشأن مدى الانتشار الروسي في وسائل الإعلام البريطانية، التي كان من شأنها أن تنقل رسائلها إلى جمهور أوسع بكثير مما قد تحصل عليه على "تويتر" وحدها.

ولقياس فعالية الحسابات، قامت "الغارديان" بتفتيش أرشيف 14 مؤسسة إخبارية بريطانية، بما في ذلك "تلغراف" و"ديلي ميل" و"بي بي سي"، لكل استخدام على مواقعها الإلكترونية لأي اسم من قائمة 2،752 ملف تعريف "تويتر" التي تعتقد الشبكة الاجتماعية أنَّها تُدار مِن قبل وكالة أبحاث الإنترنت.

ونظرت الدراسة أيضًا في ثلاث وسائل إعلامية مقرها الولايات المتحدة؛ هي "بوزفيد"، و"هافينغتون بوست" و"بريتبارت"، والتي تحظى بنسب قراءة كبيرة بين البريطانيين، وفي المجموع، تم النقل عن 29 حسابًا مختلفًا في أكثر من 80 قصة إخبارية مختلفة، وكتبت "تلغراف" المشاركات من الحسابات الروسية 15 مرة، وتليها بوزفيد، التي نقلت عن 13 حسابًا في أكثر من 10 قصص إخبارية، وصحيفة "مترو"، نقلت عن 8 حسابات في ما مجموعه 11 خبرًا.

ونقلت صحيفة "تليغراف" عن حسابين هما "تين جوب" و"باميلا موور 13"، أربع مرات لكل منهما، في قصص تتراوح بين إجلاء "جار دو نورد" في باريس إلى المضيف التلفزيوني بيل ماير باستخدام كلمة "بذيئة" على الهواء، ونقلت "مترو" مرتين عن تينجيوب، التي ادعت أنها تمثل الحزب الجمهوري في ولاية تينيسي، في تغطيةٍ حية للحوادث في أوروبا، واستشهدت بالحساب في قصة عن انفجار في بودابست في عام 2016، ونقلت عن ادعاءها خلال هجمات جسر لندن هذا العام أنَّه وقع انفجاران خارج مكاتب صحيفة "ذا صن".

وفي بعض الأحيان، كان مدى انخراط الحسابات الروسية في المحادثة بشأن هذه المواقع مدهشًا، ولم يجد تحقيق "الغارديان" أي حالات مشابهة في صحيفة "ميرور"، و"التايمز"، أو صحيفة "فايننشال تايمز"، في حين أنها وجدت العديد من الأمثلة على الحسابات الروسية التي اُستشهد بها في وسائل الإعلام، فإنَّه من الصعب تقديم عدد شامل بسبب الاختلافات في أنماط الاقتباس عبر الصحافة حيث تنشر بعض المنافذ صور للتغريدة بدلًا من روابط نصية.

ومن المحتمل أن تكون الحسابات التي يبلغ عددها 752 حسابًا، والتي يطلق عليها "تويتر" على أنها جهات روسية مضللة في تقديمها إلى الكونغرس الأميركي، مجرد غيض من فيض، وفقًا لما ذكرته "يين ين لو" الباحث في جامعة أكسفورد، وقالت: "نظرًا لتحليلي هذا الأسبوع، أشك في أن عددًا قليلًا من الحسابات الروسية ليست مدرجة في القائمة"، مشيرة إلى أن الأنماط المشبوهة للنشاط في الحسابات المذكورة تشير إلى شبكةٍ واسعة.

وفي يوم الإثنين، ركزت رئيسية الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الاهتمام على التدخل المحتمل في الانتخابات عندما اتهمت روسيا بالتدخل في الحملات ونشر القصص الكاذبة في وسائل الإعلام لـ"تسليح المعلومات" وزرع الفتنة في الغرب، وقالت ماي خلال خطاب في مأدبة عمدة لندن في لندن إنَّ حجم وطبيعة "أفعال روسيا" يُهدد النظام الدولي الذي نعتمد عليه جميعًا".