وزارة الصحة تكتشف مصنع "بالصدفة" ينتج 35 عبوة سنويًا ويُصدر للخارج

شاءت الظروف أن يكتشف وزير الصحة، أحمد عماد، مصنعًا يعرف باسم "لاكتو مصر" ينتج أكثر من 35 مليون علبة لبن أطفال في العام على أرض مصر، وكأن المصنع كان يعمل في الخفاء دون علم الوزارة، ما آثار انتقاد الكثير من المواطنين، وذلك بعد الأزمة التي تعرضت لها مصر في ملف ألبان الأطفال، ووصلت ذروتها في سبتمبر/أيلول الماضي، حين خفضت وزارة الصحة الألبان المدعمة، وأصبح هناك نقصًا شديدًا في الأسواق، ما أدى إلى تدخل القوات المسلحة لاستيراد الألبان من الخارج لضخها في الأسواق.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور خالد مجاهد، في تصريحات له، الأربعاء، "إن الوزارة لم تكن تعلم بوجود ذلك المصنع، الذي يُصدر كل تلك الكمية من الألبان، وفوجئنا به وأن من يعمل به مصريون، ورئيس مجلس إدارته مصري نمساوي، والمصنع مطابق للمواصفات ومعتمد من المعهد القومي للتغذية".

ولفت مجاهد، إلى أن المصنع كان يطرح إنتاجه للسوق المصري، ولكنه توقف عن ذلك في 2005، وقت تولي الدكتور أحمد نظيف رئاسة الوزراء، بسبب خلافات بين المصنع ووزارة الصحة، موضحًا أنه تم تكريمه وحصل على جائزة من رئيس جمهورية النمسا كونه يصدر الألبان بجودة عالية، وأيضًا زارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المصنع وكرمته أثناء إحدى زياراتها لمصر.

وتستورد الحكومة لصالح وزارة الصحة 13 مليون علبة لبن أطفال سنويًا، تقدمها بالسعر المدعم للأسر المحتاجة، ومحدودي الدخل، في ظل ندرة العملة الأجنبية من الدولار، بعد انهيار السياحة وضعف معدلات التصدير، وهو ما يرفع تكلفة المستورد للضعف بعد تحرير سعر الصرف مقارنة بالسعر قبل التعويم، الذي أقبل عليه البنك المركزي نوفمبر/تشرين ثان الماضي.

فيما أكدت رئيس مجلس إدارة شركة "أكديما"، أحد شركاء المصري "لاكتو مصر"، ألفت غراب، أن المصنع أنشأ في عام 2000، وبدأ طرح إنتاجه في السوق المصري في 2003 و2004 وساعد في 2003 السوق المصري عندما حدث تعويم للجنيه المصري وارتفعت الأسعار، وساعد في حل أزمة ألبان الأطفال في مصر وقتها، وكان يغطي السوق في 2003 و2004

وأضافت غراب، أنه في 2005 تم وقف التعامل مع المصنع المصري بسبب أزمة بين المصنع وزارة الصحة، نتج عنها منع طرح منتجات المصنع في السوق بحجة عدم مطابقة المواصفات، مشيرة إلى أن المصنع يصدر لهولندا اللبن عالي الدسم وبعض أنواع البودرة، وينتج ألبان أطفال يتم تصديرها لأفريقيا ولدول عربية، منوهة بأنه يسعى إلى تنويع إنتاجه من "اللاكتوز" الذي تستورد منه مصر أطنانًا، تستخدم في صناعة الدواء

ومن جانبه، كشف وزير الصحة والسكان في بيان له، أن المصنع نقله نوعية في صناعة ألبان الأطفال في مصر، نظرًا لما يمتلكه من مقومات قادرة على الاكتفاء الذاتي من الألبان بل والتصدير أيضًا، مضيفًا أنه منذ توليه الحقيبة الوزارية كان هناك مشكلة في توفير الألبان، وتم التغلب عليها في المناقصة الأخيرة.

وبيَّن الوزير، أن وجود مثل ذلك المصنع في مصر، والذي تساهم فيه شركة "أكديما الحكومية" سيوفر الكثير، لافتًا إلى قيامه بإنتاج نحو 35 مليون عبوة سنويًا، ومشيرًا إلى أن استهلاك مصر حاليًا لا يتعدى الـ 18 مليون عبوة سنويًا، أي سيكون هناك فائضًا للتصدير.

وأشار الوزير، إلى أن المصنع يقوم بتصدير إنتاجه حاليًا من ألبان الأطفال للدول في الخارج ومنها دولة هولندا، التي تعتبر من أهم دول العالم في إنتاج ألبان الأطفال، ويتم مراقبته بشكل دوري من الدول الأجنبية المستوردة لضمان تأكدهم من جودته، مؤكدًا على أنه سيتم إلغاء جميع مناقصات ألبان الأطفال في وزارة الصحة بداية من العام المقبل، وسيتم الاعتماد على إنتاج مصنع "لاكتو مصر".

وأبرز الوزير، أن المصنع ضخ إنتاجه في السوق عام 2003 ثم توقف عن الإنتاج في السوق المصري وتم إيقاف التعامل معه منذ 2005، مشيرًا إلى أن مصر استوردت خلال العام الماضي 18 مليون علبة لبن، وستنتهى تلك المناقصة خلال 3 أشهر، ثم سيسند لهذا المصنع إمداد وزارة الصحة باحتياجاتها، منوهًا بأنه لديه خطوط لإنتاج كافة مشتقات الألبان.

فيما علق مدير المركز القومي للبحوث السابق، هاني الناظر، على واقعة إعلان وزارة الصحة، معرفتهم بوجود مصنع ألبان مصري عن طريق الصدفة، وذكر في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ناديت كثيرًا ومرارًا بضرورة أن تنشئ الوزارات والجهات الحكومية إدارات للسوشيال ميديا لمتابعة كل ما ينشر، لا سيما ما يخص نطاق عملها، ولكن للأسف لا يوجد اقتناع بهذا الموضوع رغم أهميته الشديدة".

وتابع الناظر: "وأقول هذا بمناسبة ما أعلنه المسؤولين في وزارة الصحة من "اكتشافهم فجأة أن هناك مصنع ضخم لإنتاج ألبان الأطفال متوقف عن العمل في العاشر من رمضان، بعد أن أبلغتهم بذلك جهة ما، وأن المصنع يمكن أن يسد احتياجات مصر بالكامل ويصدر للخارج وسوف يتم اتخاذ الإجراءات لتشغيل المصنع"، متابعًا "والحقيقة أن قصة المصنع وتوقفه عن العمل وأهمية تشغيله تناولته صفحات التواصل الاجتماعي بكثافة العام الماضي عند حدوث أزمة نقص ألبان الأطفال، ولو كان هناك متابعة لما تم نشره لأدركت الوزارة أن هناك مصنعًا متخصصًا بدلًا من أن تتفاجأ الآن".