توقيت القاهرة المحلي 13:56:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ناثان دوس يواصل تطويع البرونز في منحوتاته الجديدة

"آيديولوجيات" معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - آيديولوجيات معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر

اللوحات الفنية
القاهرة - مصر اليوم

كثيراً ما يصيب الفنان المصري ناثان دوس جمهوره بالدهشة والارتباك، بداية من اسمه الذي يوحي بأن صاحبه أجنبي أو - بالتعبير الشّعبي المصري «خواجة»، في حين أنّه مصري قلباً وقالباً، بل هو «صعيدي» وتحديداً من مدينة «ملوي» التابعة لمحافظة المنيا إحدى بقاع الجنوب الساحرة، حيث بدأت علاقته بالنّحت عبر تشكيل الطمي على ضفاف النيل، هناك أيضاً تلك العناوين غير المألوفة التي يختارها هذا النحات لمعارضه، والتي تبدو للوهلة الأولى وكأنها تخص مفكراً يبحث قضايا وجودية وفلسفية شائكة مثل «طرح الفراغ» و«عاطفة العقل».

وفي معرضه الحالي «آيديولوجيات» المقام في قاعة «فن» بالزمالك (وسط القاهرة)، والمستمر حتى الثلاثين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لا يبتعد دوس عن هذا الخط كثيراً، فهو يمزج القطع النحتية بالفلسفة ويطرح على المتلقي العديد من الأسئلة الوجودية في خضم تلك التجربة الفنية والروحية. تمثال نصفي لرجل لم يتبقَ منه سوى رأسه هو العمل الذي اختاره الفنان شعاراً لمعرضه وتزيّنت به بطاقات الدّعوة للحدث المميز. ولكنّه رأس مثقوبة بالعديد من الفتحات مع نظرة حزينة وعينين شبه مغلقتين على نحو يذكرك بالبيت الشعري الشهير للمتنبي «ذو العقل يشقى في النعيم بعقله، وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم». مزيد من التدقيق في التمثال، يتبين لك أنّ ما ينطبق عليه من بيت المتنبي هو الشّطر الأول فقط «ذو العقل يشقى».

يلفت نظرك بقوة، وأنت تخطو خطواتك الأولى داخل قاعة العرض، هذا التمثال الذي يبدو كأنه صيغ من الذهب اللامع لرجل في كامل هيئته يقذف بشيء ما بقوة إلى البعيد. أنت هنا أمام جسد رشيق يضجّ بالحيوية والحياة، لكنّك لا تعرف ما كنه هذا الذي يقذف به، هل هو شيء خطير أراد أن ينقذ القوم منه، أم كرة من النور أراد أن يضيء الظّلام بها؟ كل الاحتمالات واردة، فهذا العمل الفني البديع مفتوح على كل التأويلات، ولكن مرة أخرى تذهب إلى العين باعتبارها نافذة على الروح لعلّك تلتمس فيها تفسيراً ما، فتجد نفسك أمام نفس الحياد المشوب بلمسة من الحزن، وقد تلمح صدى بعيداً لما يشبه الاستسلام.

لكنّك على الجانب الآخر لا تملك سوى أن تشعر بطاقة المقاومة وعبقريتها في هذا النحت الذي يجسد ببراعة ما يشبه برجاً حديدياً ضخماً ينهار ويسقط، فإذا بشخص عادي للغاية يقاوم هذا السقوط الكارثي بعزيمة لا تقهر. في المقابل هناك بشر مقيدون بسلاسل لا تكاد تُرى فيما يعد إسقاطاً بارعاً على دوامة الحياة المعاصرة التي تلتهمنا بتفاصيلها اليومية التي لا تنتهي.

ومن الأعمال التي تثير دهشة زوار المعرض أيضاً، هذا العمل البديع الذي يصوّر ببراعة كبشاً ينظر بضراعة وخوف إلى أعلى، حيث حمار ينظر إلى المجهول، لتتساءل، ماذا أراد الفنان بهذا؟ على الفور يأتيك الجواب فيما يشبه «مذكرة تفسيرية» عبارة عن لوحة صغيرة مجاورة يشرح فيها النحات بالكلمات كيف أنّه في بعض المجتمعات الرّعوية، يُفطم الكبش بمجرد ولادته ويذهبوا به إلى أنثى الحمار يرضع منها حتى يظن أنّها أمه ويتعلق بها، وحين يكبر الكبش يُسمّن ويُعلّق جرس في رقبته حتى يصبح له هيبة ويتبعه قطيع الأغنام، بينما يتبع هو الحمارة التي يسوقها الراعي كيفما أراد، فالفنان هنا ينتقد بشدة «ثقافة القطيع».

ويبرّر النحات دوس استخدامه لخامة البرونز في معظم معارضه، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «إنها خامة ليّنة يسهل تطويعها، كما أنّها تنطوي على إمكانات تعبيرية هائلة»، مشيراً إلى أنّه يتولى «سبك» أعماله وصهرها بنفسه، ولا يذهب بها إلى «المسابك»، كما يفعل غيره من المثّالين حتى يضمن ألّا يفسد عنصر خارجي مساعد الشكل النهائي الذي يستهدفه. ويضيف دوس: «أتحدث إلى شخصيات منحوتاتي وأتفاعل معها كأبطال حقيقية على مسرح الفن والحياة، ربما أنحتها في أحجام صغيرة توفيراً للتكلفة وبحثاً عن التنوع والتعدد، وأحياناً أتمرد على الحجم الصغير فأجعلها ضخمة لا تهاب شيئاً».

قد يهمك ايضا

افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب في مصر بمشاركة 40 دولة

مناقشة العلاقات المصرية الروسية في المجلس الأعلى للثقافة الأربعاء

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آيديولوجيات معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر آيديولوجيات معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر



بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
  مصر اليوم - فولكس واغن أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر

GMT 16:39 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الحكومة المصرية تحصل على منح بـ 635 مليون جنيه

GMT 05:48 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

جوني ديب يقرر الزواج من راقصة روسية

GMT 13:34 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي لدول المتوسط يصنّف الأفضل لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon