توقيت القاهرة المحلي 05:46:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحول في ذهن العامة إلى بيت مخيف تسكنه الأشباح

قصر البارون قصة تحفة فنية حولتها الخرافة إلى بيت الرعب

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - قصر البارون قصة تحفة فنية حولتها الخرافة إلى بيت الرعب

قصر البارون
القاهرة - أسامة عبد الصبور

في نهاية القرن التاسع عشر، وبالتحديد بعد عدة أعوام من افتتاح قناة السويس، رست على شاطئ القناة سفينة كبيرة مقبلة من الهند، وكان على متن هذه السفينة مليونير بلجيكي يدعى "إدوارد إمبان".

كان "إدوارد إمبان" يحمل لقب "بارون" وقد منحه له ملك فرنسا تقديرًا إلى مجهوداته في إنشاء مترو باريس، حيث كان "إمبان" مهندسًا متميزًا، وكان أيضًا صاحب عقلية اقتصادية فذة، حيث عاد إلى بلاده، وأقام عدة مشروعات جلبت له الكثير من الأموال، وكان على رأس تلك المشروعات بنك بروكسل في بلجيكا.

قصر البارون قصة تحفة فنية حولتها الخرافة إلى بيت الرعب

لم تكن هواية  "إدوارد إمبان" الوحيدة هي جمع المال، فقد كان يعشق السفر والترحال باستمرار، ولذلك انطلق بأمواله التي لا تحصى إلى معظم بلدان العالم، طار إلى المكسيك ومنها إلى البرازيل، ومن أميركا الجنوبية إلى إفريقيا حيث أقام الكثير من المشروعات في الكونغو وحقق ثروة طائلة، ومن قلب القارة السمراء اتجه شرقًا إلى بلاد السحر والجمال.. الهند.

وسقط المليونير البلجيكي في غرام الشرق، فعاش أعوام طويلة في الهند وعشق الأساطير القديمة حتى كان قراره بالبحث عن مكان تاريخي أقدم ولم يجد أمامه سوى مهد الحضارات القديمة.. مصر.

قصر البارون قصة تحفة فنية حولتها الخرافة إلى بيت الرعب

وصل البارون "إمبان" إلى القاهرة، ولم تمضِ أيام حتى انطلق سهم الغرام في قلب المليونير البلجيكي.. وعشق الرجل مصر لدرجة الجنون، وإتخذ قرارً مصيريًا بالبقاء في مصر حتى وفاته.. وكتب في وصيته أن يدفن في تراب مصر حتى ولو وافته المنية خارجها!

وكان طبيعيًا على من إتخذ مثل هذا القرار أن يبحث له عن مقر إقامة دائم في المكان الذي سقط صريع هواه.. وكان أغرب ما في الأمر هو اختيار البارون "إمبان" إلى مكان في الصحراء.. بالقرب من القاهرة.
وقع اختيار البارون إلى هذا المكان باعتباره متاخمًا للقاهرة وقريبًا من السويس.. ولتمتع المكان بصفاء الجو ونقاء الهواء.. وبالتأكيد لم يكن أحد في هذا الزمن يرى ما يراه الاقتصادي البلجيكي ولا يعرف ما يدور داخل رأسه عن المستقبل.

قصر البارون قصة تحفة فنية حولتها الخرافة إلى بيت الرعب

وبمجرد اختيار المليونير البلجيكي للمكان الذي سيعيش فيه، عكف البارون "إمبان" على دراسة الطراز المعماري الذي سيشيد به بيته في القاهرة.. ولأنّ البارون كان مهتمًا أيضًا بفن العمارة فقد إتخذ قرارً بأن يشيد قصرًا لا مثيل له في الدنيا كلها.

ولكن بقي اختيار الطراز المعماري مشكلة تؤرق "البارون" حتى عثر على ضالته المنشودة داخل أحد المعارض الفنية في العاصمة الفرنسية، ففي هذا المعرض وقعت عيناه على تصميم لقصر غاية في الروعة أبدعه فنان فرنسي اسمه "ألكسندر مارسيل".. كان التصميم شديد الجاذبية وكان خليطًا رائعًا بين فن العمارة الأوروبي وفن العمارة الهندي.

وتذكر البارون أنه في أثناء إقامته في الهند عند ما ألم به مرض شديد كاد يودي بحياته إهتم به الهنود واعتنوا بصحته وأنقذوه من الموت المحقق، وتذكر البارون "إمبان" القرار الذي إتخذه أيامها بعد شفائه بأن يبني أول قصوره الجديدة على الطراز الهندي عرفانًا منه بالجميل إلى أهل هذا البلد.

لم يتردد البارون "إدوارد إمبان" للحظة.. اشترى التصميم من "مارسيل" وعاد به إلى القاهرة، وسلم التصميم إلى عددٍ من المهندسين الإيطاليين والبلجيكيين ليشرعوا في بناء القصر على الربوة العالية التي حددها لهم البارون في صحراء القاهرة.

وبعد خمسة أعوام من العمل الشاق.. خرجت التحفة المعمارية من باطن الصحراء، قصر فخم جملت شرفاته بتماثيل مرمرية على شكل أفيال وبه برج يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح للجالس به مشاهدة ما حوله في جميع الإتجاهات.

والقصر مكون من طابقين وملحق صغير بالقرب منه تعلوه قبة كبيرة، وعلى جدران القصر توجد تماثيل مرمرية رائعة لراقصات من الهند وأفيال لرفع النوافذ المرصعة بقطع صغيرة من الزجاج البلجيكي وفرسان يحملون السيوف وحيوانات أسطورية متكئة على جدرن القصر، واللافت إلى النظر أنه تم إنشاء القصر بحيث لا تغيب عنه الشمس.

وفي عصرنا الجاري، أحيط قصر البارون بالأساطير والخرافات والأقاويل، حيث تحول في ذهن العامة إلى بيت مخيف تسكنه الأشباح ومعظم الأقاويل التي جعلت "قصر البارون" بيتًا حقيقيًا للرعب تدور حول سماع أصوات لنقل أساس القصر بين حجراته المختلفة في منتصف الليل، والأضواء التي تضيء فجأة في الساحة الخلفية للقصر وتنطفئ فجأة أيضًا، وتبلغ درجة تصديق السكان المجاورين للقصر حدًا كبيرًا، فيصرح بواب إحدى العمارات المواجهة للقصر بأنّ الأشباح لا تظهر في القصر إلا ليلًا، وهي لا تتيح الفرصة إلى أحد أن يظل داخل القصر مهما كان الثمن.

ويكمل قائلًا أنّ "ما يقال عن وجود الأشباح صحيح، والذي يؤكد ذلك ما حدث في عام 82، حيث شاهد العديد من المارة دخانًا ينبعث من غرفة القصر الرئيسية، ثم دخل في شباك البرج الرئيسي للقصر، بعدها ظهر وهج نيران ما لبث أن انطفأ وحده دون أن يعمل على إطفاؤه أحد.
ويظل هذا السؤال مطروحًا لدى كل من سمع عن قصر البارون والشائعات التي تنتشر حوله، لماذا هذا البناء بالذات؟ ربما كانت حياة البارون التعسة هي أحد أهم الأسباب التي زادت من قصص الأرواح التي تناقلها الناس لمائة عام.

والسبب في الغموض الذي يحيط بالمنزل أنه يوجد في القصر غرفة حرّم "البارون إمبان" دخولها حتى على ابنته وأخته "هيلانة" وهي الغرفة الوردية في بدروم القصر، وهذه الغرفة تفتح أبوابها على مدخل السرداب الطويل الممتد إلى كنيسة البازيليك والتي دفن فيها البارون بعد موته.

ومن الأسباب التي أدت إلى زيادة الغموض أيضًا تلك القصة التي تحكي عن مقتل أخت "البارون" الصغرى "هيلانة" بعد سقوطها من شرفة غرفتها الداخلية، وقت ما كان يدور البارون في برج القصر ناحية الجنوب، وتوقفت القاعدة عن الدوران في تلك اللحظة بعد ما هب البارون لاستطلاع صرخات أخته، وكانت هذه هي الشرارة الأولى لقصص الأشباح التي تخرج من غرفة أخت البارون لغرفته الشخصية.

وهو ما جعل القصص الشعبية تشير إلى أنّ روح "هيلانة" سخطت من تأخر البارون في إنقاذها، وهو ما عطل تروس دوران البرج الدائر التي لم تدر منذ ذلك الحين حتى موت البارون نفسه عام 1928.
في ما إدعى البعض أنّ هناك أصوات مختلفة تصدر من القصر ليلًا، بعضها شجار وبعضها صراخ للبارون وأخته التي كانت قد ماتت بالفعل، ودفنت جثتها في مكان ما في صحراء مصر الجديدة، ومنذ ذلك الحين وأهالي حي مصر الجديدة القدامى يعتقدون أنّ البارون "إمبان" كان قد نجح بعد وفاة أخته في تحضير روحها إلى الاعتذار عن عدم مبادرته بسرعة إنقاذها بعد سقوطها من غرفتها، وربما عدم قبول روح أخته الاعتذار هو الذي أدخله مرحلة اكتئاب أدت في النهاية إلى وفاته.

وخلال الأعوام الثلاثين المُنقضية زادت إهتمامات المغامرين في مبنى القصر، وبعضهم كان يفضل تنظيم حفلات الشواء أعلى برجه الذي كان يدور يومًا ما، لذلك ارتبطت سيرة القصر بكثير من الظروف التي أضافت حوله هالة من الإثارة والغموض، وربما هذا ما يفسر ظهور أكثر من كتاب في السوق يتناول "قصة قصر الأشباح الذي كان يملكه البارون إمبان".

ويفسر أيضًا المحاولات المستمرة لشركات الإنتاج الفنية الأجنبية لعرض مبالغ طائلة للدخول إليه وتصوير بعض مشاهد أفلامها في الداخل.

والأكثر إثارة أنّ معظم ما طلبت الشركات الأجنبية تصويره داخل القصر كانت مشاهد رعب الأفلام تشبه إلى حد كبير "كونت دراكولا" و"مصاص الدماء" الأمر الذي يشير إلى أنّ قصة "قصر الرعب" لم تقتصر على المصريين فقط بل امتدت إلى العالم أجمع.
وقد نادى الكثير من المثقفين المصريين بالإهتمام بالقصر وترميمه وتحويله إلى متحف مفتوح للجمهور أو مركز ثقافي متميز لما يميزه من طراز معماري ونقوش وثماثيل رائعه الجمال، لكي يصبح منارة ثقافية كبرى، ولكي تنتهي خرافة بيت الأشباح إلى الأبد.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصر البارون قصة تحفة فنية حولتها الخرافة إلى بيت الرعب قصر البارون قصة تحفة فنية حولتها الخرافة إلى بيت الرعب



GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon