توقيت القاهرة المحلي 01:52:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أن ترفض!!

  مصر اليوم -

أن ترفض

بقلم : دينا عبدالكريم

 الطفل المهذب يقول حاضر ونعم.. هكذا علمونا أن الموافقة هى الفعل الأقرب للصواب!!.. ومن ثم ترسخت لدى أجيال طويلة فكرة (المطيعون) و(المشاكسون) وتم تصنيف الناس وفقا لتلك الفكرة بلا هوادة!!

تصنيف سخيف لا يرقى لمرتبة الفهم الأولى لطبيعة البشر أو لاحترام بديهيات خلق الله للناس مختلفين ومتباينين.. بقليل من التفكر تدرك أن اختيارات الحياة تختلف فيها أهمية الموافقة والرفض تبعا للمراحل العمرية.. فكلما كبرنا صارت كلمة (لا) أهم وأغلى وأكثر كلفة ومسؤولية من كلمة (نعم) بمراحل كبيرة!

فكل الاختيارات السهلة والمتاحة والمقبولة من جموع الناس هى فى الغالب الاختيارات الخاطئة التى لا تؤدى إلى نجاح يذكر أو تدفع لأى تغيير فى الواقع.. (نعم) لا تحتاج إلى قوة أو إرادة أو حتى تقييم للموقف!.. تستطيع بسهولة أن توافق على كل فكرة وكل عرض يُعرض عليك وكل فرصة متاحة! فما أسهل أن توافق.. فتحظى بكل القبول والاستحسان ولن يستاء منك أحد.

كل الجرائم الأخلاقية الكبرى حدثت بسبب عرض خسيس لاقى قبولا، وكلمة (نعم) كانت حاضرة بدون تفكير!

كل خيانة للأمانة وللوطن وحتى للحب كانت فى الأصل فكرة لاقت قبولا وموافقة ممن قالوا فى الخفاء نعم!!

بينما تحتاج كلمة (لا) إلى كثير من القوة وكثير من المبادئ حتى تقوى على الوقوف فى وجه تيارات عنيفة من الشر المباح والمقبول اجتماعيا بدرجات متفاوتة، فاختلاف الأسماء يجعل الرفض أصعب، فلم تعد السرقة اسمها سرقة، فقد صارت فهلوة وتخليصا وشطارة أحيانا! ولم يعد الجبن والخسة بهذا الوضوح فقد أصبحا مواءمة وتسييرا للأمور.. كلمة لا.. لا تخرج سوى من أشخاص اتضحت لديهم الرؤية.. وأصبحوا قادرين على التمييز.. ومقدرين للثمن الذى يدفعونه مقابل تلك الكلمة أو للفرص التى ستتجاوزهم لأنهم رفضوا ما يقبله الجميع!!

كلمة (لا) هى الأصعب والأهم والأكثر كلفة لأصحابها.. فاحترموا قائليها.. لأنهم ليسوا دائما مشاكسين، ولكنهم أشخاص لم يتشوهوا بداء الرغبة المحمومة فى التأييد لكل فكرة وكل عرض.. ولم يعطلوا عقولهم عن التمييز بين المواقف والأفعال.

تشرفت بحضور تدريب لقادة الشباب كان عنوانه (بلا ندم!) حيث يُعلمون القادة أن يقدموا لشبابهم فى بداية حياتهم مهارة قول (لا) ويعطوهم الأمثلة والمواقف.. تدريب حقيقى يجعل من الطفل غير الناضج والمراهق المتمرد شخصا واعيا يدرك قيمة الرفض وطريقته وتوقيته!

الأصل هو القدرة على قول كلمة (لا) فى الوقت المناسب.. والقدرة على قول كلمة (نعم) فى الوقت المناسب.

فالحمقى فقط هم من يقولون (لا) على طول الخط.. أولئك الذين يرغبون فى إثبات وجودهم بالاختلاف وصناعة الخلاف ويروجون أن الكل- ماعداهم- مخطئون!!

يقولونها دون الاستناد لمبدأ أو رأى.. يقولونها لأجل التمرد وسخافة الجدل! يستشهدون بكلمات سبارتاكوس الأخيرة لأمل دنقل «المجد لمن قال لا فى وجه من قالوا نعم!».

لكن الحقيقة أنها كانت مدحا فى الشيطان على اعتبار أن رفضه جرأة!!! بينما رفضه فى الأصل كان كبرياء أفناه وضيع الملايين من البشر خلفه!!

والخاسرون فقط هم من يقولون (نعم) على طول الخط.. يقولونها ليضمنوا القبول والبقاء وفى النهاية سيخسرون حتما كل شىء!

أن ترفض.. هى حتما قوة ومهارة!!

وأن تفهم متى ترفض.. هذا هو الأهم!.

نقلا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أن ترفض أن ترفض



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon