توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آليات تعزيز شفافية الموازنة المصرية

  مصر اليوم -

آليات تعزيز شفافية الموازنة المصرية

بقلم - عبدالفتاح الجبالى

 صدر أخيرا تقرير مؤسسة الموازنة الدولية الذى يقيس مستوى شفافية الموازنة فى 115 دولة، من خلال مسح الموازنة المفتوحة الذى تعتمد فيه على تحليل بيانات الموازنة والتقارير المنشورة المتعلقة بها، كما يقيس درجة توافر فرص المشاركة المجتمعية فى عملية إعداد الموازنة، وقوة السلطة التشريعية والأجهزة الرقابية ورغم التراجع العالمى فى درجات الشفافية لمعظم البلدان فإن الترتيب المصرى قد تحسن كثيرا حيث قفز 25 نقطة ليصل إلى 41 نقطة مئوية، وهو ما يقترب من المتوسط العالمى البالغ 43 نقطة ،وجاءت مصر فى المرتبة الـ 65، وهو التحسن الأول منذ ست سنوات، ورغم هذا التحسن العام فإن هناك بعض جوانب الضعف الشديدة تتمثل فى عدم توفير الفرصة الكافية للمواطنين للمشاركة فى صنع الموازنة، حيث حصلت على 11 من 100 درجة، وكذلك ضعف رقابة السلطة التشريعية على الموازنة فى مراحلها المختلفة حيث لا تقوم لجان المجلس بعقد جلسات استماع للخبراء والمتخصصين عند مناقشة المشروع، كما أنها لا تنشر وجهات نظرها على الجمهور، وكذلك عدم إتاحة بعض التقارير الخاصة بالمتابعة للرأى العام وتحديدا تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات والحسابات الختامية وهى أمور يمكن تلافيها بسهولة

تأتى أهمية هذا المؤشر فى ضوء العديد من الاعتبارات، خاصة أن الرقابة على المال العام تعد أحد الأدوار الأساسية المميزة لجميع المجتمعات، بل إن نشأة البرلمانات أساسا جاءت لتحقيق هذه العملية. وكلنا نتذكر المقولة الأساسية «لا ضرائب دون تمثيل» والتى جاءت عقب «الماجنا كارتا» او العهد العظيم فى اوائل القرن الثالث عشر، والذى نص على ضرورة أن يدعو الملك المجلس الكبير للمملكة للاجتماع فى أوقات معينة ولأغراض منوه عنها، ولتقرير المصروفات والإيرادات، كما أنه لا يجوز فرض ضريبة دون موافقة المجلس العام للمملكة وهى الخطوة التى تعد وبحق الأولى نحو تحقيق الحكومة البرلمانية. من هنا كان من الضرورى العمل على تدعيم وتعزيز الرقابة المالية بصورة تجعلها قادرة على الحيلولة دون العبث بالمال العام أو إهداره. ولهذا شهدت الآونة الأخيرة اهتماما متزايدا على جميع المستويات النظرية والعملية، وكذلك فى مختلف الدول المتقدمة والنامية، بعملية صنع الموازنة ومدى الشفافية التى تتمتع بها، وبكفاءة إدارة المالية العامة وبصفة خاصة إدارة الإنفاق العام والدين العام.

من هنا تأتى أهمية الموازنة باعتبارها وثيقة سياسية وقانونية تخدم أهداف الرقابة الدستورية وتضمن المشاركة الفعالة من جانب جميع فئات المجتمع. وهو ما يتطلب بدوره المعرفة الكاملة بالأوضاع المالية والشفافية المطلقة فى عرض بنود الموازنة للأغراض الاقتصادية، ومن أجل المزيد من المساءلة السياسية أمام السلطات الرقابية والتشريعية والشعبية. إذ تعد الشفافية من العوامل الضرورية التى تمكن مجلس النواب والمجتمع بوجه عام من مراقبة الحكومة ومحاسبتها. ويستلزم تحقيق الشفافية توضيح أهداف الموازنة وكذلك توزيع الإنفاق على البنود المختلفة، بالإضافة إلى توفير بعض المؤشرات التى تساعد على متابعة الموازنة، فضلا عن ضرورة نشر المعلومات حول ما تم تنفيذه من أهداف الموازنة.

وهذه الأمور تتحقق عند صنع الموازنة وكذلك عند التنفيذ الفعلى لها. ففى المرحلة الأولى تطرح عدة تساؤلات عن مدى الاستجابة لاحتياجات المجتمع؟ ومدى العدالة فى الإيرادات والنفقات؟ ومدى المساواة فى الأعباء؟ وأخيرا مقدار الشفافية التى تتمتع بها؟ وهنا تبرز أهمية الفهم التام والإدراك الكامل لكيفية تخطيط وإعداد الموازنة وتنفيذها، مما يؤكد ضرورة البحث عن إجابات لبعض التساؤلات من أهمها ـ من المسئول عن تخطيط وإعداد الموازنة؟ وما هى حدود الدور الذى تلعبه وزارة المالية وعلاقتها بالوزارات الأخري؟ وما هو دور كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية فى هذا الخصوص؟ ماهى المراحل الأساسية فى إعداد الموازنة، وهل تتسم هذه العملية بالشفافية الكاملة فى مختلف مراحلها؟ هل المعلومات تتاح فى الوقت المناسب وبالشكل الذى يمكننا من الاعتماد عليه؟ ما هى سرعة إعداد الحسابات الختامية بعد نهاية السنة المالية؟ وهل هناك خطوط واضحة للمساءلة السياسية والقانونية؟ كل هذه التساؤلات وغيرها هى محور الحديث عن شفافية الموازنة والمشاركة المجتمعية فى صنعها، وترتبط هذه العملية بأربعة أمور أساسية هي، كيفية صنع الموازنة العامة للدولة، ودور السلطة التشريعية والمجتمع المدنى فيها، ومقدار الشفافية التى تتمتع بها الموازنة فى مراحلها المختلفة، وآليات مناقشة الحساب الختامى والسلطات الممنوحة للبرلمان فى هذا المجال. وبالتالى تعد الشفافية فى جميع مراحل إعداد الموازنة من العوامل الضرورية التى تمكن مجلس النواب والمواطنين بوجه عام من مراقبة الحكومة ومحاسبتها. ولهذا أصبح مقدار الشفافية الذى تتسم به الموازنة العامة أحد المعايير الأساسية للحكم على حسن إدارة المالية العامة جنبا الى جنب مع محور فعالية السياسة المالية وكذلك سلامتها. من هذا المنطلق تأتى أهمية مؤشر شفافية الموازنة باعتباره الدليل الأساسى فى هذا المجال استنادا إلى استطلاعات للراى مفصلة

وهناك عدة محاور لدراسة مقدار الشفافية الذى تتمتع به الموازنة العامة للدولة، وهى تتعلق بتفاصيل البيانات والمعلومات المقدمة فى الموازنة سواء تعلق ذلك بالإيرادات أو المصروفات وأعباء الدين العام وغيرها من الأمور المالية المهمة. ومقدار المعلومات التى يمكن للجمهور الحصول عليها بطلب يقدم إلى الجهة المخول لها إصدار الموازنة، ولذلك فهذا التعريف يشمل المعلومات المتوافرة عبر إجراءات محددة تضمن نشر الوثائق العامة لكل الأطراف المهتمة، إضافة إلى المعلومات او الوثائق التى لا تتوافر إلا بالطلب. ويقيس مؤشر شفافية الموازنة وضع الدولة من حيث كمية المعلومات المنشورة؛ والوقت الذى تتيحه السلطة التنفيذية للبرلمان لمناقشة الموازنة وعلاقة السلطة التنفيذية بمراجع الحسابات

وتجدر الإشارة إلى عدة ملاحظات أساسية، تحول دون تفعيل المشاركة المجتمعية فى صنع الموازنة، منها عدم وجود وثيقة متكاملة وشاملة عن الموازنة تقدم للبرلمان، إذ إن كل ما يقدم عبارة عن بيان مالى يلقيه وزير المالية لا يحتوى على كثير من الأمور المهمة. ناهيك عن غياب تفاصيل الاستثمارات العامة وفقا للقطاعات الوظيفية، مع ملاحظة ان التقسيم الوظيفى للمالية يختلف عن التقسيم الوظيفى للتخطيط. وعدم تحديد لجان استماع من خارج المجلس، خاصة من جانب الخبراء والأكاديميين والمجتمع المدنى فى مجالات التخصص وليس المسئولين الحكوميين وغيرها من الأمور التى تساعد كثيرا فى تحسين شفافية الموازنة المصرية.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آليات تعزيز شفافية الموازنة المصرية آليات تعزيز شفافية الموازنة المصرية



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 09:00 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 13:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 03:35 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الكركم المهمة لعلاج الالتهابات وقرحة المعدة

GMT 02:36 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

فعاليات مميزة لهيئة الرياضة في موسم جدة

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

نجل أبو تريكة يسجل هدفا رائعا

GMT 12:42 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات جبس حديثه تضفي الفخامة على منزلك

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجموعة Boutique Christina الجديدة لموسم شتاء 2018

GMT 11:46 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

الذرة المشوية تسلية وصحة حلوة اعرف فوائدها على صحتك

GMT 09:42 2020 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك 4 مخاطر للنوم بعد تناول الطعام مباشرة عليك معرفتها

GMT 21:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

بدرية طلبة على سرير المرض قبل مشاركتها في موسم الرياض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon