توقيت القاهرة المحلي 01:52:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في الفكر والسياسة

  مصر اليوم -

في الفكر والسياسة

بقلم - د. محمد السعدني

في عشرات المقالات التي قدمتها لك في هذا المكان عن وضعية التعليم العالي والبحث العلمي في بلادنا كنت قد توصلت إلي أن مشكلة التعليم والبحث العلمي تنحصر في إدارته لا في بنيته وتمويله وإمكاناته، بل سقت لك عشرات الأدلة علي غني المدرسة العلمية المصرية من حيث رأس مالنا الفكري الذي هو عماد البحث العلمي وهو مكون من الأساتذة المؤهلين والباحثين النابهين والأبحاث الجادة وبراءات الاختراع والإبداعات الكثيرة رغم محدودية التمويل والتجهيز، المعضلتين اللتين يمكن التغلب عليهما بحسن الإدارة ورشادة توظيف الإمكانات المحدودة وفق أولويات دافعة للتفوق والنبوغ، ولقد أكدنا ذلك بسابق تجربتنا مع زملائنا الباحثين في مدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية ببرج العرب، حيث خاطبنا المجتمع العلمي الدولي بإنجازات كانت علامة علي القدرات المصرية التنافسية رفعت لها القبعات في المحافل الدولية، ثم تلتها تجربتنا الشخصية في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حيث حصدنا تقدير العالم في مجال البحث العلمي النوعي المتفوق علي مستوي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام 2016، متخطين العديد من الجامعات العريقة، ذلك بفضل رشد إنتاج وإدارة المعرفة والبحث. ولعلنا اليوم أمام إنجاز علمي كبير رحب به المجتمع الدولي أكثر مما اهتم به إعلامنا المغيب فاقد الوعي ومحدود الأفق، مع إنه إنجاز لا يباريه إنجاز آخر في كل المجالات، فقد توصل فريق بحثي محدود العدد والإمكانات من كلية العلوم جامعة المنصورة لكشف علمي هو في الحقيقة اختراق أو Break through. فحسب ما تناقلته وكالات الأنباء والمواقع العالمية فقد تمكن فريق عمل بقيادة الدكتور هشام سلام، مدير مركز الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة، من اكتشاف هيكل ديناصور شبه كامل، في واحة باريس جنوب الواحات الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، أسموه »منصورة صورس»‬ يبلغ طوله 10 أمتار، ووزنه نحو 5 أطنان، وعمره نحو 75 مليون سنة، وهو الأول من نوعه في إفريقيا، ويوثق آخر 30 مليون سنة من العصر الطباشيري (منذ 135 إلي 65) مليون سنة، حيث إن جميع الديناصورات المكتشَفة من قبل كانت تنتمي إلي مرحلة في العصر الطباشيري المتأخر تعود إلي أكثر من 95 مليون سنة مضت. وهو اكتشاف يساعد علي فهم أعمق لتاريخ إفريقيا المفقود من خلال عالم الديناصورات، كما يساعد في تفسير النظريات الجغرافية عن الكرة الأرضية وتكون القارات، كما يضيف حتماً لتفسير كثير من الفروضات الجيولوجية والبيولوجية خصوصاً فيما يخص النشوء والارتقاء والتطور، ولعله في تقديري يفيد الكثير من الدارسين حتي في العلوم النظرية من مجالات التاريخ والأنثربولوجيا والجغرافيا وقبلها بالطبع علوم الجيولوجيا. ولعل أهم ما في الأمر أن ذلك الاكتشاف يضع المدرسة العلمية المصرية في مصاف المدارس المرموقة عالمياً، ولعل بذلك قد ارتفع مركز المنصورة بإمكاناته البسيطة إلي محط أنظار العالم، بفضل مدرسة علمية ناشئة يقودها أستاذ جامعي شاب عالم ومؤهل ومعه طالباته الباحثات الصغيرات كونوا مدرسة علمية لابد أن تحتفي بها الدولة، لأنهم بمقاييس الكرة التي هي محط الاهتمام العام، فقد أحرزوا كأس العالم بالفعل، وأتصور أن يتم تقليدهم النياشين والأوسمة وأن يحتفي بهم الإعلام ليصبحوا القدوة والنموذج. وأطلب إلي وزير التعليم العالي أن يوفر لهم ولمن هم في مثلهم سيارات الدفع الرباعي وكرافانات ووسائل التخييم وتجهيزات البحث، وعلي رئيس أكاديمية العلوم والتكنولوجيا أن يخصص لهم ميزانية مشروع بحثي من صندوق تمويل البحث العلمي، وعلي مكتبة الإسكندرية أن تخصص برنامجاً نشطاً للمدارس العلمية والبحثية في مصر وهي كثيرة ومميزة وبعضها وصل للعالمية لابد من تسليط الضوء عليها، فليبدأوا بهذا الفريق وغيره فرق بحثية أخري لأن ذلك يخلق مناخاً علمياً يدعمه زخم ثقافي وإعلامي لازمان لنهضة منشودة، فحرب المكتبة علي الإرهاب كما أعلنها د. مصطفي الفقي لا تتم بالفن والأدب دون مشروع ثقافي علمي متكامل الجوانب، ولعلي في هذا أطلب إلي د. الفقي أن يخرج بالمكتبة من »‬الجيتو» المغلق ويجتذب المجتمع العلمي والجامعي من حوله، فذلك الجيتو لم يتغير منذ نشأة المكتبة ولم تتجدد دماؤه علي مدار سنوات.
وإذ أشكر المذيع المحترم عمرو عبد الحميد الذي ذهب لفريق جامعة المنصورة وقدمهم للناس واحتفي بهم في مبادرة ذكية ووطنية في آن، فلا أتوقع ولا أرجو شيئاً من لجنة الثقافة العلمية في المجلس الأعلي للثقافة التي لم نلحظ لها نشاطاً يذكر أو دوراً يشكر إلي حفاظهم علي مبدأ الشللية واستبعاد المؤهلين والقادرين. إن وضعية العلم البائسة في بلادنا المحروسة يمكن تغييرها للأفضل إذا ما تعهدنا رأس مالنا الفكري بالرعاية والحفاوة وحسن التوظيف. مبروك لجامعة المنصورة ولمصر بالدكتور هشام سلام وفريقه الرائع

نقلا عن الاخبار القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الفكر والسياسة في الفكر والسياسة



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon