توقيت القاهرة المحلي 07:20:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسرار غضب البشير من وزير خارجيته

  مصر اليوم -

أسرار غضب البشير من وزير خارجيته

بقلم - خالد أبو بكر

(1)

انشغلت وسائل الإعلام العربية طيلة الأيام الماضية بالحديث عن استقالة وزير خارجية السودان، إبراهيم الغندور، على خلفية احتجاجه على انتزاع العديد من ملفات السياسة الخارجية من وزارته؛ ذلك أن الرئيس السودانى عمر البشير أصدر فى بدايات 2016 قرارا بتعيين عوض أحمد الجاز مسئولا عن ملف الصين بدرجة مساعد رئيس جمهورية، وكذلك ملف العلاقات مع دول «البركس» (الصين، روسيا، الهند، البرازيل وجنوب إفريقيا)، وأخيرا أسند البشير إليه أيضا ملف العلاقات مع تركيا؛ للدرجة التى تجعل من الجاز وزيرا موازيا للخارجية السودانية، وهو ما دفع الغندور لتقديم استقالته المسببة.

(2)

تضاربت الأنباء كذلك عن قبول البشير لاستقالة وزير خارجيته، لكن الذى تأكدت منه من مصادر سودانية رسمية واسعة الإطلاع أن الغندور تقدم بالفعل باستقالته لذات الأسباب التى سردتها توا، وأنه قدم هذه الاستقالة مكتوبة إلى وزير شئون رئاسة الجمهورية، فضل عبدالله بحر، وأن وسطاء من داخل النظام تدخلوا لإقناع وزير الخارجية بالعدول عن استقالته، وهو ما تم بالفعل اذ يمارس الغندور مهام منصبه الآن.

المصادر نفسها أكدت أن «عدول الغندور عن الاستقالة لم ينه الأزمة؛ ذلك أن البشير استشاط غضبا من الوزير؛ لأنه قدم استقالته إلى وزير شئون رئاسة الجمهورية، متجاهلا بذلك رئيس الوزراء والبشير شخصيا، وتساءل الرئيس السودانى فى حديثه إلى المقربين منه: ما الذى كان يمنع وزير الخارجية من التحدث إلى مباشرة فى الأمور التى تزعجه؟ هل هو غير قادر على التحدث إلى فى هذا الأمر ونحن نلتقى دوما؟ وهل بداية الاعتراض تكون بالاستقالة؟

وبحسب المصادر نفسها فإن البشير على الرغم من عدم اعتراضه على عودة الغندور لعمله إلا أنه لم يبت حتى الآن فى الاستقالة، وبات الوزير فى عداد «من ينتظر مصيره».. لا يعرف ما يدور فى عقل الرئيس.. وهل تجاوز مسألة الاستقالة، أم أنه بالفعل عازم على قبولها وتعيين السفير السودانى فى بروكسيل مطرف صديق النميرى وزيرا للخارجية.

(3)

السبب الرئيسى فى العلاقة المضطربة بين الرئيس السودانى ووزير خارجيته أراه مرتبطا بـ«ملف العلاقة مع الولايات المتحدة» وليس ملف إدارة العلاقات مع مصر كما يردد البعض؛ فإنجاز الغندور الأول منذ تولى منصبه الوزارى فى 2015، هو نجاحه فى تخفيف عقوبات أمريكية اقتصادية على السودان استمرت 20 عاما، بعد مفاوضات استمرت لأكثر من 6 أشهر، وبناء على ذلك يرى وزير الخارجية أنه بالإمكان استصدار قرار أمريكى مماثل برفع السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، وأنه يمكن البناء على ذلك فى التوصل لتسوية لقضية البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية.

غير أن البشير بمرور الوقت فقد الثقة فى الأمريكان ويرى أنهم يماطلون ويناورون فى هذا الملف، وهو ما دفعه إلى شن هجوم حاد عليهم فى أثناء زيارته لروسيا أواخر نوفمبر الماضى، إذ قال إن بلاده بحاجة إلى حماية من العدوان الأمريكى، عندما ذكر أن «الأمريكان نجحوا فى تقسيم السودان لدولتين وساعين لمزيد من التقسيم»، وهو ما صدم الغندور الذى فوجئ بتصريحات رئيسه المعادية للولايات المتحدة، والتى تقوض كل جهوده فى تطبيع علاقات بلاده مع واشنطن، وخروجها من تصنيف الدول الراعية للإرهاب، الأمر الذى يعرضها لعقوبات اقتصادية قاسية.

(4)

بحسب ما أكدت المصادر فإن «حضور الغندور القمة الإفريقية المقرر أن تبدأ أعمالها غدا فى أديس أبابا خلف الرئيس السودانى، ما يزال يكتنفه الغموض»، وشددوا على أن غيابه عن هذه القمة سيؤشر بنسبة كبيرة جدا على أن الرئيس يعتزم بالفعل قبول استقالته، إذ من غير المعقول غياب وزير الخارجية عن هذه القمة المهمة التى يحضرها رئيس الدولة.

فى الختام نقول إن المتابع لصناعة القرار فى سياسة السودان الخارجية، يلحظ جنوح رئاسة الجمهورية إلى القيادة المباشرة للدبلوماسية السودانية، على حساب وزارة الخارجية، ولعل شيوع مصطلح مثل «الدبلوماسية الرئاسية» فى السنوات الأخيرة فى الداخل السودانى، خير دليل على وجود هذا التوجه، الذى يزعج الدبلوماسيون، ويخلق نوعا من التضارب بين المؤسسات، ويتسبب فى الانعطافات الحادة المفاجئة فى حركة السودان على المسرحين الإقليمى والدولى.

نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسرار غضب البشير من وزير خارجيته أسرار غضب البشير من وزير خارجيته



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon