توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل من عقل رشيد؟!

  مصر اليوم -

هل من عقل رشيد

بقلم - كريمة كمال

هل تتصرف الدولة المصرية كدولة، أم القائمون على مؤسساتها يتحركون برد فعلهم لما يجرى كأشخاص، ويجرجرون الدولة وراءهم فى رد الفعل هذا؟

الأمثلة كثيرة على هذا، ولدينا فى يوم واحد مثالان.. القبض على المستشار هشام جنينة، بعد إدلائه بتصريحات استفزت البعض داخل الدولة، وتصريحات لرئيس مجلس النواب المصرى، هاجم فيها وسائل الإعلام التى تنتقد عمل البرلمان قائلا: «خسارة أن يحملوا الجنسية المصرية»، موضحا أن بعض الدول تم هدمها بسبب أصحاب الياقات البيضاء الذين يقيمون فى الفنادق، من خلال أموال تضخ إليهم مكّنتهم من الوصول إلى الإعلام والهجوم على الدول وأن أمثال هؤلاء فى دولة شقيقة أسقطوا دولتهم بهدم مؤسساتها، وأسقطوا جيشهم وشرطتهم، بل إن رئيس المجلس صرح بأن كثرة طلب الكلمة من النواب لعرض تعديلات على مشروعات القوانين محاولة لتنفيذ مؤامرة داخل البرلمان تتم حياكتها داخل مكاتب النواب.

مرة أخرى: هل تتصرف الدولة هنا كدولة، أم أن استفزاز بعض المسؤولين فى الدولة من التصريحات التى أدلى بها رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات السابق دفعها لرد الفعل هذا؟! كما أن انتقاد الإعلام لمجلس النواب الذى يضيق به صدر رئيس المجلس دفعه لمثل هذه التصريحات التى تخلط ما بين انتقاد المجلس وهدم مؤسسات الدولة، بل تجعل من طلب النواب للكلمة مؤامرة تحاك فى الخفاء.

تبدأ المشكلة من الدمج بين الدولة والأشخاص القائمين على المؤسسات، فيصبح انتقاد هؤلاء انتقادًا للدولة ومحاولة لهدمها، ولأن هؤلاء يعتبرون أنفسهم الدولة، فهم يمنحون الوطنية لمن يريدون، وينزعونها عمن يريدون هم هنا يتصورون أنهم يملكون صك الوطنية وصك الجنسية، وهنا يرى رئيس مجلس النواب أن من ينتقد لا يستحق الجنسية المصرية بصفته من يمنحها أو يمنعها.. كل ذلك يبدأ فى الواقع من خطاب فاشى يتصدر البرامج الليلية، ويرسخ كل ليلة لمثل هذا المفهوم الذى يخلط ما بين المسؤول والدولة والذى يمنح ويمنع صكوك الوطنية، ويتهم هذا بالخيانة، وذاك بالعمالة دونما أن يكون هناك تحقيق يجرى فى جهة قضائية أو أعمال لأى شكل من اشكال القانون فهؤلاء الإعلاميون الذين يتبنون هذا الخطاب الفاشى يثقون بامتلاكهم هذا الحق فى تخوين هذا وترويع ذاك، ومنهم ينتقل هذا الخطاب لبعض المسؤولين الذين يضيق صدرهم بتصريحات ما أو يغضبهم انتقاد ما فيتم تصعيد هذا الاستفزاز أو هذا الانتقاد برد فعل على مستوى استهداف الدولة دون أن يكون هناك ما يؤكد أن هذا أو ذاك يخضع لاختراق القانون.

قد يكون مفهوما أن يحدث ذلك فى دولة وليدة لا تعلم ما الذى تعنيه الدولة، أما أن يحدث فى أقدم دولة فى التاريخ، فهذا هو ما يستعصى على الفهم حقا.. والواقع أن هذا الخطاب الفاشى الذى يصدر الدولة فى المواجهة، ويجعل من كل كلمة وكل تصريح استهدافا لها يزداد حدة يوما بعد يوم، ويزداد تصعيدا يوما بعد يوم، بحيث بات كثير من التصرفات وردود الأفعال مبالغا فيها إلى حد العبث، فمن يروج لهذا الخطاب، سواء من بعض المنصات الإعلامية أو بعض المسؤولين فى مؤسسات الدولة يجد فيه سلاحا يشهره فى وجه خصومه أو فى وجه من يختلف معه حتى فى الرأى، وهو فى هذا يعتمد على تأجيج المشاعر الوطنية لدى الجمهور المتلقى، كما يستهدف من ناحية أخرى مشاعر الخوف لدى هذا الجمهور باستدعاء نظرية المؤامرة التى تستهدف هدم الدولة لنغدو مثل سوريا وليبيا وبمثل هذه المشاعر المتضاربة ما بين الحماسة الوطنية والخوف يتم اعتماد هذا الخطاب الفاشى، دونما أى أعمال للعقل الذى يستند للمنطق والفرز على خلفية من القانون والدستور.

مرة أخرى: هذا الخطاب الفاشى المكارثى الذى يحتكر الوطنية يدخلنا فى حالة من العبثية تزداد حدة يوما بعد يوم، فهل من صوت عاقل فى الدولة يضع حدا لهذا؟!

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من عقل رشيد هل من عقل رشيد



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon