توقيت القاهرة المحلي 07:20:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حقوق الإنسان الإرهابي

  مصر اليوم -

حقوق الإنسان الإرهابي

بقلم : محمد صلاح

 هل يعتقد أي عاقل، أن تقريراً لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» سيجعل الدولة المصرية ترتعد وتخشى تأثيرات التقرير وتداعياته وردود الفعل حوله، ما يدفعها إلى تغيير سياستها وخططها واستراتيجيتها في مواجهة الإرهاب، أو طريقة التعاطي مع جماعة الإخوان المسلمين ليرضى عنها أصحاب التقرير والقائمون على المنظمة؟ الإجابة بكل تأكيد هي: لا، ليس لأن الحكم في مصر متعنت أو يضرب عرض الحائط بتقارير المنظمات الحقوقية عموماً وهيومن رايتس ووتش خصوصاً، أو لأن تقارير تلك المنظمات تعتمد على شهادات مزورة وأقوال مرسلة أو معلومات تمدها بها جماعة الإخوان المسلمين أو شخصيات أخرى طالتها شبهة ممارسة أو دعم الإرهاب، ولكن ببساطة لأن الدولة المصرية تخطت المرحلة التي كانت تعمل فيها حساباً لتقارير حقوقية، أو مقالات صحافية أو بيانات تصدر عن مؤتمرات وندوات تنفق عليها دول بعينها وتنظمها جهات محددة ويحضرها أشخاص معروفون بعدائهم للدولة المصرية أياً كان الحكم الذي يحكمها.

لا تختلف صياغة التقرير الأخير لهيومن رايتس ووتش حول الأوضاع في سيناء، عن ما تلوكه وتروج له الآلة الإعلامية للإخوان المسلمين والمنصات التي تنفق عليها قطر والقنوات التي تُبث من الدوحة ولندن وإسطنبول، ولا فرق حتى في المفردات وطريقة العرض والمطالب، ناهيك عن المعلومات، إذ يكاد يشبه تقارير أخرى أصدرتها المنظمة نفسها أو منظمات غربية أخرى عند محاكمة قادة الإخوان، أو توقيف أعضاء في الجناح العسكري للتنظيم المعروف إعلامياً باسم «حركة حسم»، أو أثناء مداهمات الشرطة لأوكار الإرهابيين والتكفيريين من عناصر «داعش» أو محافظات مصرية أخرى، فصار نشاط المنظمات الحقوقية الغربية مرادفاً لأنشطة جماعات وتنظيمات سياسية تتحكم فيها دول وقوى إقليمية، لتحقيق أهداف سياسية بعيداً عن الإنسانية. واللافت هنا أن التقرير الأخير صدر بالتزامن مع حملة يتبناها إعلام الإخوان وتروج لها اللجان الإلكترونية الإخوانية، وأنفقت أموالاً طائلة من أجل تجهيز برامج ومواد تلفزيونية، ليس بالطبع للتحذير من خطر الإرهاب في سيناء، والتذكير بما فعله الإخوان أثناء السنة التي حكموا فيها مصر، وتحويلهم شبه الجزيرة المصرية إلى مأوى للإرهابيين الفارين من كل مكان في العالم، أو إعلام الناس بتفاصيل الحملة التي يشنها الجيش والشرطة المصرية لتصفية الإرهابيين هناك وحماية الناس من العمليات الإرهابية، ولكن للزعم بأن تلك المساحة من الأراضي المصرية تتعرض لحصار من الجيش المصري!! وأن الهدف من وراء الحملة على الإرهاب ليس لتنظيف سيناء من الإرهابيين، وإنما عقاب أهالي شبه الجزيرة!! ورغم أن العملية بدأت قبل ثلاثة شهور وقاربت على الانتهاء تمهيداً لتنفيذ خطة الدولة لإعادة إعمار سيناء وتنفيذ خطة طموحة لتنميتها، إلا أن التقرير ادعى تعرض الأهالي للأذى، وأسهب في الحديث عن غياب المواد التموينية، مطالباً السلطات المصرية السماح للمنظمات الإغاثية بالوصول إلى مدن سيناء المختلفة وتقديم العون إلى الأهالي!

إنها الصياغة نفسها التي يتبناها إعلام الإخوان والناشطون الذين تمتطيهم الجماعة منذ ثورة الشعب المصري ضد حكم الجماعة التي راهنت على تفشي الإرهاب في سيناءـ ووجدت الدولة المصرية تتعافى وتتجاوز مرحلة الإخوان وتنفذ خططاً تنموية طموحة لعلاج أمرض الاقتصاد التي عانتها مصر على مدى عقود، وفي الوقت نفسه تجهز على الإرهابيين في سيناء وتصفيهم ليفقد الإخوان وكل الجهات الداعمة لهم أو تحرمهم من الورقة الأخيرة التي كانت في حوزتهم. يتذكر المصريون فيلماً تلفزيونياً جرى بثه قبل شهور، وتضمن مشاهد ملفقة ومعلومات مفبركة عن عمليات الجيش المصري في سيناء ويسخرون من أفعال كتلك، ويعتبرون أن المنتج واحد والجهة التي تنفق واحدة والهدف التي تسعى إليه المنظمات الحقوقية الغربية يتسق مع ما يحاول الإخوان إثباته. على ذلك لا ينتظر المصريون من المنظمات الحقوقية الغربية تقارير عن جرائم الإرهابيين في سيناء أو غيرها ولا عن العمليات الإرهابية لـ»حسم» أو «داعش» أو «لواء الثورة» أو أي من التنظيمات الإرهابية ذات الجذور الإخوانية، ولا عن أسر أهالي شهداء الجيش والشرطة وحزنهم على أبنائهم الذين راحوا ضحية الإرهاب، إذ لم تعد موضوعات كتلك ضمن اهتمامات المنظمات الحقوقية التي جرى اختراقها وسرطنتها، وصارت منصات لتبرير الإرهاب، واستجداء التعاطف مع داعميه، وتوفير مناخ يحمي منفذيه، لتتحول إلى جهات تسعى إلى حماية حقوق الإنسان الإرهابي!

نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقوق الإنسان الإرهابي حقوق الإنسان الإرهابي



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon